يجري - وفدان فلسطيني واسرائيلي تحضيرات لعقد اجتماع بين الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت هذا الاسبوع. وقال رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الدكتور صائب عريقات الذي يقود الفريق الفلسطيني للتحضير لهذا اللقاء ان الجانب الاسرائيلي يدرس طلبا فلسطينيا لعقد اللقاء في مدينة اريحا بالضفة الغربية. واضاف في حديث خاص ل"الحياة":"اليوم الاحد سيكون لنا لقاء مع الجانب الاسرائيلي، وسنقرر فيه موعد ومكان اللقاء، لكن المؤكد انه سيعقد هذا الاسبوع". وفي شأن مكان اللقاء قال عريقات:"الفكرة مطروحة لكن نخشى ان يعترض الجانب الاسرائيلي لأسباب امنية". واكد عريقات ان جدول اعمال اللقاء سيقتصر على نقطة واحدة هي المفاوضات السياسية، مشيرا الى انتقال باقي الملفات مثل الامن الى حكومة سلام فياض التي تبحثها مع الجهات المختصة في الحكومة الاسرائيلية. وما يميز لقاء عباس - اولمرت هذا انه يأتي بعد سلسلة تطورات تمثلت في زيارة وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس التي وجهت دعوات للطرفين للمشاركة في مؤتمر السلام في الخريف المقبل، وفي اعلان الرئيس الفلسطيني عن موافقته على اقتراح رئيس الوزراء الاسرائيلي التوصل اولا الى"اتفاق اعلان مبادئ". وكانت رايس طالبت الجانبين في زيارتها الأخيرة نهاية الاسبوع الماضي ببدء التحضير للمؤتمر الذي سيحمل اسم"مؤتمر السلام الفلسطيني - الاسرائيلي". وفيما طالبت رايس الجانب الاسرائيلي ببدء البحث في قضايا اساسية لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، فإنها طالبت الجانب الفلسطيني بضبط الامن في الضفة الغربية تمهيدا لتقدم رئيس الوزراء الاسرائيلي على الجبهة السياسية. وحذرت رايس الجانب الفلسطيني من فشل مؤكد ل"مؤتمر السلام"في حال عدم ضبط الوضع الامني، مشيرة الى ان اولمرت لن يستطيع التفاوض على انسحابات، واقامة دولة فلسطينية ما دام"الامن الاسرائيلي مهددا"حسب قولها. كما طلبت من اولمرت بحث قضايا انهاء الاستيطان واقامة الدولة والانسحاب من مدن الضفة الغربية في المفاوضات مع الجانب الفلسطيني مشيرة الى ان المؤتمر لن ينجح من دون ان يتوفر له مضمون سياسي مقبول من الجانبين. وكان اولمرت سارع عقب اعلان الرئيس الاميركي بوش عن دعوته لعقد"مؤتمر السلام"الى الاعلان عن نيته التوصل الى اتفاق اعلان مبادئ مع الجانب الفلسطيني يحدد فيه معالم الحل السياسي، واتجاه المفاوضات النهائية. وبعد رفض مبدئي لهذا الاقتراح عاد الرئيس محمود عباس وقبله، لكنه اشترط ان يتضمن اعلان المبادئ المزعوم تفاصيل كافية حول هدف العملية السياسية وسقفها. ويرى الفلسطينيون في دعوة اولمرت للتوصل الى"اتفاق اعلان مبادئ"نوعا من الهروب الى الامام من استحقاقات العملية السياسية. فهو يستعيض بهذه الدعوة عن التوصل الى اتفاق حول قضايا الوضع النهائي ب"اتفاق اعلان مبادئ"شبيه باتفاق"اوسلو"الشهير بكونه"حمّال أوجه"لصعوبة تفسير ما جاء فيه من بنود ونقاط والاتفاق عليها. وبدا الفلسطينيون فاقدي الخيار بموافقتهم على الدعوة الاميركية ل"مؤتمر السلام"بخلاف موقفهم الداعي الى عقد مؤتمر دولي للسلام، وقبولهم اقتراح اسرائيل التوصل الى"اتفاق اعلان مبادئ"بدل الاتفاق حول قضايا الوضع النهائي. فالانقسام بين"فتح"و"حماس"، وتقسيم الاراضي الفلسطينية بين سلطتين متناقضتين متصارعتين، واحدة في غزة والثانية في الضفة، اضعف كثيرا قدرتهم على المساومة، وعلى فرض مطالبهم وتصوُّراتهم. كما ان فشل الخيار العسكري للانتفاضة، وما نتج عنها من اجراءات حصار وقمع اسرائيلية، ادت الى انهيار الاقتصاد وتدهور الاوضاع الاجتماعية والسياسية، وهو ما يدفع الفلسطينيين الى قبول خيارات تخرجهم من الازمة الداخلية من دون ان تلبي مطالبهم السياسية والوطنية. ويُتوقع ان يدخل الفلسطينيون والاسرائيليون مرحلة جديدة مع"مؤتمر السلام"من ابرز ملامحها الانخراط في عملية سياسية طويلة، تترافق مع تغييرات امنية واقتصادية ومجتمعية. فالجانب الاسرائيلي يبدي استعداده في هذه المرحلة للانسحاب من المدن وازالة الحواجز والعودة الى العمل بالاتفاقات القديمة التي سبقت اندلاع الانتفاضة في أيلول سبتمبر عام 2000، في حال اظهرت الحكومة الفلسطينية قدرة على ضبط الامن. والجانب الفلسطيني التوّاق لإعادة بناء ما هدمته الاجراءات الاسرائيلية خلال السنوات السبع الماضية يبدي استعدادا للانخراط في عملية سياسية من هذا النوع حتى وهو واثق انها لن تقود الى حل سياسي بسبب حاجته للخروج من المأزق الداخلي المتمثل في الانقسام والانهيار الاقتصادي وفشل الخيار العسكري للانتفاضة.