استقال الرئيس الصومالي عبدالله يوسف أمس الإثنين منهياً المأزق الذي تواجهه الحكومة الانتقالية وممهداً السبيل لتشكيل إدارة جديدة في هذه الدولة الواقعة في القرن الافريقي. وذكر يوسف أن رئيس البرلمان شيخ آدم محمد نور مادوبي سيتولى مهمات منصبه تمشياً مع الدستور. وحمّل المجتمع الدولي مسؤولية الفشل في مساندة الحكومة الموقتة. وسافر يوسف جواً الى"بلاد بنط"بونت لاند وهي منطقة تتمتع بما يشبه الحكم الذاتي في شمال الصومال وكان يتولى رئاستها منذ نهاية الثمانينات وحتى منتصف التسعينات. وصرح مادوبي إلى الصحافيين في بيداوة بأنه سيشغل المنصب إلى حين انتخاب رئيس جديد للصومال، وقال إن الحكومة ستجري محادثات مع"أي جماعة معارضة". وأعلن نور أنه قبل استقالة يوسف قائلاً:"أهنئ الرئيس على خطوته الجريئة". وقال يوسف للبرلمان إنه تمشياً مع تعهده حين انتخب في 14 تشرين الأول أكتوبر عام 2004 بالاستقالة إذا فشل في القيام بواجبه فقد قرر إعادة المسؤولية التي أوكلت إليه. وقال:"وعدت بتسليم السلطة مجدداً إذا لم أتمكن من اعادة السلام والاستقرار والديموقراطية الى الصومال". وتابع:"قررت أن أعيد إليكم السلطة. وقعت رسالة استقالتي وسلمت السلطة الى رئيس البرلمان"آدم محمد نور الذي تولى اعتباراً من أمس مهمات الرئاسة في الصومال. وقال"أحض البرلمان على الوحدة وأحضكم جميعاً على العمل في توافق". وقال للنواب في بيداوة إن معظم البلاد لا تخضع لسيطرة الحكومة وإنه ليس هناك ما تستطيع حكومته تقديمه للجنود، كما أن المجتمع الدولي فشل في مساعدتها. وفشلت الحكومة الموقتة الضعيفة التي يدعمها الغرب تحت رئاسة يوسف في اعادة النظام والأمن إلى البلاد التي تعصف بها حال من الفوضى منذ الاطاحة بالديكتاتور محمد سياد بري عام 1991. ويسيطر الإسلاميون على معظم جنوبالصومال ويتمركزون على مشارف العاصمة مقديشو وبيداوة مقر البرلمان بينما يسيطر قادة ميليشيات متناحرة على بقية أنحاء البلاد. ومنذ بداية العام صعّدت هذه الفوضى عمليات القرصنة البحرية في خليج عدن والمحيط الهندي قبالة سواحل الصومال وترددت أنباء عن مهاجمة 110 سفن واختطاف 42 سفينة هذا العام. وذكر مكتب ملاحي دولي ان القراصنة ما زالوا يحتجزون 14 سفينة و240 من أفراد طواقمها، مما دفع عدداً من الدول الأجنبية الى ارسال سفنها لحماية الممرات الملاحية. ووقعت معارك جديدة أمس الإثنين. إذ اشتبك إسلاميون معتدلون في وسط الصومال مع مقاتلين من جماعة"الشباب"الإسلامية المتشددة وقصف متمردون العاصمة مقديشو. وتوعدت الجماعة الإسلامية التي تدعى"أهل السنة والجماعة"بطرد جماعة"الشباب"التي تضعها واشنطن في قائمتها للمنظمات الارهابية. وتتهم"أهل السنة والجماعة"جماعة"الشباب"بقتل رجال دين وتدنيس القبور، وهو ما يتنافى مع مبادئ الإسلام. وفقد الرئيس الصومالي كثيراً من شعبيته في الداخل والخارج، وحمّلته واشنطن واوروبا والدول الافريقية المجاورة بدرجة كبيرة مسؤولية عرقلة عملية السلام التي ترعاها الأممالمتحدة. وتعرّض يوسف لضغوط كبيرة للتنحي. ورحب ديبلوماسيون بقرار يوسف وقالوا إن رحيله والانسحاب المزمع للقوات الاثيوبية وتنامي المعارضة لجماعة"الشباب"الإسلامية المتشددة يعطي أملاً حقيقياً في احراز تقدم سياسي في الصومال. ويسيطر متشددون اسلاميون بدأوا حملتهم قبل عامين على معظم جنوبالصومال ووسطه خارج العاصمة مقديشو وبيداوة مقر البرلمان ولكنهم متشرذمون. وتفرض جماعة"الشباب"تفسيرها المتشدد للشريعة الاسلامية في البلدات التي تسيطر عليها ولكنها واجهت مقاومة عنيفة من مسلمين معتدلين في الاسبوع الماضي. ويخشى بعض المحللين أن تفتح استقالة الرئيس يوسف الباب أمام فترة من الجمود السياسي تتخلله أعمال عنف محتملة وإحياء الأطراف المتناحرة الميليشيات العشائرية في اطار صراعها على السلطة، في وقت يقف فيه متشددون اسلاميون على مشارف العاصمة. وساندت قوات إثيوبية الحكومة خلال العامين المنصرمين، لكن لم يتبق سوى نحو ثلاثة الاف جندي الآن وتقول اديس أبابا إنهم سيغادرون قريباً. حركة الشباب ونقلت وكالة"فرانس برس"من نيروبي أمس عن شهود عيان أن عناصر من حركة"الشباب"الإسلامية استعادوا السيطرة على مدينتين في وسط الصومال كان مسلحون من مجموعة أهل السنة والجماعة طردوهم منهما قبل أيام. وكان مسلحو"أهل السنة والجماعة"هاجموا السبت والأحد مقاتلي"حركة الشباب المجاهدين"الإسلامية في مدينتي ذوماسارب وغورييل الواقعتين على بعد نحو 400 كلم شمال مقديشو. وأفاد الشهود أن المعارك بين المجموعتين اوقعت نحو عشرين قتيلاً في المدينتين. وقال عبدالله محمد يوسف الذي يسكن في غورييل:"سيطر مقاتلو حركة الشباب على غورييل بعدما أجبروا مقاتلي أهل السنة والجماعة مع مقاتلين آخرين على التقهقر". وأضاف هذا الشاهد"أصبحت المدينة تحت سيطرة مقاتلي حركة الشباب ولم نعد نشاهد أي مقاتلين آخرين". كما قال اسماعيل جيدي احد سكان غورييل أيضاً"كان مقاتلو حركة الشباب يحشدون قواهم منذ الأحد إلا اننا لم نتوقع تقهقر مقاتلي اهل السنة والجماعة بهذه السرعة". وأفاد شهود ان مقاتلي"حركة الشباب"استعادوا ايضاً السيطرة على مدينة ذوماسارب التي كانت شهدت السبت معارك مع مقاتلي أهل السنة والجماعة الذين كانوا دعوا الى الجهاد ضد مقاتلي حركة الشباب الذين اتهموا بنشر العنف في الصومال. وتأتي هذه المواجهات قبل ايام قليلة من الانسحاب المتوقع للقوات الاثيوبية التي كانت طردت في نهاية العام 2006"المحاكم الاسلامية"من السلطة والتي تشكل"حركة الشباب"ذراعها المسلحة. وقال الشيخ حسين شيخ علي فيدو المسؤول في حركة الشباب"إن اثيوبيا تسلح هذه المجموعات وتعطيها اسماء دينية لمهاجمة حركة الشباب. لن تتمكن اثيوبيا من تحقيق اهدافها بوقف الجهاد ضد اعداء الاسلام". نشر في العدد: 16706 ت.م: 30-12-2008 ص: 14 ط: الرياض