منذ زمن والمحطات التلفزيونية العربية في شكل عام، واللبنانية في شكل خاص، تفتقر الى برنامج اخباري مسائي ديناميكي، يستعرض أحداث اليوم بصورة أقل ما يقال عنها أنه"مختلف". هذا النوع من البرامج يقدم عادة على المحطات الفضائية ولا سيما على"العربية"مجتذباً أعداداً كبيرة من متفرجين يفضلون شمولية التقديم عند المساء قبل النوم، على تجزيئية الأخبار السريعة والنشرات اليومية وما شابه ذلك. ونعرف، طبعاً، أن محطات كثيرة سبقت"العربية"في ذلك، وأن محطات أخرى كثيرة تبعت خطى"العربية"، لكن بانوراما هذه الأخيرة المسائية ظلت، مع استثناءات قليلة من دون منافس. واليوم بات يمكننا أن نقول إن لبنان صار له برنامجه الأخباري المسائي أيضاً، وتحديداً من على شاشة"أخبار المستقبل"التي باتت تتطور بوتيرة مرضية، بعد"وعكة"السابع من أيار مايو التي ألمت به، خصوصاً على يد إعلاميين من اللافت أنهم أتوا الى هذه المحطة من خارج"المدرسة المستقبلية"، وكذلك من خارج الأعمار المتقدمة المعتادة!. عموماً، ربما يكون الأوان قد حان لمراجعة تجربة"أخبار المستقبل"، وما من شك في أن اي منصف يقوم بهذه المراجعة، سيتوقف عند تقدم كبير حققته، من دون أن يخلو الأمر من نواقص أو ارتكاسات. غير أن ما يهمنا الحديث عنه هنا هو برنامج محدد:"استوديو 24"الذي يقدمه نديم قطيش، الإعلامي الشاب الآتي من تجربة طيبة مع قناة"الحرة"ليصب خبرته في"أخبار المستقبل". فالحال أنه مثلما يحدث دائماً حين يطل اعلامي موهوب، فيساهم في قلب المعايير الراكدة، هكذا فعل قطيش، أولاً من خلال إضفائه حيوية لافتة على نشرات الأخبار التي يشارك فيها، ولكن بخاصة بعد ذلك من خلال برنامجه الذي بات راسخاً الآن"بيت اليك". أما اليوم فإن تجربته الجديدة تبدو أكثر ديناميكية ويمكن المراهنة، منذ الآن على انها ستستقطب جمهوراً واسعاً. من ناحية مبدئية، قد لا يبدو الجديد في هذا البرنامج واضحاً، لكن مقارنة بينه وبين البرامج المشابهة له، حتى في الفضائيات الراسخة والغنية، ستكون لمصلحته: فهو يقدم الأخبار بحيوية وعبر تقارير ولقاءات يومية وأحياناً مرتبطة ببعضها البعض على شكل ملفات أو ما شابه ذلك. وهو يتنقل بين الجغرافيات والتواريخ، في شكل، وإن كان فيه بعض النقص حالياً، يفتح على آفاق مستقبلية تبدو كالبديهة. كل هذا جميل ويحسب لقطيش ول"أخبار المستقبل"غير أن ثمة في المقابل"مشكلة"نعتقد أن لا بد من حلها حتى يستقيم هذا البرنامج تماماً: من الصعب قبول أن يوجد مقدم البرنامج وحده في كل الفقرات، إذ مهما كان حضوره قوياً ومقنعاً، ينتهي الأمر دائماً الى فقدان النفس وإشاعة شيء من الملل لدى الجمهور، خصوصاً أن قطيش على رغم تميزه أداء ومواقف، ليس من الذين ينوعون في إيقاع خطابهم، فيعطي للسياسة إيقاعاً يختلف عن ايقاع معطى للثقافة أو للمجتمع أو للطرائف وما الى ذلك. ليس هذا مأخذاً على هذا المقدم البارع، لكنه مأخذ على البرنامج، يمكن في اعتقادنا تلافيه، ما يجعل البرنامج أكثر حضوراً وتنوعاً، ويعطي نديم قطيش استراحة بين الفقرات، مبرزاً برنامجه أكثر وأكثر كواحد من أفضل البرامج الأخبارية في التلفزات اللبنانية، على الأقل.