يلتقي الرئيس محمود عباس ابو مازن ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت مساء اليوم في القدس في ظل أزمة تفاوضية خانقة بين الجانبين وجدت تعبيرها في التصريحات المتناقضة الصادرة عن مسؤولين في الجانبين في اليومين الماضيين في شأن سير العملية التفاوضية ومراميها. ففيما اعلن اولمرت أنه اتفق مع عباس في لقاءات سابقة على تأجيل التفاوض في شأن القدس الى المراحل الاخيرة من العملية التفاوضية، وان المفاوضات الجارية ترمي الى التوصل الى اتفاق اعلان مبادئ عن الحل النهائي، أعلن ناطقون فلسطينيون ان القدس ليست مؤجلة، وان الهدف من المفاوضات هو التوصل الى اتفاق يشمل جميع قضايا الوضع النهائي. وكان اولمرت اعلن امام ممثلين عن يهود اميركا في القدس مساء اول من امس ان هدفه هو التوصل الى تفاهم على"المبادئ الاساسية"لقيام دولة فلسطينية وليس التوصل الى اتفاق مكتمل الاركان للسلام بحلول نهاية العام الحالي. وقال:"لا اعرف ان كنا سنتمكن من الوصول الى تفاهم مع الفلسطينيين. آمل ان نستطيع ذلك. سنبذل كل ما في وسعنا من أجل ذلك. لكننا لن نبدأ بالقضية الاكثر صعوبة". واضاف:"القدس هي اكثر المواضيع حساسية واهمية، ولن نبدأ المفاوضات بأكثر المواضيع حساسية". وتابع:"لذلك اقترحت على ابو مازن ووافق. سنؤجل تناول موضوع القدس الى المرحلة الاخيرة من المفاوضات". وعن الوضع في غزة، قال أولمرت ان الجيش الاسرائيلي له"مطلق الحرية"في مهاجمة أي شخص، مضيفا:"لدينا حرية مطلقة تماما في الرد والوصول الى الداخل ومهاجمة أي شخص يتحمل أي نوع من المسؤولية بالنيابة عن حماس. ذلك ينطبق على الجميع وأولاً واخيرا على حماس". واعرب عن تشككه بامكان التوصل الى اتفاق على تبادل اسرى مع"حماس"قد يتيح اطلاق الجندي الاسرائيلي غلعاد شاليت. ورداً على تصريحات اولمرت، قال رئيس دائرة شؤون المفاوضات الفلسطينية الدكتور صائب عريقات ل"الحياة":"المفاوضات الجارية تشمل، وفق ما اتفقنا عليه في مؤتمر انابوليس، جميع القضايا الرئيسية الست، وهي القدس والمستوطنات والدولة واللاجئون والمياه والعلاقات المشتركة". واضاف:"لن نقبل استثناء اي من هذه الملفات او تأجيلها، هذا ما تم الاتفاق عليه وأُعلن في مؤتمر انابوليس، ولا تراجع عنه". وفي شأن العرض الاسرائيلي التوصل الى اتفاق اعلان مبادئ، قال عريقات:"المهم اولا التوصل الى حل لهذه القضايا مجتمعه، وليس مهماً ما هو تسميته، اتفاق او معاهدة او اي شيء". من جانبه، رفض عضو الوفد المفاوض ياسر عبد ربه التوصل الى اتفاق اعلان مبادئ، وقال:"لدينا اتفاق اوسلو لاعلان المبادئ، وكل ما نريده ونحتاجه هو حل نهائي". وتشهد المفاوضات بين الجانبين ازمة شديدة، وحسب مفاوضين فلسطينيين، فان اللقاءات الجارية بين رئيسي الوفدين، الفلسطيني احمد قريع والاسرائيلية تسيبي ليفني، لم تدخل بعد في جوهر العملية التفاوضية، بل ما زالت تدور حول القضايا الاجرائية والمفهومية. وزادت حدة الازمة أخيرا عقب سلسلة اعلانات اسرائيلية عن مشاريع استيطانية في القدس، وهي مشاريع استخدمها اولمرت لطمأنة شركائه في حركة"شاس"الدينية بأنه ماض في تمسكه بالقدس عاصمة ابدية للدولة العبرية. اما الفلسطينيون، فاعتبروها دليلا قاطعا على نية اسرائيل عدم التوصل الى اتفاق سياسي في المفاوضات. ويُجري عباس واولمرت لقاءات دورية شبه اسبوعية لبحث العوائق والازمات التي تظهر في المفاوضات، وغالبا ما تسفر لقاءاتهما عن اتفاقات تتناول امور الحياة اليومية من دون ان ينجحا في التوصل الى اختراق سياسي. عباس يرفض اجتياح غزة وقال عريقات ان اجندة لقاء اليوم ستتناول المفاوضات النهائية الى جانب الامور الحياتية، مشيرا الى ان عباس سيثير قضية الاجتياح الاسرائيلي الوشيك لقطاع غزة، وسيطلب من اولمرت عدم القيام بأي عمليات عسكرية في القطاع. من جهة ثانية، اتهم وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي حركة"حماس"بالوقوف عائقا امام اعادة فتح معبر رفح الحدودي مع مصر، وقال في مؤتمر صحافي امس عقب الاجتماع الاسبوعي للحكومة، ان اسرائيل وافقت على اعادة فتح معبر رفح وفق الآلية القديمة، لكن"حماس"تعترض وتهدد المراقبين الاوروبيين بعدم العودة الى المعبر، محملاً الحركة المسؤولية عن استمرار اغلاق المعبر. وينص اتفاق عام 2005 بين السلطة واسرائيل على تشغيل معبر رفح تحت رقابة اوروبية مباشرة ورقابة ثلاثية غير مباشرة اسرائيلية اوروبية فلسطينية. وكان المراقبون الاوربيون غادروا المعبر عقب سيطرة"حماس"على القطاع بالقوة المسلحة في حزيران يونيو العام الماضي. وهددت اسرائيل بقصف المعبر في حال فتحه من جانب"حماس"التي رفضت العمل في المعبر وفق الآلية القديمة. وأدت المواقف المتناقضة مجتمعة الى تشديد الحصار على قطاع غزة.