تواجه الفرقة الوطنية العراقية للفنون الشعبية، تحديات حقيقية بسبب «النظرة الدونية» للمجتمع لفن الرقص في العراق، فضلاً عن صعوبات في استقطاب راقصين شباب. وتستعد الفرقة للمشاركة في النسخة الثانية والعشرين من مهرجان القرين الثقافي، الذي يعد أحد أهم النشاطات الثقافية الدورية في الكويت. ويبدو أن حضور الفرقة يلقى الاستحسان في المنطقة العربية أكثر منه عراقياً. وقال فؤاد ذنون مدير الفرقة عن هذه المشاركة أنها «تجيء بعد انقطاع طويل، وهي ضمن سلسلة من الزيارات التي قامت بها الفرقة إلى الكويت في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، فضلاً عن مشاركاتها الخليجية والعربية والدولية حيث كانت وما زالت السفير الابداعي للفنون الشعبية والتراثية العراقية المختلفة». تأسست الفرقة التابعة لدائرة السينما والمسرح العراقية العام 1971، وكان مؤسسها عميد المسرح العراقي الفنان الراحل حقي الشبلي. ومنذ تأسيسها اتخذت الفرقة مقراً لها في قاعة الشعب المعروفة، وسط بغداد، التي تعرضت أثناء أحداث إسقاط نظام صدام حسين عام 2003 إلى حريق كبير أتى على قاعة العرض والمسرح والمخازن الكبيرة. وتحاول الفرقة، اليوم، استعادة بريقها السابق، لكن القائمين عليها يدركون أن هذا يمثل بالنسبة لهم تحدياً كبيراً بسبب النظرة الدونية التي يفرضها المجتمع للفنون الراقصة التي يقدمونها. وخلال حفلاتهم، في العقد الأخير، حظيت الفرقة بحضور شعبي اقتصر على أجيال شهدت الفرقة خلال الألفية الماضية، في حين يبدو أن استقطاب جمهور أكبر ومن فئات أخرى كالشباب يحتاج إلى وقت أطول. وتقول معاونة مدير الفرقة ومصممة لوحاتها الاستعراضية هناء عبدالله، «كانت للفرقة قاعة ومسرح خاص بعروضها المحلية وتدريباتها وتقام عليها لوحاتها الفنية بانتظام أمام المشاهدين خصوصاً من متذوقي التراث والفلكلور العراقي لكن لم نستطع تقديم عروضنا عليها منذ العام 2003 لأننا نخشى الذهاب إلى مكان القاعة». وكانت الفرقة تعرف في منتصف ستينات القرن الماضي بفرقة الرشيد للفنون الشعبية وتحول اسمها إلى الفرقة القومية للفنون الشعبية في العام 1971 الذي اعتبر تاريخاً رسمياً لتأسيسها. وقدمت الفرقة عروضها في أكثر من 60 دولة أوروبية وعربية وأبرزها العروض التي قدمتها في مبنى الأممالمتحدة في نيويورك العام 1980. وتعاقب على تدريب الفرقة عدد من المدربين العرب والأجانب أبرزهم الخبيرة الأذربيجانية قمر خانم والخبير الروسي الأرمني رشيديان فارتيكيس إلى جانب جوزف خوري من لبنان. وعمل هؤلاء في فترة تعتبر ذهبية للفرقة منذ مطلع السبعينات. ويقول فؤاد ذنون، إن الاهتمام الشعبي بفن الرقص الشعبي في تراجع، وذلك بسبب «الحروب والتخلف، فالناس ينظرون إلى الرقص بشكل دوني». ويرى أن «استقرار الأوضاع في العراق، واستعادة العافية الثقافية للناس وحدها كفيلة باستعادة الرقص مكانته في الذاكرة العراقية». وفي هذه الظروف، يعاني أعضاء الفرقة من غياب الدعم الحكومي، فرواتبهم متدنية إلى حد كبير، حيث تبلغ نحو 140 دولاراً شهرياً للفرد، في حين يقضون نحو 7 ساعات يومياً في التدريبات. وما يجعل تحديات عمل الفرقة أكثر صعوبة، هو تعذر استقطابها لراقصين شباب من الجنسين، وهو الذي يرجعه أعضاء قدامي في الفرقة إلى «ثقافة جديدة» تسيطر على المجتمع تقلل من شأن هذا الفن في العراق.