بعد أكثر من 20 سنة من التألق على خشبات المسارح الأوروبية والعربية، تأمل الفرقة القومية للفنون الشعبية استعادة ماضيها المتوهج، على رغم الظروف الامنية الصعبة ومغادرة عدد كبير من أعضائها العراق. وتقول معاونة مدير الفرقة ومصممة لوحاتها الاستعراضية هناء عبد الله ان"السنوات العشر الاخيرة ألقت بظلالها على نشاطات الفرقة، فغابت مدّة طويلة عن مسارح أوروبا والبلدان العربية بسبب الاوضاع ومغادرة عدد كبير من اعضائها البلاد". وتضيف"كان للفرقة قاعة ومسرح خاص بعروضها المحلية وتدريباتها، حيث تقدم عليها لوحاتها الفنية بانتظام أمام المشاهدين، خصوصاً من متذوقي التراث والفلكلور العراقي. لكن لم نستطع تقديم عروضنا عليها منذ عام 2003 لأننا نخشى الذهاب الى مكان القاعة". تأسست الفرقة القومية للفنون الشعبية التابعة لدائرة السينما والمسرح العراقية عام 1971 على يد عميد المسرح العراقي الفنان الراحل حقي الشبلي. ومنذ تأسيسها اتخذت مقراً لها في"قاعة الشعب"الشهيرة الواقعة في منطقة باب المعظم من جانب الرصافة، التي تعدّ من الأماكن الساخنة اليوم نتيجة تردّي الاوضاع الامنية، ودأبت على تقديم عروض اسبوعية وشهرية. وتعرضت"قاعة الشعب"اثناء اجتياح العراق عام 2003 الى حريق كبير اتى على المسرح والمخازن الكبيرة التي كانت ملابس العارضين تحفظ فيها ويعود تصميمها وانجازها الى اكثر من 30 سنة. اما الآن فلم يتبق سوى عدد قليل من الملابس التراثية والادوات كالسيوف والخناجر وأدوات صيد الاسماك التي تستخدم عادة في اللوحات التي تُستوحى من عالم الاهوار جنوب البلاد. وتضم الفرقة الآن 20 راقصاً وراقصة، بعد ان كانت تضم سابقاً أكثر من 40 فناناً فضل معظمهم المغادرة والاستقرار خارج البلاد. ولم تخف معاونة مديرة الفرقة حجم التهديد والمخاطر التي يواجهها الفنانون وقالت"نواجه الآن فترة صعبة نتيجة الظروف الامنية، وقدومنا الى القاعة لإجراء التدريبات الروتينية نعده مجازفة". وتتخذ الفرقة القومية للفنون الشعبية من قاعة المسرح الوطني المخصصة للعروض المسرحية، مكاناً لتدريباتها وعروضها التي باتت متقطعة الآن، ما دفع بمسؤولي دائرة السينما والمسرح الى انشاء مسرح صغير في المكان ذاته لإجراء التدريبات. يشار الى ان الفرقة كانت تعرف منتصف ستينات القرن الماضي بفرقة الرشيد للفنون الشعبية وتحول اسمها الى الفرقة القومية للفنون الشعبية عام 1971 الذي اعتبر تاريخاً رسمياً لتأسيسها. وقدمت الفرقة عروضها في اكثر من 60 دولة اوروبية وعربية ابرزها العروض التي قدمتها في مبنى الاممالمتحدة في نيويورك عام 1980. وتعد مشاركتها الاخيرة في مهرجان مسقط للفنون في شباط فبراير الماضي في عُمان ثاني مشاركة خارجية لها منذ عام 2003. وتعتمد العروض الفنية الغنائية الراقصة للفرقة على الموروث الفني العراقي والفلكلور الشعبي الغنائي، كما تستوحي من التراث العربي. ومن أشهر نشاطاتها التي ما زالت راسخة في الاذهان لوحة راقصة للدبكة العربية وتعرف محلياً ب"الجوبي"ولوحة"العباية"و"العباسية"و"الغنامة"و"الدبكة الكردية و"الأهوار"و"صور بغدادية". وأشارت العبد الله الى ان"منذ منتصف التسعينات اختلف الامر وغابت عروضنا عن المشاركات الخارجية لأن البلاد تلك الفترة كانت تواجه موجة شرسة من الحصار الاقتصادي اثرت في العراقيين في شكل لافت، كما تفاقم الامر بعد الحرب على العراق 2003 وغادر العمل عدد من اعضائها". ولفتت عبد الله الى ان"دائرة السينما والمسرح التي تعود الفرقة لها عملت خلال السنتين الماضيتين على احياء نشاطاتها والسعي الى استعادة ماضيها المتوهج عطاء وإبداعاً، من خلال استقطاب عناصر شابة للانضمام للعمل". وأوضحت ان"المسؤولين في دائرة السينما والمسرح يعملون على تقديم دعم مالي وفني إلى اعضاء الفرقة للتخفيف من المشاكل المالية بسبب عدم الحصول على رواتب شهرية ملائمة". وتأمل عبد الله بأن تحظى الفرقة باهتمام حكومي أوسع خصوصاً في ما يتعلق بالرواتب. وتقول"ان مثل هذه الخطوة ستدفع العاملين في الفرقة إلى العمل باندفاع كبير وتشكل قوة معنوية للعودة مجدداً الى مواسم الابداع الفني". وتعاقب على تدريب الفرقة القومية للفنون الشعبية عدد من المدربين العرب والاجانب، أبرزهم الخبيرة الاذربيجانية قمر خانم والخبير الروسي الارمني رشيديان فارتيكيس الى جانب جوزف خوري من لبنان. وعمل هؤلاء فترة تعتبر ذهبية للفرقة منذ مطلع السبعينات. ومن المهرجانات العربية التي شاركت فيها الفرقة جرش والاسماعيلية والرباط والدوحة والفحيص.