فرضت نتائج الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأميركية في ولايتي نيفادا وكارولينا الجنوبية معطيات جديدة في السباق تمثلت بصعود السناتور الديموقراطية هيلاري كلينتون وخصمها الجمهوري السناتور جون ماكين كمرشحي الصدارة عن حزبيهما. وتباينت الأولويات لدى ناخبي الحزبين، إذ استأثر الاقتصاد باهتمام الديموقراطيين، فيما أعطى الجمهوريون أولوية للسياسة الخارجية والقدرة على الاحتفاظ بالبيت الأبيض. راجع ص9 وركزت كلينتون جهودها أمس نحو السعي الى مصالحة الأقلية الأفريقية - الأميركية، فيما وصل ماكين الى فلوريدا استعداداً لمعركة شرسة مع عمدة نيويورك السابق رودي جولياني. وبعد فوز محوري لها في ولاية نيفادا غرب مكنتها منه قاعدة الحزب التقليدية الجيل الأكبر سناً ورموز الحزب والأقلية اللاتينية التي اقترعت بأعداد كبيرة والصوت النسائي، استعادت كلينتون صدارتها في السباق الديموقراطي مستفيدة من الخبرة والتركيز على الاقتصاد لاستقطاب الناخبين. وتعطي نتائج نيفادا وتركبيتها الانتخابية، أفضلية لكلينتون في ولايات الغرب حيث يتسع نفوذ الأقلية اللاتينية، والنخب التقليدية للحزب. وتوجهت المرشحة الديموقراطية الى ضاحية هارلم في نيويورك أمس، لإعادة مد الجسور مع الأميركيين السود الذين أبدوا تحفظات عن تصريحاتها الأخيرة عن مارتن لوثر كينغ وبعض انتقاداتها لمنافسها باراك اوباما، بعدما خذلها السود في ولايتي ميتشيغن ونيفادا وبفارق يزيد على ال60 في المئة لمصلحة الأخير. ويعتبر صوت هذه الأقلية محورياً في ولاية كارولينا الجنوبية حيث يتواجه الديموقراطيون السبت ويتقدمها أوباما في الاستطلاعات. ونقلت تقارير اعلامية أن حملة كلينتون ستبذل قصارى جهدها للفوز هناك واختصار الطريق الى لقب الحزب. وستوظف شعبية الرئيس السابق بيل كلينتون الملقب بأول رئيس أسود للولايات المتحدة، في استرضاء الأقلية. وحصرت نتائج نيفادا مواجهة الديموقراطيين بين كلينتون وأوباما، بعد عجز أدواردز عن حصد نسبة الخمسة في المئة المطلوبة هناك، إلا أنه أكد بقاءه في السباق وعلى الأقل حتى محطة كارولينا الجنوبية، مسقط رأسه. بدوره، حقق ماكين مصالحة تاريخية مع ناخبي كارولينا الجنوبية الذين أعادوه الى الصدارة وطووا صفحة العام 2000 حين اقترع الانجيليون في الولاية بكثافة للرئيس جورج بوش ورموا ماكين خارج اللعبة. وعزا المراقبون فوزه، لصورته كالمرشح الأكثر قدرة على هزيمة الديموقراطيين في تشرين الثاني نوفمبر المقبل، ولتراجع تأثير الانجيليين في الحزب الجمهوري بعد ولايتين للرئيس بوش. ونقل ماكين بعد خطاب الفوز حملته الى ولاية فلوريدا حيث سيتواجه في معركة حاسمة مع رودولف جولياني الذي ركز ثقله هناك. ويتميز الرجلان بقوتهما في مسائل الأمن القومي وتشددهما في السياسة الخارجية، القضيتين المفضلتين للقاعدة الحزبية للجمهوريين. وأضعفت نتائج كارولينا الجنوبية موقع حاكم أركنساو السابق مايك هاكابي، من دون أن تقضي على حظوظه، وكانت شبه ضربة قاضية للمرشح فرد تومبسون المتوقع خروجه قريباً. أما حاكم ماساتشوستس السابق ميت رومني والذي فاز في نيفادا بجمع أكبر عدد ممكن من المندوبين، ففرض قوته في المرحلة المقلبة، ولو لم يحتل الصدارة في بعض الولايات. وتقدم كلينتون وماكين في الولايتين المعروفتين بأنهما مؤشران الى الفائز باللقب عن الحزبين الفائز في نيفادا يحسم لقب الديموقراطيين، وفي كارولينا الجنوبية لقب الجمهوريين في السنوات العشرين الماضية. وعكس ذلك انحياز الأميركيين نحو مرشح صلب وله خبرة طويلة في الميدان السياسي في ضوء التحديات الأمنية والاقتصادية التي يواجهها الناخب. الا أن بعض القراءات في نتائج الأمس طرحت علامات استفهام حول النظرة السلبية الى هيلاري، وارتباط ماكين الوثيق بالحرب في العراق وتقدمه في السن عن بقية المرشحين، وشككت بقدراتهما على الفوز بالبيت الأبيض. كما أنذرت نسبة المشاركة الضخمة في صفوف الديموقراطيين الحزب الجمهوري الذي شهد اقبالاً متواضعاً.