حاول المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية جون ماكين ترسيخ صورته ك "ثائر" في المعترك السياسي واللعب على أمجاد الماضي وبطولاته في حرب فيتنام، عشية الأسبوع الأخير من حملة الانتخابات الأميركية، لاستدراك تراجعه في استطلاعات الرأي أمام منافسه الديموقراطي باراك أوباما. وقلب ماكين الطاولة على حزبه والرئيس جورج بوش أمس، في اعنف انتقاد له منذ بدء الحملة، كما سربت مواقع إلكترونية لقطات مصورة تعود الى فترة سجن ماكين في المعتقل في هانوي، لعل صور الستينات تمحو نقمة الناخب على الحزب الجمهوري، وتوصل مرشحه الى البيت الأبيض في الرابع من تشرين الثاني نوفمبر المقبل. وفي وجه العاصفة الانتخابية التي تعترض الجمهوريين وتعدّ الأقوى منذ سقوط ريتشارد نيكسون بفعل فضيحة"ووترغيت"في سبعينات القرن العشرين، انقلب ماكين على حزبه أمس، وسياسات بوش الاقتصادية، مشيراً في مقابلة نشرتها صحيفة"واشنطن تايمز"الى أن مسؤولي الجمهوريين والبيت الأبيض"أفرطوا الى حد كبير"في إدارتهم للاقتصاد. ولام بوش على"تناسي قيم رونالد ريغان"وزيادة الإنفاق والعجز، بالتالي الوصول الى الأزمة اليوم. السناتور الجمهوري الذي خاض انتخابات مريرة ضد بوش في العام 2000 فاز فيها الرئيس الحالي، ذكّر بتاريخه الطويل في تحدي حزبه والتواصل مع نواب ليبراليين مثل روس فاينغولد وتيد كنيدي، لصوغ قوانين تساعد الطبقة العاملة. وغمز ماكين ايضاً من قناة أوباما لافتقاده هذه الخبرة و"عدم تخطيه الحاجز الحزبي"في سياساته. وأوردت صحيفة"بوليتيكو"ان تصريحات ماكين لم ترق لشخصيات في الحزب الجمهوري فأنذرت حملته بأن عليه"مهاجمة الديموقراطيين وليس حزبه". وحذرت هذه الشخصيات من أن"على ماكين عدم إغراق السفينة بكاملها"في حال خسارته. وتأتي تصريحات ماكين، في أوج صعود الديموقراطيين في استطلاعات الرأي وفي أكثر من 13 ولاية حاسمة أعطت أصواتها لبوش عام 2004، مثل نورث كارولاينا وكولورادو ونيفادا وأهايو. وبحسب أرقام الاستطلاعات، ضمِن أوباما أكثر من 300 كلية هيئة انتخابية في مقابل 160 لماكين، فيما العدد المطلوب للفوز هو 270 كلية. وعلى الصعيد الوطني، وصل الفارق بين المرشحَين الى 7 نقاط مئوية لمصلحة أوباما، وهي فجوة يصعب ردمها تاريخياً وفي هذه المرحلة من السباق، مع استثناء وحيد سجِّل عام 1948 حين نجح الرئيس السابق هاري ترومان في الانقضاض على خصمه توماس ديوي في الأيام الأخيرة من السباق وحقق نصراً ساحقاً. ويتطلب"سيناريو ترومان"من ماكين اختراق"مثلث أوهايو- بنسلفانيا - فلوريدا"حيث يسجل تراجعاً، إلا أن حملته تعوّل على أصوات الكبار في السن وديموقراطيي"رونالد ريغان"هناك، والذين صوّتوا لهيلاري كلينتون في الانتخابات التمهيدية ولديهم تحفظات عن مواقف أوباما الليبرالية. لكن الأزمة الاقتصادية ومخاوف الأميركيين من خسارة عقاراتهم وصناديق التقاعد الى جانب ارتفاع نسب البطالة، لا تساعد الجمهوريين. وعدا عن الأمن القومي وشؤون الإرهاب، يتصدر أوباما الاستطلاعات في المسائل التي تهم الناخب الأميركي. وسرّبت مواقع يمينية على الانترنت مقاطع من شريط وثائقي فرنسي في 1968، تصوّر خمس دقائق بالأبيض والأسود المرشح الجمهوري حين كان معتقلاً خلال حرب فيتنام. ويتضمن الفيديو لقطات مؤثرة لماكين ورفضه ترك رفاقه في الجيش والقبول بإطلاقه وحيداً يومها.