المثانة البولية هى ذلك العضو العضلي الأجوف البالوني الشكل الذي يقع في منطقة الحوض حيث تقوم بتخزين البول القادم من الكليتين عن طريق الحالبين حتى يتم التخلص منه عبر مجرى البول المعروف بالاحليل أثناء عملية التبول. ويتكون البول بمعدل 50 مل في الساعة وتقدر سعة المثانة البولية بحوالي 400 – 500 مل وبذلك فالشخص البالغ يتبول من 5-8 مرات يوميا. وتكون وظيفة المثانة البولية تحت تحكم عصبي متواصل لتخزين البول لمدة كافية لحين توفر المكان والزمان المناسب لتفريغ البول، كما ان تركيب جدار المثانة البولية فيه من الابداع الالهي الكثير اذ يتكون من عدة طبقات تكفل تحمل سمية البول طوال حياة الانسان ويتكون من عدة طبقات من الأنسجة المتراصة فمن الداخل الى الخارج هي الغشاء الطلائي البولي ثم الانسجة الضامة ثم النسيج العضلي الذي يؤدي انقباضه الى افراغ البول للخارج فسبحان من خلق فأبدع. سرطان المثانة : هو السرطان الذي يصيب الغشاء المبطن للمثانة حيث تبدأ الخلايا المبطنة للمثانة في فقدان تحكمها في النمو فتبدأ بالنمو والتكاثر بصورة عشوائية وتزيد الحالة تقدما وسوءا كلما تعمق الورم في أنسجة المثانة البولية الداخلية وصولا للنسيج العضلي. ومن المتعارف عليه علميا ان سرطان المثانة له أعلى معدلات التكرار واعادة الإصابة به مرة أخرى حتى بعد استئصاله جراحيا. وفي السعودية يعتبر سرطان المثانة نوعاً مألوفاً من أنواع السرطانات في المملكة . وتشير البيانات المشتقة من السجل الوطني للأورام في المملكة إلى أن سرطان المثانة كان الخامس من بين أنواع السرطانات الأكثر شيوعاً لدى الذكور في عام 1994م. وبحسب الاحصاءات الاخيرة المنشورة على موقع السجل لعام 2007، فقد تم تسجيل 208 حالات سرطان مثانة لدى الرجال والنساء بنسبة 2,3% من الحالات المسجلة ذلك العام واحتل الترتيب التاسع بين اكثر الاورام شيوعا عند الرجال. كما احتلت المنطقة الشمالية تليها تبوك التراتيب الاولى بنسبة حدوثه مقارنة ببقية مناطق المملكة. الانتشار: عالميا سرطان المثانة مرض شائع بين الرجال والنساء الذين تخطوا سن الخمسين، لكنه يمكن ان يشاهد في كل الأعمار حتى لدى الأطفال، وهو أكثر حدوثاً عند الذكور بثلاث مرات، ويعتبر المسبب الرابع للوفيات عند الذكور حسب الاحصائيات الامريكية، لكن مع التقدم العلمي في التشخيص المبكر لهذه الاورام وتحسن طرق المعالجة الجراحية والدوائية اصبحت فرص التحكم بالمرض افضل من سابقها وبفضل الله اصبح حوالي 80 % من مرضى سرطان المثانة يعيشون لأكثر من 5 سنوات بعد علاج المرض. الاسباب والعوامل المؤدية للاصابة: الأسباب المؤدية الى الاصابة بسرطان المثانة ما زالت غير معروفة بالتحديد ولكن هناك عدة عوامل تمهّد الطريق لمثل هذه الاصابة ومنها: 1- تقدم السن: حيث تزداد نسبة الاصابة مع زيادة العمر، ونادرا ما يصيب المرض الاشخاص أقل من 40 سنة كما ان معظم الاصابات تكون فى المرحلة العمرية بين 50 الى70 سنة. 2- التدخين: اذ يعد التدخين من أكبر العوامل التي تزيد من احتمال الإصابة، وقد كشفت الأبحاث أن المدخنين هم أكثر عرضة لخطر الإصابة بسرطان المثانة وترتفع احتمالية الاصابة لديهم بمعدل مرتين الى ثلاث مرات أكثر بالمقارنة مع غير المدخنين، وفسر العلماء هذا الأمر باحتواء التبغ على مواد مسرطنة تطرح عن طريق البول. أيضاً أفادت الإحصاءات في أوروبا وأميركا أن التدخين مسؤول عن نصف الإصابات بسرطان المثانة عند الرجال وعن 40 في المئة من سرطان المثانة لدى النساء، ويشمل التدخين السجائر بانواعها والبايب والسيجار والشيشة. ومع ان آلية التدخين في كيفية إحداث سرطان مثانة غير معروفة جيداً، لكن يكفي ان نعرف أن أكثر من 60 عاملا مسرطنا موجودا بالتبغ كما تشير الدراسات إلى أن أورام المثانة لدى المدخنين تميل إلى أن تكون كبيرة وعديدة البؤر، كما أنها تبدي درجة ومرحلة نسيجية متقدّمة، كما تجدر الاشارة الى أن إيقاف التدخين يترافق مع تراجع ملحوظ في خطورة حدوث سرطان المثانة، حيث تهبط نسبة الخطورة إلى40% بعد سنة من إيقاف التدخين، أما المدخنون سابقاً فلديهم معدّلات خطورة لحدوث سرطان المثانة أكثر من الناس الذين لم يدخنوا خلال حياتهم، حتى بعد 25سنة من الامتناع عن التدخين. 3- التعرض للمركبات المسرطنة (Carcinogens) نتيجة العمل في بعض المنشآت الصناعية مثل معامل صناعة المطاط، ومعامل الغراء، ومعامل الأصبغة، ومحطات البنزين، ومصانع الطباعة. والأفراد الذين يتعاملون بانتظام مع هذه المواد الكيميائية لديهم احتمال الاصابة بسرطان المثانة مرتفع مقارنة مع الاخرين غيرهم. فالمواد الكيميائية العضوية كالأمينات العطرية مرتبطة بصورة عالية مع سرطان المثانة وهذه المواد الكيميائية مستخدمة وبكثرة ضمن صناعة الاصباغ. والصناعات الأخرى المرتبطة بسرطان المثانة تشمل دباغة الجلود والصناعات المطاطية والمنسوجات، وأصباغ الشعر، وصناعة مواد الالوان، ومواد الطباعة. وأهم هذه المواد : • أصباغ الأنيلين (Aniline dyes) • نافثيلامين (Naphthylamine) • أمينوبايفينيل (Aminobiphenyl) • البنزيدين (Benzidine) 4- العلاج الكيماوي والإشعاعي: العلاج ببعض الأدوية المقاومة للسرطان كالسايكلوفوسفامايد وايفوسفامايد يزيد من خطر الإصابة بسرطان المثانة، كما أوضحت الدراسات أن بعض النساء اللاتي يتعاطين العلاج الإشعاعي لسرطان عنق الرحم معرضات للإصابة بسرطان المثانة. وفي المقابل لم تثبت الدراسات تعرض الرجال الذين يعالجون سرطان البروستات بالإشعاع زيادة احتمالية تعرضهم لسرطان المثانة وربما قد يكون لجرعة العلاج الاشعاعي ومدته اثر في هذا التباين. 5- التهاب المثانة المزمن: الالتهاب المزمن والمتكرر للمثانة البولية وخصوصا المتعلق بالاستعمال الطويل للقسطرة البولية يزيد احتمالية التحول السرطاني للمثانة. 6- التاريخ الطبي العائلي: اذ تزداد احتمالية الاصابة بين افراد العائلة الواحدة مما يشير الى دور العوامل الوراثية هنا. 7- الجنس: وقد ذكرنا سابقا ان الذكور أكثر عرضة للإصابة من الإناث بمعدل 3 مرات. 8- الحصيات البولية : حيث ان التهيج المزمن والمستمر لجدار المثانة بالحصيات البولية يؤدى الى زيادة نسبة الاصابة بالتحولات السرطانية فيها. 9- البلهارسيا المزمنة: البلهارسيا عامل مهم جدا للاصابة بسرطان المثانة كما في بعض الدول مثل دول حوض النيل وفي بعض الاجزاء من مناطق المملكة لاسيما الجنوبية منها. 10- النظام الغذائي: الافراد الذين يتناولون نظاما غذائيا يشمل كميات كبيرة من اللحوم المطهية بشدة والدهون الحيوانية هم أكثر عرضة للتعرض لسرطان المثانة. 11- وجود بعض العيوب الخلقية في الجهاز البولي مثل (Bladder Extrophy) وهى حالة خلقية يكون الجدار الامامي للبطن فيها غير موجود عند الولادة فى الجزء السفلي منه وهذا يؤدي الى تعرض الجدار الداخلي للمثانة للبيئة الخارجية مباشرة عند الولادة وهي حالة اسعافية تحتاج جراحة عاجلة بعد الولادة لاصلاح جدار المثانة والحوض. 12- بعض المورثات الجينية قد تكون محفزة أو مثبطة لسرطان المثانة البولية، فزيادة المورثات المحفزة أو نقصان المورثات المثبطة تكون فيها نسبة السرطان مرتفعة لدى هذه الفئة. ونظرا لمساحة هذه العيادة سيكون حديث الصفحة الطبية القادم بعون الله عن اعراض هذا المرض وطرق علاجه.