يقال أن فلاديمير بوتين، رئيس روسيا المستبد، قوض براعم الديموقراطية الناشئة، ولكنه جدد تأهيل الاقتصاد الروسي، وأقاله من كبوته. ويشبه هذا القول ما قيل عن الديكتاتور الفاشي الإيطالي، بينيتو موسوليني. فالفضل يعود الى هذا الديكتاتور في التزام القطارات جداول مواعيد الوصول والانطلاق بإيطاليا. وفي خطابه، الأسبوع الماضي، ماشى بوتين ما يقال عنه، وزعم أنه انتشل البلد من الفوضى والإفلاس الاقتصادي، وأعاد بناء الدولة بعد انهيار النظام في 1989. ولكن مزاعم بوتين ومناصريه كاذبة ومضللة. فعلى رغم نمو الاقتصاد الروسي 69 في المئة بين 1999 و2007، فاق نمو اقتصاد 11 جمهورية من الجمهوريات السوفياتية السابقة، وعددها خمس عشرة، نمو الاقتصاد الروسي. ووحدها قرقيزيا تخلفت عن معدلات النمو الروسية الاقتصادية. وشأن روسيا، جنى عدد من الجمهوريات السوفياتية السابقة ثمار ارتفاع سعر الغاز والنفط. وعلى رغم أن قيمة صادرات روسيا النفطية ارتفعت من 76 بليون دولار في 1999، الى 350 بليون دولار، في 2007، فاق نمو اقتصاد أوكرانيا نمو الاقتصاد الروسي. وجلي أن الجمهوريات السوفياتية كلها عانت، في نهاية الثمانينات، من انهيار الاقتصاد. ولكن اقتصاد هذه البلدان تعافى من نتائج الأزمة الاقتصادية، وتجاوزها. فالاقتصاد البولندي، أو اقتصاد أستونيا الصغير، أحرز نتائج أفضل من الاقتصاد الروسي. والحق ان الرئيس الروسي السابق، بوريس يلتسين، اتخذ اجراءات مهدت لتعافي الاقتصاد الروسي. وقطف بوتين ثمار الإجراءات والإصلاحات هذه. وفي عهد بوتين، تراجعت الإصلاحات الاقتصادية، وتردت. فهو أحكم قبضة الدولة على قطاعات الاقتصاد الحيوية. ويزعم بوتين أنه أعاد بناء الدولة، وعزز دورها. ولكن دولة بوتين القوية هي دولة خارجة على القانون، لا تلتزم أسس التنافس السياسي. وينهش الفساد الدولة القوية المزعومة. ويترتب هذا بداهة، على غياب المحاسبة، واحتكار شخص واحد صلاحيات الدولة. وفي 2006، حلت روسيا في المرتبة ال96 بين 175 دولة على سلم مقياس"يسر إجراء الأعمال"الصادر عن البنك الدول. ولم يتستر فلاديمير بوتين على أسفه على انهيار الإمبراطورية السوفياتية، ومعارضته توسع الاتحاد الاوروبي، وانضمام دول سوفياتية سابقة الى الپ"ناتو"حلف شمال الأطلسي. فهو لا يدرك أسباب ابتعاد الجمهوريات السوفياتية السابقة عن بلاده، واختيارها ربط مصيرها بألمانيا والولايات المتحدة. والحق أن الغرب ارتكب أخطاء أسهمت في انتهاء روسيا الى ما آلت اليه، أي الى ديكتاتورية قومية ترفع شأن القائد القوي وتعادي الغرباء والأجانب. فالغرب أساء معالجة ملف ديون روسيا بين 1991 و 1992، ولم يمد يد العون الى روسيا، ولم يساعدها على تجاوز المرحلة الانتقالية السياسية والاقتصادية. ولكن بوتين وشركاءه يتحملون مسؤولية ابتعاد روسيا من حكم القانون والديموقراطية. عن مارتن ولف،"فايننشل تايمز"البريطانية، 13/2/2008