عدّلت حملة المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية جون ماكين، نبرة خطابها أمس، وتخلت عن الهجوم الشخصي على منافسه باراك أوباما بعدما ذهب بعضهم الى حد تشبيهه بزعيم تنظيم"القاعدة"أسامة بن لادن. وتبنت حملة ماكين خطاباً يركز على الأزمة الاقتصادية والاختلاف العقائدي بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي. ويأتي التحول بعد تراجع كبير لماكين في استطلاعات الرأي، ونعي حظوظه حتى من شخصيات داخل حزبه، قبل ثلاثة أسابيع من موعد الانتخابات في الرابع من تشرين الثاني نوفمبر المقبل. وعشية المناظرة الأخيرة بين المرشحَيْن في نيويورك غداً، حرص ماكين في خطاب محوري له في ولاية فيرجينيا أمس، على ان ينأى بنفسه عن الرئيس جورج بوش، وقال:"لا يمكن أن نكمل السنوات الأربع المقبلة بأسلوب السنوات الثماني الماضية ولايتي بوش وبالاعتماد على الحظ لتغيير الواقع". راجع ص 8 وحصر المرشح الجمهوري انتقاداته لأوباما في خانة الاختلاف العقائدي بين الحزبين، وانتقد السياسة الاقتصادية للديموقراطيين التي تعتمد على زيادة الضرائب وفرض رقابة على القطاع الخاص، متعهداً خفض الإنفاق العام، ومساعدة أصحاب الأعمال الصغيرة من دون زيادة الضرائب. وأقر ماكين بتراجعه في الاستطلاعات لكنه تعهد استرداد المبادرة في الأيام ال21 المتبقية من السباق، مذكّراً الأميركيين بتاريخه السياسي وماضيه العسكري أسيراً في حرب فيتنام خلال السبعينات من القرن العشرين. وعكست الأرقام عمق مأزق الجمهوريين، مع تقدم أوباما على مرشحهم بعشر نقاط مئوية، بحسب استطلاع لصحيفة"واشنطن بوست"وشبكة"أي بي سي التلفزيونية"، واختراقه ولايات جنوبية مثل ميسوري ونورث كارولينا، وصولاً الى جورجيا التي لم يحصد الديموقراطيون أصواتها منذ فوز جيمي كارتر بالرئاسة عام 1976. وأظهر الاستطلاع تصدر الأزمة الاقتصادية الاهتمامات واعتقاد 90 في المئة من الأميركيين بأن البلاد تسير في الاتجاه الخاطئ، وهو العائق الأكبر أمام ماكين بعد ثماني سنوات للجمهوريين في البيت الأبيض. كما نبذ المستطلَعون النهج السلبي لخطاب حملة ماكين في الأسابيع الماضية، خصوصاً بعد تشبيه رئيس الحزب الجمهوري في ولاية فرجينيا، جيفري فريدريك، أوباما بزعيم تنظيم"القاعدة". ونقلت مجلة"تايم"الأميركية عن فريدريك قوله ان أوباما وبن لادن"لديهما أصدقاء فجروا البنتاغون"في إشارة إلى علاقة أوباما بالناشط الراديكالي بيل آريز الذي تورط بتفجير مبانٍ حكومية في الستينات. وندد الديموقراطيون والجمهوريون في فرجينيا بتصريحات فريدريك، إلا أن النمط السلبي للجمهوريين تحول سبباً لنفور المستقلين والمعتدلين منهم. واللافت ان 81 في المئة من المستطلعين اعتبروا ان الأزمة الاقتصادية"تشكل تهديداً لنوعية حياة الأميركيين، أكبر من تهديد الإرهاب". وأبدوا ثقتهم بتفوق الديموقراطيين في الخطط الإصلاحية. وحسّن أوباما موقعه في أوساط الطبقة العاملة و"ديموقراطيي رونالد ريغان"، الفئة المحورية للفوز، في ولايات أوهايو وبنسلفانيا وفلوريدا. وقام المرشح الديموقراطي بجولة في أوهايو خلال عطلة الأسبوع، دق فيها أبواب الناخبين، فيما توجه"نائبه"جوزيف بايدن برفقة الزوجين بيل وهيلاري كلينتون الى بنسلفانيا لحشد التأييد لأوباما هناك. وهاجمت كلينتون الجمهوريين بشدة، قائلة:"بالنسبة الى ماكين والرئيس جورج بوش، الطبقة الوسطى ليست أساسية، انها ديكور". وأضافت ان"تكليف الجمهوريين بحل هذه الأزمة الاقتصادية مثل تكليف ثور بتنظيف خزانة خزف، والنتيجة انهم كسروها". وسيتواجه أوباما وماكين غداً في مناظرة أخيرة في جامعة هوفسترا في هامبستيد في نيويورك، وهذه هي الفرصة الأخيرة لماكين لوقف تراجعه في الاستطلاعات. ورأى المعلق اليميني بيل كريستول أن ماكين يحتاج الى"نمط غير تقليدي"في المرحلة المقبلة، للفوز، معتبراً ان حظوظ المرشح الجمهوري"منتهية"إذا استمرت الأمور على ما هي عليه.