فجر الأربعاء الماضي طوى الرئيس الأمريكي جو بايدن صفحة ثقيلة من حياة المنطقة بالإعلان عن دخول وقف إطلاق النار في لبنان حيز التنفيذ، بعد 66 يوما من القصف المستمر، وبدأ الجيش اللبناني بالتوجه إلى الجنوب، تنفيذا لبنود الاتفاق، وأعرب المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين عن أمله في وقف إطلاق نار دائم. وعلى الرغم من الضغط الأمريكي والرغبة في لملمة ما يجري في لبنان بعد أن نفذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عملا في داخله من أهداف، إلا أنه هدد بالرد «بقوة» على حزب الله اللبناني في حال لم يلتزم بالاتفاق، ما يوحي بأن الاتفاق قد يشهد بعض الخروقات أو التعديلات، خصوصاً أن الطرفين استمرا في عمليات القصف قبل ساعات من دخول الاتفاق حيز التنفيذ.السؤال الدائم الآن هو هل يصمد هذا الاتفاق وماذا حقق نتنياهو من هذه الحرب المحدودة؛ في ظل الجدل الدائر عن فحوى هذه الحرب ونتيجتها على المستوى اللبناني والإسرائيلي والإقليمي.رئيس المجلس الاستشاري في جامعة ميريلاند الخبير في الشؤون الأمريكية والشرق الأوسط، فرانك مسمار، يرى أن صمود اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان مرهون بتطبيق شروط أساسية، أبرزها تصفية المنظمات المسلحة، وعلى رأسها حزب الله، وفرض سيطرة الدولة اللبنانية الكاملة.وتعود التوقعات بانهيار الاتفاق للتشكيك في قدرة الدولة اللبنانية على تحقيق شروطه نظرا لعدم جاهزية الجيش لضبط الحدود، وضعف قدرته على منع تدفق الأسلحة إلى لبنان، ولعل مسألة فرض الجيش اللبناني سيطرته على الجنوب مسألة أكثر تعقيدا من وقف الحرب ذاتها.وتعليقا على استمرار الاتفاق وقدرته على الصمود، قال رئيس المجلس المحلي في المطلة ديفيد أزولاي: «قبل دقائق وصلت 8 مركبات تابعة لحزب الله إلى القرية، وأطلق جيش الدفاع الإسرائيلي طلقة تحذيرية لإبعادها.. لم يتغير شيء».وبالمقابل ذكرت وسائل إعلام لبنانية أن الجيش الإسرائيلي أطلق قذائف مدفعية قرب بوابة فاطمة في كفركلا، بالتزامن مع عودة الأهالي لبلداتهم بهدف ترهيبهم، ما يعرض الاتفاق للانهيار، في حال استمرار هذه الممارسات، وهذا مؤشر على هشاشة وقف إطلاق النار إذا ما تفحصنا عن قرب فحوى تصريحات نتنياهو بالعودة للحرب متى يشاء، وهو الأمر الذي أكده المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أن سلاح الجو على أهبة الاستعداد، للعمل في أنحاء لبنان، ومنظومة الدفاع في حالة تأهب قصوى، مؤكداً أن الجيش سيتحرك ضد أي محاولة لخرق اتفاق وقف إطلاق النارصحيفة فايننشال تايمز البريطانية وصفت الاتفاق بالهدنة الهشة التي لا تتجاوز الاستراحة بين الطرفين، متوقعة أن تنتهي قريباً الاتفاق ينص على وقف إطلاق النار المتبادل، وعدم وجود منطقة عازلة، تحتلها إسرائيل في جنوبلبنان، إضافة إلى أن القوات الإسرائيلية، ستحافظ على وجودها في لبنان، لمدة تصل إلى 60 يوماً، وستشرف الحكومة اللبنانية على شراء وإنتاج الأسلحة في البلاد، حيث يحل جيشها محل الجيش الإسرائيلي أثناء انسحابه.ووفقا للاتفاق أيضا فإن الولاياتالمتحدة ستتولى رئاسة لجنة من خمس دول؛ لمراقبة وقف إطلاق النار، وتقول التقارير إنها ستصدر خطاباً يعترف بحق إسرائيل، في مهاجمة لبنان إذا اعتُبر حزب الله منتهكاً للاتفاق.يسأل البعض السؤال الكلاسيكي في حروب الشرق الأوسط من هو الرابح ومن هو الخاسر!؟ولعل الإجابة على هذا السؤال لها منطقها الخاص لكلا الطرفين، وفي حالة حزب الله لا يخفى أن الهدف الأساسي المعلن لإسرائيل هو عودة الحزب ما بعد الليطاني وهذا ما يشير إليه قرار مجلس الأمن 1701، لذا فإن الهدف المعلن قد انتهى، أما حزب الله فقد السيطرة على نفسه أولا وخسر العلاقة مع المحيط الاجتماعي إلى حداً كبير، بينما الخسارة الأعمق هي تفتيت البنية التحتية للحزب في الضاحية الجنوبية.