يرتكز العمل في شركة"انفوسيس" Info Sys الهندية ومقرها مدينة"بنغلور"في ولاية"كارنتاكا"الجنوبية على قاعدة مفادها"اختر الأشخاص المناسبين، ووفّر لهم المناخ المناسب، واحترم عمل كل شخص ثم ارفع سقف مطالبك... وأبلغ العاملين أنهم لن يشنقوا بسبب أنهم خاطروا في شيء ما أو أخطأوا في أشياء تعلموا منها". بهذه الفلسفة أصبحت"انفوسيس تكنولوجيز"، التي أنشئت في عام 1981، الشركة الرائدة في بلاد المهاتما غاندي في مجال البرمجيات. وتقدر قيمتها السوقية حالياً بنحو 200 مليون دولار. وقد أدرجت أسهمها رسمياً في بورصة"ناسداك"الأميركية التي تتألف من أسهم شركات التكنولوجيا الإلكترونية المتطورة في المعلوماتية والاتصالات. الاستثمار في علوم الكومبيوتر وتستقطب الشركة التي يعمل فيها نحو 81 ألف شخص، عدداً من اشهر المبرمجين العالميين، وآلاف الأشخاص الأجانب الذين يفدون إليها كمبعوثين من أهم الشركات العاملة في مجال الالكترونيات لتعلم التفاصيل الدقيقة لأعمال برمجة الكومبيوتر، قبل أن يعودوا للعمل في شركاتهم الأصلية. ويعني ذلك أن الهند دخلت مرحلة الاستثمار في التكنولوجيا الرقمية بما في ذلك تصديرها ولا تكتفي بموقف المستهلك أو المستورد لهذه التقنية، كما هي الحال في معظم دول العالم الثالث بما فيه الدول العربية. ويعمل معظم طاقم الشركة في الهند، وأفراده مسؤولون عن معظم مبيعات الشركة التي تجاوزت العام الماضي نحو ثلاثة بلايين دولار أميركي. وتبدو مدينة بنغلور مكاناً مناسباً لاستضافة مقر هذه الشركة. وتعج بنغلور بشركات المعلوماتية المحلية وكذلك تلك التي تعتبر أفرعاً للشركات العالمية العملاقة. ويُنظر الى المدينة، التي تنطق شوارعها ومبانيها وتنظيمها المدني بتأثرها الكبير بأنماط الحياة الغربية، على أنها"وادي السيليكون"في الهند. وخلال العقدين الماضيين، برز معلم جديد ما لبث أن تحوّل الى أحد أهم ثوابت الاقتصاد العالمي، ويتمثل ذلك المعلم في لجوء كثير من الشركات العالمية العملاقة الى نقل بعض أقسامها ووظائفها إلى دول محورية في العالم النامي، ومنها الهند. ويُرجع مسؤولون في شركة"أنفوسيس"اختيار الهند الى كونها تحولت في السنوات القليلة الماضية، من بلد فقير ونامٍ إلى منطقة جذب لاقتصاديات عالمية في تقنية المعلومات، وكذلك إلى دولة مصدرة للبرمجيات والحلول التطبيقية. واكتسحت كثير من برمجيات الكومبيوتر الهندية أسواق الولاياتالمتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي. ومن المتوقع أن تصل قيمة صادرات الهند من برامج المعلوماتية إلى 50 بليون دولار في العام 2008. وتقدم شركة"انفوسيس"لعملائها على الصعيد العالمي الاستشارة المتخصصة في علوم الكومبيوتر، إضافة الى مجموعة من الخدمات الأخرى في المجال عينه. ويقول القائمون عليها:"نحن شركاء في بناء فكرة عامة ومعرفة عن التكنولوجيا التي تقود مبادرة الانتقال إلى مجال الأعمال". وقد أنشأت هذه الشركة الهندية النشطة مجموعة مما يسمى بپ"المكاتب الخلفية"وهي مقرات فرعية نظرياً، لكنها تشارك عملياً في صنع منتجات الشركة في المكسيك وتشيخيا وتايلاند والصين والفيليبين، إضافة إلى بعض الولايات الأميركية ذات الدخل المنخفض. وتسعى الشركة إلى أن تصبح لاعباً عالمياً في مجال ظاهرة"نقل الخدمات""سيرفس تراسنفير"Service Transfer بحيث تقدر على العمل مع أي من الشركات الراغبة في الارتقاء بأعمالها وتوسيعها في السوق العالمية. وتعمل"انفوسيس"حالياً على التقليل من اعتمادها على الولاياتالمتحدة الأميركية التي تمثل مصدراً لنحو 60 في المئة من عائداتها من خلال تعزيز عملياتها في القارة الأوروبية. ويرتكز العمل في"انفوسيس"على تقسيم المشروع إلى أجزاء، وإعطاء كل جزء لعامل مناسب ثم يتم التدقيق في الجودة من قبل خبراء معروفين ليصار إلى تصدير المنتج النهائي. وتوقعت"المنظمة الوطنية لشركات البرمجيات والخدمات""ناسكوم"NASCOM أن تبلغ قيمة العقود التي تستطيع الشركات الهندية انتزاعها على مدى العامين المقبلين في سوق المعلوماتية والاتصالات المتطورة، إلى قرابة 100 بليون دولار ويعزو متخصصون عوامل نجاح التجربة الهندية إلى العامل البشري وانتشار الجامعات والمعاهد التقنية وانتشار اللغة الإنكليزية إضافة إلى انخفاض الأجور. ويعتبر نمو الاقتصاد الهندي عاملاً مهماً في النهوض بأعمال هذه الشركة. ويحقق ذلك الاقتصاد نمواً مستمراً، وكذلك يساهم قطاع الخدمات بنحو 51 في المئة من الدخل القومي. ويشهد قطاع تصدير البرمجيات نمواً سنوياً يتراوح بين 40 و50 في المئة الأمر الذي جعل الهند تتبوأ المكانة الثانية عالمياً في تصدير البرمجيات. ويدعم النظام الضريبي الهندي صناعة البرمجيات والتطوير الخارجي للخدمات، إذ يمنح إعفاء ضريبياً لخمس سنوات للشركات التي تعمل في مجال تقديم خدمات الانترنت. وتصل المدة عينها إلى عشر سنوات للمجمعات التقنية وللشركات العاملة في البحث العلمي.