أزالت الصورة الحديثة التي عرضتها قناة "المنار" لشهيد "حزب الله" عماد مغنية، بعض الغموض الذي لازمه طوال حياته، إذ عرف الناس على الأقل صورة الرجل الذي نسبت إليه عمليات أمنية وعسكرية طاولت الولاياتالمتحدة وإسرائيل منذ عام 1983، وأصبح مطلوباً في 42 دولة بعد ما ورد اسمه على رأس قائمة من 22 اسماً وزعتها الاستخبارات الأميركية عقب هجمات 11 أيلول سبتمبر 2001. وبينما بددت الصورة، التي ظهر فيها مغنية بديناً ملتحياً بثياب عسكرية مرقطة واضعاً نظارات، بعض التخيلات عن هيأته ظلت سيرة حياته مقتصرة على ما تواتر من أخبار واتهامات ساقها اعداؤه، خصوصاً أن نعي"حزب الله"له لم يتضمن سيرة ذاتية، بل اكتفى بإطلاق صفة قيادي جهادي كبير في المقاومة الإسلامية في لبنان، وأن لقبه"الحاج رضوان"، وأن حياته كانت"مليئة بالجهاد والتضحيات والإنجازات". ولد عماد فايز مغنية في مدينة صور في جنوبلبنان، في بيت مزارع لبناني شيعي من بلدة طيردبا، في تموز يوليو عام 1962. وانتقلت عائلته التي تتكون من والدته ووالده وأخويه جهاد وفؤاد، إلى منطقة الشياح في ضاحية بيروتالجنوبية. تعلم في مدارس لبنانية خلال المرحلة الإعدادية والثانوية، ودرس لمدة سنة في الجامعة الأميركية في بيروت. وتزوج في سن مبكرة وله أولاد، وكان يتصل بعائلته بالمراسلة. في أوائل الثمانينات من القرن الماضي، كان مغنية في السرية الطالبية لحركة"فتح"بزعامة ياسر عرفات، وبعد الاجتياح الاسرائيلي وخروج المقاومة الفلسطينية من لبنان، انتقل إلى حركة"أمل"، ومنها إلى"اتحاد الطلبة المسلمين"ثم الى"حزب الله"في بداية تشكيله، وتزامن انتقاله مع انتقال السيد حسن نصرالله، وتدرجا في المسؤولية حتى أصبح نصرالله الأمين العام للحزب، فيما وصل مغنية إلى مراتب عالية في قيادة المقاومة الإسلامية، الذراع العسكرية للحزب. ويقال إن العلاقة بينهما وثيقة جداً، وأن مغنية هو العقل الأمني والعسكري للحزب. ونقلت وكالة"ا ف ب"عن رئيس بلدية طير دبا حسين سعد، أن مغنية هو"أعلى قائد عسكري في حزب الله"، مشيراً إلى ان شقيقين له قتلا في السابق أيضاً في عمليتي تفجير، وهما فؤاد وجهاد. وقتل جهاد في انفجار وقع عام 1984 في ضاحية بيروتالجنوبية استهدف السيد محمد حسين فضل الله، فيما قتل فؤاد عام 1996 في انفجار سيارة مفخخة في المنطقة نفسها في انفجار كان يستهدف عماد، نفذته اسرائيل عبر أحمد الحلاق الذي استدرجته مديرية المخابرات في الجيش اللبناني وحكم عليه بالاعدام ونفذ فيه الحكم. ويتهم الغرب مغنية بأنه خطط ونفذ عمليات خطف طائرات وخطف رهائن، أبزرها طائرة"تي دبليو أيه"الأميركية، وبالتفجيرات التي استهدفت قوات المارينز والسفارة الأميركية في بيروت وأوقعت مئات القتلى، والقوات الفرنسية. كما تتهمه واشنطن بخطف مسؤول الاستخبارات الأميركية في بيروت وليام باكلي في 1984. ويلاحق الانتربول مغنية للاشتباه بمشاركته في اعتداء على جمعية الصداقة الإسرائيلية - الارجنتينية في بوينس ايريس، الذي تسبب بمقتل 85 شخصاً وإصابة 300 بجروح في تموز يوليو 1994. وكان مغنية، وقيل انه المسؤول الأساسي عن علاقة"حزب الله"بالحرس الثوري الإيراني والمسؤول أيضاً عن تنسيق نقل السلاح وتجهيز الحزب على يد الحرس وعن التدريب، يعيش متخفياً منذ نهاية الثمانينات، ولا يعرف بالتحديد مكان وجوده، مع إشاعات كثيرة ترددت عن خضوعه لعمليات جراحية لتغيير ملامحه. واتسمت شخصية عماد بالسرية، ويصعب توافر صور عنه. وهو يتحرك بسرية مطلقة في أي مكان يتواجد فيه، حتى عناصر"حزب الله"لا يعرفونه باستثناء الذين عاصروه وبعض الأمنيين. ويقال فيه:"لا يعرف عماد مغنية إلا عماد مغنية". وهو تمكن من الإفلات من أكثر من محاولة خطف واغتيال، وفي إحداها فصلت بينه وبين الموت دقائق فقط.