لا يزال ملهى "دبلن" مليئاً بالرواد، على رغم تجاوز الساعة الواحدة بعد منتصف الليل. وفي هذا الملهى، يتجول سيمون ستيفنز على كرسيه المتحرك، ثم يترك الكرسي، ويرقص. والرقص هو فعل يعجز عنه ستيفنز، وهو يعاني شللاً نصفياً، عن ادائه في الحياة العادية. ولكنه فعل يسير عليه في عالم ال"سيكيند لايف"حياة ثانية او أخرى الافتراضي الثلاثي الابعاد. وعلى رغم انهما يقطنان في مدينتين تفصل بينهما مسافات شاسعة، يتواعد بول هاوكينز وروندا ليللي منذ سنتين، وتربط بينهما علاقة حب نشأت في ال"حياة الثانية". وآنشي شانغ هي مالكة أراض شاسعة وشركات عقارية في ال"حياة الثانية". وجنت شانغ، واسمها الحقيقي آيلين غرايف، ثروة كبيرة وحقيقية من بيع العقارات في ال"حياة الثانية"الافتراضية. وفي الحياة الثانية الافتراضية هذه يختار المرء معالم وجهه، ومقاساته طولاً ومحيط صدر وخصر، ووزناً، ولون بشرة وسحنة، ومهنة، ودراسة. وفي وسعه أن يصمم مدينته ومنزله. والحق ان مبتكر فكرة"حياة ثانية"لم يتوقع رواج فكرته وانتشارها. فموقع"حياة ثانية"أنشئ 2001، ولكنه لم يشهد إقبالاً كبيراً. واقتصر عدد مستخدميه على مليون ونصف مستخدم، في 2006. وفي الاشهر الماضية، ارتفع عدد زوار"حياة ثانية"ارتفاعاً ملحوظاً، فبلغ أكثر من ثمانية ملايين زائر ومستخدم. وأطلق موقع"سيكيند لايف"حملة تنافسية على شبكة الانترنت. ففي كوريا الجنوبية، أنشئ موقع"سيورلد"ببعدين، وهو يحاكي موقع"سيكيند لايف". ويزور هذا الموقع عشرون مليون مستخدم في آسيا وأميركا اللاتينية. وبحسب دراسة مؤسسة غارتنر، من المتوقع ان يبلغ عدد من يحيا حياة ثانية على موقع"سيكوند لايف"نحو بليون ونصف في 2011. و"سيكيند لايف"وسيلة تفاعل بين الناس، يتيح لرواده ابتكار هوية افتراضية جديدة لهم، والتعبير عن خيباتهم، وسبر أغوار أناهم الاخرى. ويتاجر الناس في"حياة اخرى"، ويعملون، ويقومون بأبحاث، ويدرسون مواداً مدرسية، ويتواعدون، ويحبون ويقيمون علاقات حميمة. وعلى هذا الموقع، تقدم أكثر من 45 شركة متعددة الجنسية، مثل"آي بي ام"و"جنرال موترز"، خدمات الزبائن، وتعرض سلعها، وتروج لها. وبحسب دراسة جديدة، يحيا 57 في المئة من مواطني"حياة أخرى"أكثر من 18 ساعة. وفي يوم العمل العادي، ينفق الزبائن مليون دولار على شراء ثياب افتراضية وسيارات ومنازل، وسلع استهلاكية تستخدمها الأنا الأخرى الافتراضية في"حياة اخرى". ولفتت المعاملات المالية هذه انتباه مصلحة الضرائب الاميركية. وهي تدرس سبل تحصيل الضرائب على السوق الافتراضية. وشق أصحاب النوايا السيئة طريقهم الى"سيكيند لايف". فالبرنامج التلفزيوني الالماني،"ريبورت مانز"، كشف عن حادثة اعتداء على شخص افتراضي قاصر على هذا الموقع. وفي وسع زبون من زبائن"سيكيند لايف"الاتصال بزبون آخر في المكسيك، وإنشاء مجتمعهما الافتراضي. فالعالم الافتراضي معولم. وفي البدء، كان الموقع من دون أسس. فشركة روسدايل، صاحبة الموقع، اشترت محلاً على شبكة الانترنت، ولم تفرض قواعد على ما يحصل في الموقع. وسرعان ما نشأت في"حياة أخرى"مجموعات مدنية ثقافية وفنية، وأنشأت مدناً ومتاجر. وعند الانتساب الى"حياة أخرى"، يُمنح المواطنون أدوات تسمح لهم بالتجول في هذه الحياة والركض والطيران، ووسائل اختيار ملابس أناهم الأخرى والاتصال بغيرهم. وتسن الجماعة الواحدة علاقاتها الداخلية، وتدعو المنتسبين اليها التزام الأصول هذه. وفي العام الماضي، ظهرت العصابات في شوارع"حياة أخرى"الافتراضية، وأجبرت المواطنين الافتراضيين على اخلاء بعض الأحياء. ولم تتدخل شركة روسايل، لتمنع العصابات من اقتراف الانتهاكات. فهي تتوقع مبادرة المواطنين الى انشاء شرطة لمكافحة العصابات. وسوق العقارات مزدهرة في"سيكيند لايف". وفي وسع المرء ان يشتري أراضي وجزراً، وان يجني الارباح. وفي الحياة الفعلية، كان بيتر لوك، وهو في عقده الخامس، مدير"سوبرماكت". وكان يمضي وقتاً طويلاً في العمل، ولم تتسن له فرصة تحقيق منيته، وإنشاء متجره الخاص. وقبل عامين، نصحه احد الاصدقاء بتحقيق ما يصبو اليه على موقع"سيكيند لايف". فابتاع لوك متجراً كبيراً من الموقع لقاء 230 دولاراً، وفتح متجر ثياب. واليوم، تجني أناه الاخرى، وهي شابة، نحو 300 دولار يومياً من بيع ملابس يصممها لوك، ويشتريها زبائنه الافتراضيون. وبعد ابتكار"موديل"قطعة الملابس، في وسع لوك أن يصنع ملايين القطع من ثوب واحد. والمال الافتراضي المتداول في سيكوند لايف له قيمة مادية في الحياة الفعلية. فشركة"ليندن لاب"، وهي تصك العملة الافتراضية، تصرف العملة، وتتولى صرف دولار ليندن الى دولار اميركي، وتحتسب سعر الصرف. والحق ان اقتصاداً موازياً ينشأ على الموقع. وبحسب مراقبين ماليين، بلغت قيمة المداولات في"حياة أخرى"125 بليون دولار ليندن، ما يساوي 460 مليون دولار، في العام الجاري. وتعقد الشركات المتعددة الجنسية بعض اجتماعات الموظفين في مكاتب الموقع الافتراضية. وتستعين شركتا"سيرز"و"سيركوي سيتي"بشركة"آي بي أم"لتطوير خبرات التسوق على الموقع. فهاتان الشركتان ترغبان في تقديم خدمات استشارية في"حياة أخرى". ويقوم الباعة وخبراء الازياء في مساعدة الزبائن الحقيقيين على التسوق، وفي اختيار السلع الاستهلاكية المناسبة لهم في العالم الواقعي. فالتكنولوجيا الثلاثية الابعاد تيسر اختبار الزبون للسلعة. وعلى سبيل المثال، تستطيع الزوجة الموجودة في منزلها التسوق مع زوجها المسافر، واختيار أريكة غرفة الجلوس معاً وشراءها. عن جيسيكا بينيت ومالكوم بيث، "نيوزويك" الاميركية، 30/7/2007