لم يتوقف سقوط الصواريخ على سديروت، وعلى المستوطنات حولها، موقعاً اصابات دامية. والفلسطينيون يتحملون مسؤولية القصف من غزة منذ سبع سنوات، قبل الانفصال عن غزة وبعده. ولولا القصف لما ردَّت اسرائيل. ومنذ ثمانية أشهر تسيطر"حماس"على قطاع غزة سيطرة كاملة. ولا يصح تبرير القصف بالعجز عن السيطرة على المنظمات المتمردة. وحان الوقت ليسأل الفلسطينيون أنفسهم، وقياداتهم، ماذا يريدون؟ وهل لا تزال الضفة الغربية، وقطاع غزة، كياناً واحداً، على طريق قيام الدولة المستقلة الى جانب اسرائيل؟ وكيف يمكن أن تقوم اسرائيل، في هذه الظروف، بالمفاوضات على اقامة مثل هذه الدولة، في وقت تقوم فيه"حماس"بقصفها؟ وهل قررت"حماس"منع انجاز اتفاق سلام، واختارت، بدلاً منه، الحرب المستمرة؟ فإسرائيل خرجت من غزة، في صيف 2006، وأنهت احتلالها. ونشأ حزب"كاديما"بعد أن قرر مسؤولو حزب الليكود، وعلى رأسهم أريئيل شارون، الانسحاب من"أرض اسرائيل"الكاملة الى حدود آمنة وضيقة. ونص برنامج الحزب على الانسحاب من الضفة، وتقسيم"أرض اسرائيل"الى دولتين لشعبين، واخلاء المستوطنات. واظهاراً لجدية الالتزام، أخليت، من غير اتفاق، مستوطنات في غوش قطيف وشمال السامرة. وعلى هذا، فالكرة في الملعب الفلسطيني. ويسود الجمود الملعب هذا منذ انتخب الفلسطينيون"حماس"المناهضة لاتفاق السلام. وبدل تحول غزة اللبنة الأولى في الدولة الفلسطينية العتيدة، تحولت كياناً معادياً ومغلقاً. لم يكن الانفصال عن غزة خطأ، بل كان خطوة على طريق الأمل. وأبعدت"حماس"الأمل في مستقبل مشترك، وقدمت المحافظة على مقاومتها، مع ما يستتبع ذلك من عنف. وبينما كانت اسرائيل تحاول تصحيح بعض أخطائها التاريخية، وأولها طريقة تعاملها مع الشعب الفلسطيني، وأعلنت عن رغبتها في العودة الى حدودها القديمة ? الجديدة دولةً ديموقراطية، اختار الفلسطينيون"حماس"المولية ظهرها للتسوية. واطلاق صواريخ"القسام"ليس دليلاً على فشل الانفصال عن غزة، وانما هو دليل على ان سلطة"حماس"تجر الفلسطينيين الى جولة جديدة من حرب لا جدوى منها. وبينما يحاول محمود عباس الدفاع عن مفاوضة اسرائيل، وهذه قد تثمر اتفاقاً، تنشد"حماس"، والمنظمات الأخرى، احباط فرص الحل كلها. واذا لم تثمر العملية العسكرية المحدودة المزمعة وقف اطلاق صواريخ"القسام"، وفشلت الدول المعتدلة، وعلى رأسها مصر والأردن، في كبح"حماس"، فلن يكون أمام اسرائيل خيار غير القيام بعملية عسكرية واسعة. فمهمة الجيش الإسرائيلي هي الدفاع عن مواطني الدولة ورد الاعتداء عليهم. واذا بدا أن العملية العسكرية غير ناجعة، فينبغي ألا يشل الخوف يد الحكومة، أو يمنعها من القيام بما تقتضيه المحافظة على حياة الناس، والدفاع عن حدود الدولة. فحل النزاع العربي ? الإسرائيلي هو، في نهاية المطاف، حل سياسي. وهذا ما علينا أن نسعى اليه على الدوام. ولكن على اسرائيل، في الأثناء، البرهان ان دم مواطنيها يسفك سدى، وعلى وجوب احترام جيرانها الاتفاقات التي يوافقون عليها اليوم وغداً. عن افتتاحية"هآرتس"الإسرائيلية 11/2/2008