تشهد الاراضي الفلسطينية واسرائيل حركة ديبلوماسية ناشطة في محاولة لإنجاح مؤتمر السلام الذي دعا الرئيس جورج بوش الى عقده في تشرين الثاني نوفمبر المقبل والذي يواجه عقبات كبيرة تهدد بفشله. اذ وصل الى المنطقة في الايام الأخيرة عدد من الزعماء والساسة الاوروبيين، بينهم المستشار النمسوي الفرد غوسنباور، ووزير الخارجية الايطالي ماسيمو داليما، والمنسق الاعلى للامن والسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا، والمنسق الخاص للجنة الرباعية طوني بلير. وكان آخر الزوار امس مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى ديفيد ويلش. وقال رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير صائب عريقات ان ويلش ابلغ الرئيس محمود عباس ان وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ستزور المنطقة في 18 و19 الجاري. واضاف ان عباس وويلش بحثا عوامل نجاح مؤتمر الخريف، وفي مقدمها موعد عقده والاطراف التي ستشارك فيه والنتائج التي ستتمخض عنه. ويبدي القادة الفلسطينيون حرصا كبيرا على نجاح هذا المؤتمر لقلقهم من النتائج الوخيمة المترتبة على فشله، وفي مقدمها فقدان الثقة بعملية السلام، وهو ما يعزز القوى المتشددة في المجتمع الفلسطيني مثل حركة"حماس"على حساب منظمة التحرير التي حصرت خياراتها في المفاوضات والحل السلمي. وصدرت في الأيام الأخيرة اكثر من اشارة غير مشجعة في شأن مصير هذا المؤتمر، فالرئيس عباس اعلن رفضه اقتراح رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت القاضي بالتوصل الى اتفاق اعلان مبادئ عام، مطالبا باتفاق اطار. وقال عباس ان الاتفاق الذي يتطلع الفلسطينيون الى التوصل اليه يجب ان يتناول قضايا الحل النهائي مثل الدولة المستقلة والقدس واللاجئين والمستوطنات، وان يتضمن جداول زمنية لتحقيق ذلك. وذكَّر باتفاق"اوسلو"، وهو اعلان مبادئ توصل له الجانبان عام 1993، لكنه فشل في التحول الى تسوية سياسية نهائية. وقال عباس ان اي اتفاق جديد مماثل سيكون غير ذي جدوى. في الوقت ذاته، ابدى رئيس الوزراء الاسرائيلي تشاؤمه من فرص التوصل الى اتفاق قبيل المؤتمر. وجاءت تصريحاته هذه بعد تعرضه الى ضغوط من اعضاء الكنيست من حزبه لاطلاعهم على اي تطور في المفاوضات الجارية مع الفلسطينيين. ومن المستبعد ان يقدم اولمرت على التوصل الى اتفاق مع الفلسطينين بسبب مكانته الضعيفة والمهزوزة في المشهد السياسي الاسرائيلي جراء تعرضه لتحقيقات من لجنة رسمية لجنة فينوغراد في شأن دوره في فشل الحرب على لبنان العام الماضي، وتحقيقات اخرى عن تورطه في اعمال فساد اثناء توليه رئاسة بلدية القدس. واعلن اولمرت غير مرة انه يصر على التوصل الى اتفاق اعلان مبادئ عام، وهو اتفاق لا يثير الكثير من الجدل في اسرائيل. كما رفض طلبا فلسطينيا بتشكيل لجان تفاوضية تبحث في التوصل الى اتفاق قبل موعد المؤتمر، واصر على ابقاء المفاوضات محصورة بينه وبين الرئيس عباس. وحسب الدكتور صائب عريقات فإن عباس واولمرت سيجتمعان في غضون الأيام القليلة المقبلة، في حين وصف مسؤول فلسطيني رفيع لقاءات عباس - اولمرت المتكررة بأنها"لقاءات عصف فكري"، مشيرا الى انها تتناول سيناريوهات عدة من دون ان ترتقي لمستوى التفاوض التفصيلي وتبادل الوثائق. ويتطلع الفلسطينيون الى ان تمارس رايس ضغطا على اولمرت في زيارتها المقبلة للتقدم في المفاوضات. لكن الاسرائيليين يستبعدون استجابة اولمرت لهذه الضغوط، مشيرين الى مواجهة زعيمهم لضغوط مضادة اقوى في الداخل.