صدر عن مكتبة الاسكندرية كتاب بعنوان "طه حسين معلم الأجيال"، حرّره لطفي عبدالوهاب وقدم له مدير المكتبة اسماعيل سراج الدين. يتضمن الكتاب الذي يقع في 174 صفحة من القطع المتوسط، عدداً من المقالات والأبحاث لنخبة من العلماء والمفكرين، تتناول موضوعات عدة منها: طه حسين والنقد الأدبي وموقفه من الدراسات الكلاسيكية سيرة حياته وفكره وإسهاماته الثقافية. يذكر الناقد عصفور في مقال له في الكتاب، أن إستراتيجية العمل الثقافي التي اتبعها طه حسين كان فيها ثلاث ثغرات، أولاها تمثلت في الانحصار في نطاق الثقافة الأوروبية وخصوصاً الفرنسية، وكتابات طه حسين في المجمل خير دليل على ذلك، في حين كانت النخبوية هي الثغرة الثانية. فعميد الأدب العربي لم يكن"شعبوياً"أو منشغلاً بتوصيل الثقافة إلى الجماهير، كما أن إستراتيجيته التي اتبعها لم تضع في اعتبارها أن هناك ما يسمى بثقافة الطفل، إذ كانت تتوجه إلى فئة عمرية واحدة هي المثقف الناضج. وفي ما يتعلق برحلة طه حسين بين الفكر والسياسة، حصر الكاتب رجاء النقاش خصائصها في نقاط عدة، منها أن علاقاته السياسية كانت تقوم على خدمة أفكاره، فيرتبط بالبيئة المناسبة لفكره الحر المتفتح، كما أنه لم يدخل ضمن تنظيمات حزبية محدودة، بل كان يرتبط بالأحزاب ارتباط صداقة وتعاطف من دون أن يكون عضواً فيها. ومن هنا فإنه يؤخذ عليه أنه كان مرتبطاً بالأحزاب الرجعية، واشترك مع هذه الأحزاب في بعض حملاته على حزب"الوفد"وزعيمه سعد زغلول. في الجانب التعليمي، لخص طه حسين أهداف التعليم وبالتالي منهجه ومضمونه حين قال في كتابه"مستقبل الثقافة في مصر":"إن المطلوب هو التعليم الذي يمكن الفرد من أن يعرف نفسه وبيئته الطبيعية والوطنية والإنسانية وأن يتزيد من هذه المعرفة وأن يلائم بين حاجته وطاقته وما يحيط به من البيئات والظروف". وشدد عميد الأدب العربي على ضرورة تعليم ما سماه"علوم الوحدة"في المدارس الحكومية والخاصة بل والأجنبية بالذات، حفاظا على مقومات الوطنية المصرية. ومن تلك العلوم الوحدوية: التاريخ القومي والجغرافيا والدين واللغة. وحرص طه حسين على نشر اللغات والثقافات الأجنبية كي يأخذ منها المثقفون ما يلزمهم في نهضتهم، إلا أنه رفض تماما أن تكون هناك ثقافة واحدة أو لغة مهيمنة تحيد بالنشء عن المسار الوطني. ويذكر هيام أبو الحسين، أستاذ الأدب الفرنسي المقارن في جامعة عين شمس، في أحد الأبحاث التي يحويها الكتاب، أن من الوسائل التي ركز طه حسين على استخدامها هي الترجمة، والتي حذرنا في الوقت نفسه عميد الأدب العربي من الشرك الذي وقعت فيه أوروبا في عصر النهضة، مطالبا بترجمة عصرية مفهومة وواضحة كي يستوعبها القارئ، إذ إن الغاية من ورائها أن نتمثل ما نأخذه عن غيرنا ونضيفه إلى أفضل ما نستبقيه من تراثنا وننتج جديداً نساهم به في بناء الحضارة الإنسانية. وشمل الكتاب عدداً من الأبحاث حول طه حسين وجهوده في مجال النقد الأدبي والدراسات الكلاسيكية، وهو كان يدعو الى ضرورة دراسة التراث الإغريقي الروماني لفهم التراث القومي، مع الإلمام بالتراث الشرقي القديم والحضارة العربية الإسلامية. وبالتالي فإنه يجب تعلم اللغتين اللاتينية واليونانية وإتقانهما، فهما الوسيلة التي من خلالها يمكن إحياء التاريخ والقومية المصرية.