نغّص انفجار طرابلس الذي استهدف حافلة تقل جنوداً من الجيش اللبناني أول من أمس، على اللبنانيين الاحتفال بعيد الفطر أمس، فخيّمت تداعيات هذا الانفجار على اليوم الأول من العيد، خصوصاً أن عدد شهداء التفجير الإرهابي ارتفع من خمسة، أربعة من العسكريين ومدني واحد الى سبعة، بوفاة اثنين من المدنيين، متأثرين بجراحهما الخطرة، من بين الجرحى ال27 الذين أصيبوا سواء في الحافلة المستهدفة وهم عسكريون، أو من المدنيين الذين صادف مرورهم لدى وقوع الجريمة. وركزت خطب عيد الفطر على وجوب التضامن بين اللبنانيين لتفويت الفرصة على المتآمرين ووجوب تعزيز دور الجيش والقوى الأمنية. وبقيت الطريق الدولية بين طرابلس وبيروت وفي اتجاه قضاء الكورة، مقفلة عند نقطة البحصاص حيث وقع التفجير الإرهابي الذي لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنه، نتيجة الإبقاء على مسرح الجريمة لمواصلة جمع الأدلة والتأكد من طبيعة الانفجار. وأفادت مصادر التحقيقات الأولية بأن العمل لا يزال جارياً على تجميع المعطيات حوله من دون الكشف عن خيوط رئيسة، في وقت توالت ردود الفعل المحلية والخارجية المستنكرة للجريمة باعتبارها تستهدف المؤسسة العسكرية، ومناخ المصالحات الجارية وتقويض الاستقرار في البلاد. راجع ص 7 وكان الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان تلقى ليل أول من أمس اتصالاً من الرئيس السوري بشار الأسد استنكر فيه الأخير الجريمة بعدما كان سليمان اتصل بنظيره السوري قبل يومين مستنكراً التفجير الذي استهدف مدخل دمشق. وقالت مصادر رسمية ل"الحياة"إن الاتصال استغرق وقتاً قصيراً وكان هدفه تكرار الإدانة السورية للعمل الإرهابي. وكررت فرنسا إدانة تفجيري طرابلسودمشق معتبرة أن هدفهما"المس بمؤسسات سورية ولبنانية تكافح الإرهاب". وذكر الناطق باسم الخارجية الفرنسية أن"التفسير السوري لمبرر انتشار قوات سورية على الحدود الشمالية مع لبنان كانت انه على صلة بمسائل أمنية داخل الأراضي السورية". ولفتت الإدانة الروسية للجريمة معتبرة أن هدف الإرهابيين هو الجيش اللبناني الذي لم يسمح بالانزلاق نحو الحرب الأهلية. وقالت مصادر التحقيق في الجريمة ل"الحياة"إنه لم يجزم حتى الآن ما إذا كانت العبوة الناسفة التي استهدفت الحافلة التي تقل العسكريين زرعت في إحدى السيارات التي كانت مركونة الى جانب الطريق، أو في إحدى الدراجات النارية التي تناثرت قطعاً عند وقوع الانفجار. وذكرت أن العمل جارٍ على حسم أي من الاحتمالين. فيما يجري التحري عن أشخاص يشتبه في أن يكونوا متورطين في الجريمة. وإذ أوضحت المصادر أن لا تقدم حتى الآن في مسار التحقيق وإن كان جمع المعطيات من مسرح الجريمة يقترب من تكوين صورة عن طريقة حصولها، فإن مصادر أمنية رفيعة أشارت الى صعوبة تعقب بعض المعطيات. وقالت المصادر أنه قبل حصول الانفجار كانت ملاحقة اتصالات هاتفية يجريها بعض المشتبه بعلاقاتهم بمجموعات أصولية منها"فتح - الإسلام"وغيرها لمعرفة الأرقام المُستخدمة من دون التنصت على المكالمات قد توقف منذ تشكيل الحكومة الحالية في آب أغسطس الماضي، على رغم أنها كانت تتم بعلم النيابة العامة التمييزية، بهدف تحليل وتعقب صلات بعض الأشخاص لعلها تفيد الأجهزة الأمنية. وغلب القلق على المستويين السياسي والأمني في لبنان من أبعاد ومخاطر تفجير طرابلس الثاني الذي يستهدف الجيش، بعد انفجار 13 آب أغسطس الماضي، وكان مدار تقويم أول من أمس بين الرئيس سليمان ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة. وقال سليمان أمس إن"ضريبة الدم التي تدفعها المؤسسة العسكرية ستزيد من تصميمنا على اجتثاث الإرهاب بأشكاله كافة". وإذ دعا أثناء استقباله البطريرك الماروني نصرالله صفير، في القصر الجمهوري في بعبدا، اللبنانيين الى رصِّ خطواتهم في المشاركة في إعادة بناء وطنهم. وزار موقع جريمة طرابلس أمس قائد الجيش العماد جان قهوجي، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي وتفقدا جرحى الانفجار. وفيما شيع الجيش شهداءه الأربعة وجميعهم من قرى عكار والهرمل وسط مظاهر الحزن والغضب، قال قهوجي الذي جال على الوحدات العسكرية المنتشرة في الشمال، إنه مهما تمادى هذا الإرهاب لن يستطيع إخضاع الشعب اللبناني كما لن يتمكن من إرباك المؤسسة العسكرية أو النيل من عزيمتها، وأكد أن الجيش سيبذل كل طاقاته لكشف هوية الجناة. وكان سليمان بحث مع البطريرك صفير في الأوضاع السياسية والأمنية قبيل سفر الأخير الى الفاتيكان اليوم، وقال صفير إن رئيس الجمهورية أطلعه على زيارته الى الولاياتالمتحدة. وتمنى صفير أن"يكون هناك هدوء وسلام في لبنان وفي سورية وكل البلدان المجاورة"تعليقاً على تفجيري طرابلسودمشق. كما تناولا جهود المصالحة المارونية واعتبر صفير أن"سائر الطوائف أبدت رغبة في التلاقي ويبقى على الموارنة أن يقوموا بهذا التلاقي". وأضاف:"أن يتفق جميع اللبنانيين على رأي واحد فهذا مستحيل، المطلوب ألا يهاجموا بعضهم بعضاً". ونفى صفير ان تكون البطريركية المارونية منحازة كما قال الوزير السابق سليمان فرنجية مشيراً الى أنها قامت بتحرك من أجل المصالحة المارونية منذ زمن وعندما وصلنا الى النقطة الأساسية تبرأ كل طرف بحجة مختلفة... وسنحاول لاحقاً عندما نرى الظروف مؤاتية". لكنه بارك كل مصالحة أينما أجريت رداً على سؤال حول إمكان إتمامها في القصر الرئاسي. وقالت مصادر رسمية أن البحث في المصالحة بين سليمان وصفير يتم على أساس أنها تجعل الحوار الوطني القائم بين الفرقاء اللبنانيين أكثر فاعلية، مع احتفاظ كل فريق بمواقفه وتحالفاته. وذكرت أن الجهود المبذولة لم تصل بعد الى مرحلة تحديد مكان المصالحة في القصر الرئاسي أو في مقر البطريركية.