ثبتت المناظرة الرئاسية الثانية في الانتخابات الأميركية موقع المرشح الديموقراطي باراك أوباما في صدارة السباق، بعد فشل منافسه الجمهوري جون ماكين في احداث"اختراق"هو في أمسّ الحاجة اليه لقلب المعادلة والقفز في الأرقام قبل أسابيع معدودة من التصويت المقرر في 4 تشرين الثاني نوفمبر المقبل. ورأى معلقون بعد المناظرة ليل الثلثاء - الاربعاء، أن المرشح الجمهوري"خسر لأنه لم يربح"، وأن خصمه الرئيسي في المعركة ليس أوباما، بل الرئيس الحالي جورج بوش وسياسات الجمهوريين في السنوات الثماني الماضية. وعلى مدى تسعين دقيقة ، تواجه المرشحان في جامعة بلمونت في ولاية تينيسي الجنوبية، في سجال تمحور حول الأزمة الاقتصادية وفي ظل أسئلة مشحونة بالهموم المعيشية ومصير"الحلم الأميركي"، طرحها مواطنون عاديون داخل القاعة. وأشار روجر سيمون المعلق في صحيفة"بوليتيكو"الى أن أوباما وماكين كانا مثل"مقاتلين في حلبة مفتوحة للمصارعة"لكن أياً منهما لم يسدد"ضربة قاضية"للثاني ما يعني بالتالي"خسارة ماكين"الذي يتراجع في استطلاعات الرأي وفي معظم الولايات الحاسمة. واستفاد اوباما من التركيز على الأزمة الاقتصادية والتي اعتبرها الأسوأ منذ الكساد الكبير 1929، فيما حاول ماكين الابتعاد عن رصيد بوش، مقدماً اقتراحات لا تعجب الإدارة مثل شراء الحكومة للعقارات المفلسة، ومذكراً بتحالفاته مع نواب ديموقراطيين في الكونغرس مثل روس فاينغولد والسناتور الديموقراطي سابقاً والمستقل حالياً جوزيف ليبرمان للعمل على تشريعات اقتصادية. وتعهد المرشحان الحد من الإنفاق ومعالجة زوايا اقتصادية مهمة، متعلقة بالطاقة والضمان الصحي والاجتماعي، كجزء من استراتيجية حل للأزمة على المدى البعيد. والتقى أوباما وماكين حول اقتراح اسم الثري وارن بافيت لتولي وزارة الخزانة في الإدارة المقبلة، كما شملت لائحة مرشحي ماكين مديرة شركة"ايباي"للمزايدة الإلكترونية سابقاً ماغ ويتمان والتي تشارك في حملته. ولم تنجح محاولات المرشح الجمهوري لفك الارتباط عن الإدارة الحالية في ظل هجوم مركز من أوباما، عرض فيه نقاط التلاقي في السياسة الاقتصادية والخارجية بين بوش ومرشح حزبه. ورأت مورين داود المعلقة في صحيفة"نيويورك تايمز"أن الخصم الفعلي للمرشح الجمهوري هو بوش الذي هزم ماكين مرتين، الأولى في الانتخابات التمهيدية الجمهورية في عام 2000 والتي أوصلت الرئيس الحالي الى البيت الأبيض والثانية هذه المرة بسبب تحول السباق استفتاء على سياساته. ولم تغب السياسة الخارجية وقضايا الشرق الأوسط عن المناظرة، مع تحذير ماكين الأميركيين من اختيار شخص"لا يفهم شؤون الأمن القومي"مثل أوباما، مؤكداً خطورة مواقفه في التعاطي مع روسياوإيران وفي دعوته الى الانسحاب من العراق. ورد أوباما قائلاً:"نعم، أنا فعلاً لا أفهم بعض الأشياء مثل اجتياحنا دولة لا علاقة لها باعتداءات 11 أيلول هي العراق". واختلف المرشحان حول الرد على إيران في حال مهاجمتها إسرائيل، اذ تعهد ماكين رداً عسكرياً من دون التوجه الى مجلس الأمن، فيما أكد أوباما أن الخيار العسكري يبقى على الطاولة ورفض تحديد آلية الرد. والتقى المرشحان في رفضهما تسمية روسيا ب"امبراطورية الشر"وهي العبارة التي أطلقها الرئيس الراحل رونالد ريغان لوصف الاتحاد السوفياتي في خضم الحرب الباردة، وأكدا أن لا عودة الى تلك الحقبة. وأظهرت الاستطلاعات أن أوباما تفوق في المناظرة بنسبة 54 في المئة في مقابل 30 في المئة لمنافسه سي أن أن و39في المئة في مقابل 27 في المئة سي بي أس، وأعطى الناخبون علامات أفضل لأوباما في الصفات القيادية والاقتصاد والعراق والأسلوب في المناظرة، الا أن ماكين تقدم في موضوع الإرهاب. ولبس المرشحان ربطتي عنق بلوني أعلام حزبيهما، الأزرق لأوباما والأحمر لماكين. وأمام ماكين فرصة أخيرة للحاق بأوباما في المناظرة الأخيرة بينهما في نيويورك الأسبوع المقبل.