مرّة ثانية يعود الملف العراقي المصوّر إلى واجهة المسابقة الرسمية للدورة الرابعة والستين من مهرجان البندقية السينمائي الدولي. ففي غضون ثلاثة أيام فقط من عمر المهرجان المنعقد في جزيرة"ليدو"في المدينة العائمة، جاء فيلم المخرج الكندي بول هاغّيس"في وادي إيلاه"من بطولة الثلاثي تومّي لي جونس، تشارليز ثيرون وسوزان ساراندون، متخلصاً من السطحية المقلقة التي تناول بها المخرج الأميركي برايان دي بالما الوضع في العراق في فيلمه"سري". وعلى رغم اشتراكه مع دي بالما في جزئية استخدام الصورة الرقمية لمشاهد الحرب في العراق، تمكّن هاغّيس في فيلمه المؤثّر من الاقتراب من النتائج التي خلّفتها الحرب الراهنة على جيل الشباب الأميركي، فمنح الشاشة عملاً مهماً يدين الحرب وصانعيها أينما كانوا أو أية بزة ارتدوا. يروي الفيلم مأساة محقق عسكري متقاعد تومّي لي جونس يبحث عن ولده الجندي العائد من العراق في إجازة قصيرة. تساعده الصدفة على لقاء محققة شابة تشارليز ثيرون، ليكتشف الإثنان أن الشاب لم يهرب من الخدمة العسكرية، بل تعرّض للقتل ومُثّل بجثّته ببشاعة مفزعة. تسود القناعة لدى المحققين بأن الشاب قتل على يد عصابات تجار المخدرات المكسيكيين، إلاّ أن إصرار الأب على الدفاع عن سمعة ولده يُفضي إلى اكتشاف الحقيقة المُرّة، وهي أن الجندي الشاب مايكل لم يُقتل على يد تجار المخدرات بل على يد أقرب الناس إليه. وبتصفيته أراد القتلة إخفاء إحدى بشاعات الحرب في العراق. فيلم مميّز ومؤثر وأداء رائع للثلاثي تومي لي جونس وتشارليز ثيرون وسوزان ساراندون. والنجوم الثلاثة يستحقون أكثر من جائزة بعد أن نالوا تصفيقاً صادقاً من الجمهور والنقاد.