بدأ الموقف الفلسطيني من مؤتمر أنابوليس بالمطالبة ب "اتفاق سياسي تفصيلي" يتناول "القضايا الجوهرية" الخاصة بالوضع النهائي مقروناً بجدول زمني للتطبيق، ثم تراجع الى حد القبول بوثيقة مشتركة عامة تطرح على المؤتمر، لينتهي الى القبول ب"بيان"منفصل لكلا الطرفين. ودأب الرئيس محمود عباس عند بدء المفاوضات على مطالبة رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت ب"اتفاق تفصيلي"وجدول زمني لتطبيقه. وفي لقاءاته الخاصة، كثيرا ما اعرب عباس عن خشيته من تكرار تجربة"اوسلو"الذي اتسمت بغموض منح الجانب الاسرائيلي فرصة لتفسيرات متباينة. وكان الجانبان توصلا عام 1993 الى"اتفاق اوسلو"الذي تضمن مبادئ عامة في شأن المرحلة الانتقالية، لكنهما فشلا في المفاوضات اللاحقة في الاتفاق على تفسير واحد لنصوصه التي احتملت اكثر من معنى. ويرى الفلسطينيون اليوم ان"اوسلو"زرع بذور الصراع الذي تفجر في انتفاضة عنيفة في أيلول سبتمبر عام 2000 لأنه لم يضع حدا للاستيطان الذي تواصل بصورة مضاعفة في مرحلة ما بعد"السلام". وعندما اخفق الجانب الفلسطيني في حمل الجانب الاسرائيلي على التوصل الى اتفاق تفصيلي، وافق على اقتراح اميركي بالتفاوض على"وثيقة سياسية"تُقدم الى مؤتمر انابوليس. ونقل احد مساعدي عباس عن وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس قولها له في واحدة من زياراتها الثماني التي قامت بها العام الحالي لتحريك العملية السلمية:"لماذا تريد اتفاقا تفصيليا الآن، هل سيكون في صالحكم الآن؟ وهل اتفاق من هذا النوع ممكن في غضون فترة زمنية قصيرة؟". وقال ان رايس نصحت عباس بالتوصل الى"وثيقة سياسية"تضع أسساً للمفاوضات التي ستنطلق عقب"انابوليس". غير ان الوفدين اللذين عملا على مدار ثلاثة اشهر، فشلا في التوصل الى"وثيقة سياسية"بسبب الشروط التعجيزية الإسرائيلية. وامام تعثر التوصل الى هذه الوثيقة، قبل الجانب الفلسطيني عرضاً اميركيا بصدور بيان ختامي في المؤتمر يعلن انطلاقة المفاوضات النهائية.