سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
إسرائيل تمنع سفينة الإغاثة من الإبحار من يافا وتصادر محتوياتها . العيد في غزة : خرفان مهربة بأسعار خيالية ولا رواتب لانعدام السيولة ونصف القطاع في الظلام والمعابر مغلقة والغزيون يستعينون بالنكتة
أوقفت محطة توليد الطاقة الكهربائية توربيناتها منتصف نهار أمس عن العمل بعد نفاد كمية الوقود المتوافرة لديها، في وقت منعت إسرائيل"سفينة العيد"القادمة من مدينة يافا من الإبحار الى شواطئ غزة صباحاً، وصادرت المساعدات الطبية والاغاثية وهدايا الأطفال من الشاحنة قبل وصولها إليها. وسيُمضي نصف سكان القطاع ليل الأحد - الاثنين في العتمة من دون أن يتسنى لهم متابعة صعود حجاج بيت الله الحرام الى جبل عرفة في يوم الحج الأعظم ونزولهم ونحرهم، عبر شاشات التلفزة بسبب انقطاع التيار الكهربائي عن مدينة غزة ووسط القطاع وشماله. ولم تسمح سلطات الاحتلال الاسرائيلي أمس بإدخال أي مواد غذائية أو أدوية أو وقود للمحطة بعدما قرر وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك أول من أمس ابقاء المعابر مغلقة لليوم ال32 على التوالي، بدعوى سقوط مزيد من الصواريخ محلية الصنع داخل اسرائيل. وكانت سلطات الاحتلال زودت المحطة الخميس الماضي نحو 400 ألف لتر من الوقود الصناعي وزعها القائمون على عدد قليل من التوربينات بحيث تكفي الكمية حتى يوم أمس على أمل أن تفتح سلطات الاحتلال المعابر من دون جدوى. وما يُفاقم الأزمة أن الشموع وبقية أجهزة الانارة وأدواتها نفدت من الأسواق نظراً الى أن اسرائيل لا تسمح للفلسطينيين باستيرادها. في هذه الأثناء، أصرت سلطات الاحتلال على عدم ارسال السيولة النقدية اللازمة من عملة الشيكل الى القطاع، فلم تتمكن البنوك المحلية والوافدة من فتح أبوابها أمس لليوم الرابع على التوالي. وبموجب ذلك، سيستقبل أكثر من 77 الف موظف يعملون لدى حكومة رام الله عيد الأضحى المبارك وجيوبهم خاوية تماماً نظراً الى عدم استلامهم رواتبهم للشهر الاخير. خرفان مهرّبة وبأسعار خيالية كما لم تسمح سلطات الاحتلال بادخال العجول والأبقار الى القطاع منذ فترة طويلة، ما يعني أن الغزيين لن يجدوا أضاح سوى خرفان مصرية مهربة عبر الأنفاق وبأسعار خيالية، فيما ارتفعت أسعار لحم العجل الى أرقام غير مسبوقة، اذ ناهز سعر الكيلوغرام الواحد منه 16 دولاراً. وهرّب المهربون ألوفاً من العجول صغيرة السن والحجم نظراً لأن فوهات الأنفاق ضيقة لا تسمح بمرور عجول أو أبقار كبيرة الحجم، علما ان العجول الصغيرة المهربة تعتبر"غير شرعية"للذبح في الأضحى. وفي هذا الصدد، قال تاجر أبقار ل"الحياة"إنها لا تصلح أن تكون أضحية حتى في عيد الأضحى القادم بسبب صغر سنها. وحتى لو توافرت العجول والأبقار وبسعر أدنى منها حالياً، فإن الغزيين لن يجدوا غاز الطهي الذي نفد تماماً من القطاع بسبب رفض اسرائيل السماح بتوريده. وسعى الغزيون الى تهريب الغاز من مصر عبر الأنفاق ايضاً، أسوة بالديزل والبنزين، ودخل المهربون في سباق مع الزمن من أجل تهريبه قبل العيد، لكن المحاولة فشلت نظراً لأنه يصل متجمداً، ولم تفلح كل محاولات تسييله بالماء الساخن تارة، وبغيرها من الوسائل تارة اخرى، وهناك حديث الآن عن أن مسألة وصول الغاز غازاً أصبحت مسألة وقت ليس الا، خصوصا بعد تدخل أساتذة جامعيين لحل المشكلة. وحتى الفحم للشواء أو حتى للشيشة الأرجيلة غير متوافر، وإن توافر فنوعه رديء جداً يعيد الغزيين بالزمن الى الوراء عشرات السنين لاستخدام"وابور الكاز"الذي أصبح شيئاً من التراث والماضي حتى اشهر خلت. ونفدت الأعداد الكبيرة من"وابور الكاز"من مصر التي لا تزال تصنعه حتى الان بعدما اشتراها الغزيون وهربوها الى القطاع. وفي خضم هذه المأساة، لجأ غزاويون الى الفكاهة علها تفرّج كربهم ولو قليلاً، فتبادلوا نكاتاً عدة عبر الهواتف النقالة بواسطة رسائل قصيرة. وتقول احدى هذه الرسائل:"رغم الرواتب المنسية، والعيدية الملغية، وغلاء الخرفان المصرية، والكهرباء المطفية، حنعيّد على شمعة مصرية، وعيدكم مبارك". وتقول اخرى:"كل سنة وجرّتكو الجرة مليانة غاز، وبابوركو طافح كاز، وكهربتكو 3 فاز، وحجاجكو رايحين الحجاز". أما الثالثة فتتناول فريضة الحج التي لم يتمكن حجاج القطاع من تأديتها هذا العام بعدما تحولت الى مناكفة سياسية بين طرفي الانقسام في غزةورام الله، وتقول:"مناسك الحج في غزة هذا العام: الإحرام في المجلس التشريعي، والطواف حول بيت هنية، والوقوف عند دار صيام ورمي الجمرات على منزل... ابليس اللعين". في غضون ذلك، واصلت سلطات الاحتلال إحكام الحصار على القطاع، إذ منعت"سفينة العيد"التي كانت تستعد صباح أمس للابحار من ميناء يافا الى غزة من التحرك من الميناء وصادرت محتوياتها بدعوى انها مخالفة للقانون. وكان أعضاء كنيست عرب وناشطون يساريون واسلاميون استعدوا للإبحار على متن السفينة الأولى من نوعها من فلسطينيي ال48 إلى أشقائهم في قطاع غزة لكسر الحصار وتقديم بعض المساعدات الإنسانية والأدوية والأغذية. "سفينة العيد" وأشارت صحيفة"يديعوت أحرونوت"الى أن الشرطة نقلت الشحنة المحملة على متن السفينة وتم تفتيشها، واقتادت السفينة إلى مرسى في تل أبيب واعتقلت ثلاثة من الناشطين للتحقيق معهم. وأبلغت الشرطة الاسرائيلية في ميناء يافا مالك السفينة قراراً بعدم الابحار الى غزة، وأمرته بأن يحرك السفينة الى مرسى قريب في تل أبيب حيث وضعت تحت المراقبة. وقال الناطق باسم الشرطة الاسرائيلية ميكي روزنفيلد:"حذرنا مالك السفينة من أن ذلك سيكون خرقا للقانون، وسيعتقل اذا حاولت سفينته الابحار الى غزة". وقال رئيس"الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة"في الكنيست النائب محمد بركة إن"الاحتلال الإسرائيلي لا يعرف حدوداً لإجرامه المتصاعد ضد شعبنا الفلسطيني، حتى أنه تحول في الأيام الأخيرة إلى عصابة قراصنة منفلتة في البحار تسلب القوت القليل المتوجه إلى أطفال قطاع غزة على متن سفن، وآخرها سلب سفينة جماهيرنا الفلسطينية". ووصف النائب أحمد الطيبي هذا العمل بأنه"جبان من الناس والشرطة الذين يخشون وصول الامدادات الطبية الى مستشفى الشفاء في غزة"، مضيفاً انهم"سيواصلون محاولاتهم لكسر الحصار". وكانت إسرائيل سمحت لسفن تقل ناشطين أجانب مؤيدين للفلسطينيين وامدادات انسانية بأن ترسو في قطاع غزة بعد الابحار من قبرص. وبمنع"سفينة العيد"، تكون سلطات الاحتلال نفذت قرارها منع أي سفن عربية أو أجنبية من الوصول الى القطاع وكسر الحصار المشدد. وبذلك تكون السفينة انضمت الى اخرى ليبية رفضت سلطات الاحتلال السماح لها بالرسو على شاطىء غزة، فيما تمارس ضغوطاً لثني القائمين على السفينة القطرية على ارسالها الى غزة. ووصف رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار النائب جمال الخضري منع السفينة من الوصول الى شواطئ غزة ومصادرة محتوياتها بأنه"استكمال لحصار غزة، واستمرار لمنع التواصل بين ابناء الشعب الواحد، ومنع دخول حتى الأدوية والمساعدات الطبية". وأكد أن"انتفاضة السفن مستمرة"، معتبرا أنه"على رغم هذا المنع وهذه المواجهة مع أعضاء كنيست عرب وقيادات فلسطينية عربية، فإن هذه الاعتداءات لن تثنيهم عن مواصلة طريقهم لدعم الشعب الفلسطيني". وطالب المؤسسات الدولية والإنسانية وأحرار العالم"بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي المستمر لإنهاء الحصار والمعاناة الخطيرة التي يعانيها مليون ونصف مليون إنسان في القطاع". "حماس"تستنكر من جهته، استنكر الناطق باسم حركة"حماس"سامي أبو زهري عرقلة الاحتلال الإسرائيلي وصول سفن الإغاثة إلى غزة، خصوصاً السفينتين الليبية والقطرية. ووصف في بيان صحافي قرار المنع بأنه"إمعان من سلطات الاحتلال في حصار غزة وعزلها عن العالم الخارجي"، معتبراً أن"استمرار الحصار البحري والبري على غزة يفرض على الأطراف العربية اتخاذ قرار عاجل بفتح معبر رفح والى الأبد". وشدد على أنه"لم يعد من المقبول أن تجوب السفن العربية البحار للوصول إلى غزة، بينما يستمر إغلاق معبر عربي يمكن من خلاله إنهاء الحصار المفروض على غزة". صواريخ ردا على العدوان الى ذلك، أصيب مقاومان من"ألوية الناصر صلاح الدين"، الذراع العسكرية للجان المقاومة الشعبية، عندما أطلقت قوات الاحتلال عليهم قذيفة دبابة بالقرب من معبر"كيسوفيم"شمال شرقي بلدة القرارة جنوب القطاع. كما واصلت الأذرع العسكرية اطلاق الصواريخ أمس رداً على العدوان الاسرائيلي واغلاق المعابر الحدودية وخنق القطاع. نشر في العدد: 16684 ت.م: 08-12-2008 ص: 11 ط: الرياض