أهدت ولاية نيوهامبشير امس، انتصاراً تاريخياً للمرشحة الديموقراطية السناتور هيلاري كلينتون، كان كفيلاً بأن يشعل السباق الرئاسي ويعيد اليها صورة المرشحة الحميمية والصادقة، ويضعها على الجبهة الأمامية في المعركة على البيت الأبيض في مواجهة السناتور باراك أوباما، منافسها للفوز بترشيح الحزب الديموقراطي للرئاسة. وبدت الصورة أكثر تعقيداً في معسكر الجمهوريين، بفوزالسناتور جون ماكاين بأصواتهم في الولاية، ما هدد بالقضاء على حظوظ حاكم ماساتشوستس السابق ميت رومني، وأصاب حملة حاكم اركنساو السابق مايك هاكابي بنكسة. وانسحب الأمر ذاته على عمدة نيويورك السابق رودولف جولياني، في انتظار الحسم بين المرشحين الجمهوريين الخمسة في الولايات الكبرى خلال أسبوعين. هيلاري وحصدت كلينتون فوزها الأول في الانتخابات التمهيدية داخل الحزب الديموقراطي، في أحرج مراحل حملتها الانتخابية، مع طرح علامات استفهام حول شرعيتها السياسية والتي تلقت ضربة موجعة من أوباما ادت الى خسارتها في انطلاقة السباق في آيوا الأسبوع الماضي. وجاء الفوز في نيو هامبشير مفاجئاً لهيلاري نفسها بعدما توقعت استطلاعات الرأي قبل التصويت قفزة شاسعة لأوباما وفوزه على منافسته بفارق يزيد عن ست نقاط. الا أن ناخبي"ولاية الصوان"والمعروفين ببراغماتيتهم وتميزهم في قرارهم السياسي عن بقية الولايات، أعطوا كلينتون فوزاً كانت في أمس الحاجة عليه وبمجموع فاق المئة ألف صوت وبنسبة 39 في المئة في مقابل 37 في المئة لمنافسها. وفي خطاب مؤثر يختلف عن اللهجة الباردة والمنهجية التي رافقت خطاباتها سابقاً، شكرت كلينتون ولاية نيوهامبشير وناخبيها، وقالت:"استمعت اليكم ووجدت صوتي فلنعط أميركا الفرصة التي منحتني اياها الولاية"، مشيرة الى التحديات التي تواجه السياسة الأميركية وعلى ضرورة"انهاء الحرب في العراق بالأسلوب الصائب واسترجاع مكانة أميركا في العالم". وكان للصوت النسائي الدور الأكبر في نجاح السيدة الأولى سابقاً، بعدما نالت 47 في المئة من أصوات الناخبات في مقابل 34 في المئة لمنافسها، كما حصدت صوت القاعدة الحزبية الديموقراطية بنسبة 45 في المئة وبفارق 11 نقطة عن أوباما. وحل السناتور جون أدواردز في المركز الثالث وبفارق شاسع عن منافسيه، اذ حصل على 17 في المئة فقط، تلاه حاكم ولاية نيو مكسيكو السابق بيل ريتشاردسون بنسبة 5 في المئة. وكثر الهمس عن احتمال خروج أدواردز من السباق بعد معركة مسقط رأسه ساوث كارولينا الأسبوع المقبل. صفحة جديدة وفتحت نتائج أمس صفحة جديدة في السباق الرئاسي، تضع أوباما في مواجهة مباشرة مع كلينتون، وفي ظل قيام كل منهما بإعادة مراجعة لاستراتيجية الحملة، وتسريبات اعلامية عن تغييرات في حملة كلينتون والتخلي عن وجوه بارزة في إدارة زوجها بيل كلينتون. وأجمع المراقبون على أن الفوز في نيوهامبشير عكس شعبية لهيلاري وليس لزوجها، كونها تولت قيادة الحملة في الأيام الأخيرة بعد خسارة آيوا مع مستشارين قريبين منها وليسوا على ارتباط وثيق بإدارة كلينتون السابقة. من هنا بدت كلينتون بصورة جديدة أقرب الى الناخب وأقل تردداً في التعبير عن مشاعرها سواء غضبها في المناظرة أو تأثرها لدى لقاء الناخبين، ما ساعد بحسب البعض في فوزها. وغابت وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت والوجوه التقليدية عن صور الاحتفال بانتصار كلينتون واستبدلت بحشود من الطلاب الجامعيين والشباب للتأكيد على حيوية الحملة وتطلعها للمستقبل. الا أن الحملة استفادت في شكل كبير من شعبية الرئيس كلينتون في الولاية، وعلاقته الوطيدة بحكامها ومجالسها الفرعية، كما تولى كلينتون مهاجمة أوباما في الأيام الأخيرة لرفع أسهم زوجته. وينتظر أن تطلق حملة هيلاري سياسة أكثر هجومية في تناول رصيد أوباما، وستستثمر زخم نيو هامبشير في المحطات المتعاقبة لتؤكد على أن السناتور الديموقراطية المرشحة الأكثر خبرة وقدرة على هزم الجمهوريين. الجمهوريون بدورهم، اصطف الجمهوريون في الولاية الشمالية الشرقية مرة أخرى وراء السناتور جون ماكين، وانتخبوه بنسبة 37 في المئة في مقابل 32 في المئة لحاكم ماساتشوستس الولاية المجاورة سابقاً ميت رومني. وحل عمدة نيويورك السابق رودي جولياني في المركز الرابع مخيباً آمال مناصريه في الولاية، وليبقي رهانه على الفوز في ولاية فلوريدا في 29 الجاري والانطلاق منها للولايات الكبرى. وحوّل المرشحون الجمهوريون نظرهم أمس الى ولايتي ميتشيغان ونيفادا حيث المرحلة التالية للانتخابات التمهيدية. ويتقدم رومني في ميتشيغان، الولاية التي لن تشهد تنافساً ديموقراطياً بقرار أجمع عليه مرشحو الحزب، ويتنافس رومني مع حاكم أركنساو السابق مايك هاكابي على نيفادا. الا أن نتائج أمس احدثت تحولات في السباق، قد ترفع من رصيد ماكين أو هاكابي في تلك الولايات.