صدر كتاب "المجتمع المصري في العصرين المملوكي والعثماني" عن المجلس الأعلى للثقافة في القاهرة. وهو حصيلة أعمال المؤتمر العلمي السنوي الذي نظمته الجمعية المصرية للدراسات التاريخية قبل نحو سنتين. تناول المحور الأول موضوعاً بقلم الدكتور أيمن فؤاد سيد بعنوان"اندريه ريمون عاشق القاهرة"، وتحدث فيه عن بدايات اهتمام الفرنسيين بتاريخ القاهرة منذ قدوم حملة نابليون وصولاً الى ريمون، وكيف وجه اهتمامه الى دراسة القاهرة العثمانية بصفة خاصة؟ إذ كانت كل الدلائل تشير الى انه سيركز مجال اهتمامه في دراسة تاريخ تونس في العصر الحديث، إضافة الى لقائه المؤرخ شارل اندريه جوليان الذي لم يتحمس كثيراً لموضوع دراسة تاريخ تونس. ومع ذلك وجه نظره الى الذهاب الى كلية"سانت انطوني"في اكسفورد حيث وجد مجموعة من الأساتذة المميزين مثل: ريتشارد والز وجوزيف شاخت وجوفري لويس وألبرت حوراني. والأخير هو الذي سيؤثر على ريمون في مجال دراسته:"لقد كان حوراني هو الذي جعلني أفهم تاريخ الدولة العثمانية في الإطار الذي أتممت فيه بعد دراساتي. فكل مجرى حياتي الدراسية كمؤرخ للعالم العربي الحديث، كانت نتيجة تدريسه وأنموذجه. إذ تكونت في فرنسا كمؤرخ عام. أما تكويني كمؤرخ للعالم العربي، فإني مدين به الى ألبرت حوراني والى"أكسفورد"التي درست فيها العربية بطريقة منطقية". ثم يتناول المحور رحلة ريمون الى دمشق ثم القاهرة وبدء اهتمامه الجدي بدراسات تاريخ مصر العثمانية، والتي كانت ثمرته الأولى والمهمة أطروحته:"حرفيو وتجار القاهرة". أما المحور الثاني من الكتاب، فيحمل عنوان"التاريخ"، ويحتوي على مقالات ودراسات للدكتور محمود اسماعيل عن إشكالية المنهج في تواريخ العصر المملوكي، عز الدين ابن شداد نموذجاً. وفيه يحاول الباحث تأكيد فرضية التدهور الكيفي في الفكر التاريخي المملوكي، على رغم الازدهار"الكمي". إذ أن معظم ما كتب كان نقلاً واقتباساً عن السابقين، من دون أدنى إبداع أو ابتكار، كما فشت ظاهرة"السطو"على مؤلفات المؤرخين القدامى ونسبة ما سرق الى من سرق. وهكذا، يدلل الباحث على صحة مقولته في ثنايا البحث. وكانت ورقة الدكتورة نجوى كمال كيره عن"المشاعليه وأثرهم في المجتمع المصري خلال العصر المملوكي". وتساءلت فيه الباحثة: هل كان دورهم في حياة المجتمع المصري مؤثراً أم ثانوياً؟ وهل كان إيجابياً أم سلبياً؟ وبخاصة ان الفئة تلك كانت مهمشة في المجتمع في ذلك العصر، أيضاً همشتهم الكتابات والدراسات التي تحدثت عن الطوائف والمهن والحرف المختلفة في عصرنا. أما الدكتور حسن أحمد عبدالجليل البطاوي، فتناول موضوعاً طريفاً غير مطروق كثيراً وهو"نساء الناصر محمد بن قلاوون ودورهن في المجتمع المصري المماليكي"، خصوصاً ان الناصر طالت فترة إقامته بين النساء - والدته وجواريها - فوقعن في قلبه موقعاً خاصاً، وحظيت بعد ذلك زوجاته وجواريه بتقديره. وقريباً من تلك الدراسة، كانت ورقة الدكتور علي السيد علي عن"الرعاية الاجتماعية للجواري والعبيد السود في العصر المملوكي". وتطرق الدكتور عطية القوصي الى موضوع في التاريخ الاقتصادي، وهو موضوع جديد لم يتطرق لدراسته باحث من قبل، نظراً الى ندرة المادة العلمية المتحصلة عنه وهو موضوع"المتجر السلطاني في العصر المملوكي". وتناول المحور الثالث مواضيع متعلقة بالفنون والآثار مثل"تخطيط ايوان القبلة في العمارة المملوكية"و"بعض التأثيرات الفنية المملوكية على الخزف الإيطالي خلال القرنين 14 و15م و"مدخل الى أثر الفكر الصوفي في الفن الاسلامي"حيث ربط الباحث بين ظواهر الفن الاسلامي بسياقاتها الدينية والسياسية والاجتماعية، ووضع الأساس المنهجي الذي يمكن من خلاله تلمس الأثر المحتمل للفكر الصوفي على الفن الاسلامي... أما المحور الرابع فمخصص للأدب، وفيه ثلاث ورقات عن"ظاهرة التأليف الموسوعي في العصر المملوكي"و"فن الموشحات في العصر المملوكي في مصر والشام"و"الدولة العثمانية في كتابات فولتير". * باحث في التاريخ الحديث