تسوغ المعارضة التركية وپ"حزب الشعب الجمهوري" وقوفها بوجه ترشح وزير الخارجية عبدالله غل للرئاسة بالقول إن الرئيس هو المسؤول عن تعيين أعضاء المحكمة الدستورية العليا وهيئة الادعاء العام، وهيئة التعليم العالي وعمداء الجامعات، وأن منح هذه الصلاحيات الى رجل يعادي مبادئ الجمهورية يهدد مستقبل النظام العلماني التركي. وقد تبدو الذريعة هذه منطقية لمن لا يعرف تفاصيل الدستور التركي. والحق أن المادة 104 من الدستور، وهي تفسر وتحدد صلاحيات الرئيس، تقيد صلاحيات الرئيس، ولا تخوله البت منفرداً في القرارات. وعلى جاري عادته، قد يزعم"حزب الشعب الجمهوري"أن في لائحة المرشحين الثلاثة قاضياً مدخولاً وغير علماني، وأن غل لن يختار، في حال تبوأ منصب الرئاسة، إلا ذلك المدخول لشغل المنصب. وهذا الزعم يسيء الى رئيس المحكمة الدستورية أكثر مما يسيء الى غل. والحق أن"حزب العدالة والتنمية"التزم تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية. وهذا التقليد يدحض حجج"حزب الشعب الجمهوري". وعليه، يجوز الطعن في تصريحات زعيم"حزب الشعب الجمهوري". وجليّ أن أساليب"حزب الشعب الجمهوري"في معارضة"حزب العدالة والتنمية"ضعيفة الصلة بأصول السياسة. فهو يغلق أبواب الحوار والتفاهم، ويرفض لقاء الطرف الآخر. وعند غلق أبواب الحوار تنتهي السياسة، وتبدأ الحرب. فپ"حزب الشعب الجمهوري"لا يعارض، بل يشن حرباً على عبدالله غل وپ"حزب العدالة والتنمية". وهذا الحزب، وهو هزم في الانتخابات السابقة، يحاول الهرب من ناخبيه، والتنصل من السياسة والاحتماء بالعسكر. ويميل زعيم هذا الحزب، دنيز بايكال، الى التهجم الشرس على الآخرين بعد ظهور جناح معارض داخل الحزب حمّله مسؤولية الهزيمة، وطالب بتنحيه. ويقول بايكال ان حزبه هو مؤسس تركيا، وهو المخول، دون غيره من الأحزاب، تقرير من يُنتخب لرئاسة الجمهورية. والحق ان بايكال وحزبه لا يسعيان الى حماية النظام، على ما يدعيان، بل الى التستر وراءه. وتشهد، اليوم، تركيا أضخم عملية اندماج وتكامل في تاريخها. فالنظام العلماني الصارم يستعد للتزاوج مع الكتلة التي كان من المفترض فيها معارضته. وبعد سيرورة تأهيل سياسي طويلة تكللت بالنجاح، توسع تمثيل الدولة القومية لفئات الشعب بعد انتخابات 22 تموز يوليو المنصرم. فهذه الانتخابات أظهرت الإجماع على ترشح غل لرئاسة الجمهورية. ولا شك في أن الجمهورية التركية، اليوم، تستعد لاحتضان الجميع ودمجهم فيها، بعدما اقتصر تمثيلها في السابق على شريحة ضيقة من الشعب. ومن يدرك أهمية هذه العملية، وأثرها الإيجابي في تعزيز الديموقراطية والنظام العلماني، يرحب بترشح غل. عن ممتازار ترك اونه ، "زمان" التركية، 18/8/2007