نديم قطيش شخصية اعلامية بانت باكراً في سماء التلفزيون. طموحه قاده للسفر الى واشنطن للعمل في قناة"الحرّة"، ورغبته في خوض مجال الصحافة المكتوبة أوصلته الى الكويت. أما اندفاعه وحنينه لمشاركة أهل بلده تطلّعاتهم وهواجسهم فحملاه الى العودة الى وطنه لبنان، فوجد في قناة"أخبار المستقبل"التي استدعته للانضمام اليها نافذة يطلّ من خلالها ليعبّر عن رأيه في كلّ ما يعصف بالبلاد. لكن هذا لا ينفي شعوره بالمغامرة التي يهواها عادة"لكنّها لم تكن مغامرة من لا شيء، فالمحطة لها سابقتها "المستقبل" التي أثبتت نفسها على الساحة الاعلامية". قطيش الذي يعتبر أنّه حظي بكثير من الفرص في حياته، اكتسب من خبرته في"الحرة"،"التزام الموضوعية الى أبعد حدود"، و"التجرؤ على كلّ المقدسات"، و"الإيمان بأن الصوت هو دائماً أقوى من صوت المعركة". ويقدم مثالاً ما ردده أميركيون بعد 11 أيلول سبتمبر 2001 قائلين:"حلّ بنا ذلك لأننا غير عادلين مع العالم في فلسطين وأفغانستان وسواهما من البلدان". قطيش الذي تعلّم من واشنطن التفاؤل والفرح على الصعيد الشخصي لم يشعر بفارق كبير بين"الحرة"وپ"أخبار المستقبل"لجهة الموضوعية في التعامل مع الخبر. ويقول:"إنّ الفارق هو كوننا في بلد يخوض معركة، وبالتالي الاعلام هو جزء من هذه المعركة. لكنّ المعركة الاعلامية تقاد في"أخبار المستقبل"بأقصى درجات النزاهة، ولن أدافع عن هذا الموضوع، بل سأحيل المشاهد الى تغطية وقائع"الاحد الاسود"على الشاشات اللبنانية ليرى الموضوعية التامة التي تعاطت بها المحطة مع هذا الحدث، حيث التزمت اعلى درجات التهدئة وعدم الاستفزاز". ويشير الى أنّ ما تعلّمه أيضاً في أميركا هو التفريق بين الرأي والمعلومة، ويقول:"هذا درس يجب على كثر أن يتعلّموه في الاعلام اللبناني، وهذا ما أطبّقه في عملي". ويرى قطيش أنّه الى جانب الاشياء التي اكتسبها من"الحرة"، كان يمكن أن تدار هذه القناة بطريقة أفضل، وأن تشبه أكثر الجهة التي أشرفت عليها على المستويين الاداري والتمويلي. ويقول:"الاعلام الاميركي جميل ويتميّز بديناميكية عالية. في المقابل"الحرّة"كانت بطيئة وارتكبت أخطاء غير مبرّرة، وكان عليها بالتالي صناعة نجومها وبرامج وأسماء يعرفوا في الوطن العربي، ولم تفعل ذلك ولا أدري لماذا. إذ هناك استسهال في التعامل مع"الهوا"بحيث كان مفتوحاً بطريقة غير مفهومة. كما أنّ معارك الجنسيات التي تحصل في المحطات عادة أثّرت أيضاً على أداء المحطة. كل هذا، أدى الى غياب أي ولاء صارم للمحطة، إضافة الى غياب الخط الاداري الحاضر بقوة، بل كان هناك نوع من"الميوعة"، خصوصاً في السنوات الثلاث الأولى من انطلاقتها، ما أثّر في شكل سلبي فيها". ويضيف:"أعلم أنّ كثراً لن يعجبهم هذا الكلام، لكنّني فعلاً أقول ذلك بكلّ صدق وشفافية ومن دون أي تصفية حسابات. وبالتالي هذا ليس فقط رأيي بل رأي وزارة الخارجية الاميركية والكونغرس الاميركي وال"بي بي سي"وجهات عدة على صلة بقناة"الحرّة". قطيش الذي يهوى الكتابة منذ الصغر لم يتركها يوماً. وعندما عمل في"الحرة"التي تمنع على موظفيها العمل في مكان آخر، كان يكتب تحت اسم مستعار. يقول:"اغراء ان أرى مقالاتي منشورة على صفحات الصحف لم يتركني يوماً. وحبي للصحافة المكتوبة لا يقلّ عن حبّي للعمل التلفزيوني". ويضيف:"العلاقة بالنسبة اليّ بين الصحافة المكتوبة والتلفزيون هي كعلاقة انسان متزوّج من امرأة يحبّها وهناك عشيقة تغريه باستمرار. فأنا واقع في فخّ هذه الهواية متنقلاً بين زوجتي وعشيقتي". ويعتبر أنّ محافظته على الكتابة ليست ظناً منه أنّها تحظى بالاستمرارية أكثر من التلفزيون، فالاستمرارية بنظره هي للتلفزيون على المدى القريب والبعيد. ورداً على سؤال حول أي نديم يحبّ: مقدّم الاخبار أو مقدم البرامج أو الكاتب الصحافي، يجيب ضاحكاً:"نديم الجالس في القهوة يقرأ كتاباً. وبالعودة الى الجدّ أحب كثيراً الپ"توك شو"والسجال الفكري وحرب الافكار"، مشيراً الى أنّ جزءاً من المعركة التي تقاد اليوم هي معركة افكار. وعلى رغم أن فكرة برنامجه"بيت اليك"جديدة حيث يُطرح سؤال على طرفين من اتجاهين سياسيين مختلفين ويصوّت الجمهور للرأي الذي أقنعه أكثر، يرى أنّه يمكن تطويرها وإدخال ديناميكية عليها، من خلال حركة الكاميرا والموسيقى. ويشير الى أنّها كانت بداية تجربة كان متخوّفاً من عدم نجاحها، حتى أنّه اتصل برئيس مجلس ادارة المحطة نديم المنلا مرات عدة طارحاً مخاوفه، لكن المنلا كان دائماً يطمأنه الى أنّ البرنامج سينجح. ويقول قطيش:"فعلاً نجح كما توقّع المنلا". قطيش الذي يصف نفسه بأنّه يملّ الروتين ويبحث دوماً عن تجارب جديدة، يقول:"مصلحتي الشخصية تقتضي ان أثبت في هذا المكان لفترة مناسبة لن أحدّدها، وعلاقتي بالمحطة علاقة ممتازة وتعطيني فرصاً تتطلبّ حداً أدنى من جانبي. والسؤال يبقى: هل أفني عمري في قناة"المستقبل"؟ أستبعد ذلك كوني شخصاً متقلّباً ويملّ سريعاً. وكما يقال عني أريد الركض قبل المشي". ويضيف:"بمزاجي وشخصيتي لا أظنّ أنني سأتقاعد في"أخبار المستقبل"، ولكن مما لا شكّ فيه أنني سأعطي هذه التجربة حقّها وبعدها لكلّ حادث حديث، كما أنني لن أحرم نفسي من اي فرص تتاح لي لكي استمر بنجاحي من دون أن يكون ذلك طعناً بأي طرف آخر".