ينتظر السياسيون العراقيون بقلق يوم غد الاربعاء موعد انتهاء المهلة التي منحتها جبهة التوافق السنية للحكومة من اجل تنفيذ 11 مطلباً اهمها المشاركة واطلاق المعتقلين قبل اعلان الانسحاب النهائي من الحكومة. وعلى رغم الجهود السياسية التي يقودها رئيس الجمهورية جلال طالباني وزعيم كتلة الائتلاف الشيعية عبدالعزيز الحكيم لثني السنة عن قرارهم الاخير الا ان سلسلة من المتغيرات الدراماتيكية اصابت بالشلل العلاقة بين الجبهة والحكومة يعيدها البعض الى الشهور الاولى لاعلان حكومة المالكي الرابعة في ظل الاحتلال الاميركي. ويعتقد السياسيون السنة ان وجودهم داخل الحكومة في هذا الظرف منحها شرعية تمثيل فئوي لجميع العراقيين فيما لم يلتزم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بتعهداته بإشراكهم في القرار الحكومي. وتمضي الاتهامات السنية للمالكي الى ايجاده آليات لافراغ منافذ صلاحيات قادة التوافق داخل الحكومة من محتواها سواء بتأسيس"مكتب القائد العام للقوات المسلحة"، الذي يرتبط به وينهي عمليا الدور الامني لنائبه السني سلام الزوبعي المتفق عليه خلال تشكيل الحكومة او بتأسيس شبكة واسعة من المستشارين يفرضون سطوتهم على الوزارات السنية. في المقابل يؤكد المالكي، الذي يحاول الظهور بموقف القائد القوي، ان جبهة التوافق اخذت اكثر من استحقاقها الانتخابي 44 مقعداً برلمانيا من اصل 275 ماعكسته التشكيلة الحكومية الحالية. وتملك جبهة التوافق 6 وزارات اهمها الدفاع بالاضافة الى مناصب نائب رئيس الجمهورية ونائب رئيس الوزراء ورئيس البرلمان ومناصب امنية واستخبارية وعسكرية ووكلاء وزارات. والمفارقة ان وزير الدفاع السني عبدالقادر العبيدي لم ينفذ اوامر التوافق لوزرائها بالانسحاب من جلسات مجلس الوزراء مع اندلاع ازمة وزير الثقافة اسعد الهاشمي الذي طاردته القوى الامنية بتهمة التورط باغتيال نجلي زعيم حزب الامة وكانت اولى ازمات الجبهة مع رئيس الحكومة المطالبة بابدال وزير الدفاع بمرشح آخر ما رفضه المالكي واعتبره تلاعباً بمصير حكومته. وسيترك تهديد جبهة التوافق الذي اطلقته الاربعاء الماضي ومنحت بموجبه الحكومة سبعة ايام لتنفيذ مطالبها تفعيل اليات اشراكها في القرار الحكومي واخراج الميليشيات من القوى الامنية والجيش وتحقيق توازن في المؤسسات الامنية والرسمية واطلاق سراح الاف المعتقلين ومعالجة ازمة المهجرين الباب مفتوحاً لاحتمالات حدوث تدهور حاد في العملية السياسية برمتها قد يعيدها الى المربع الاول كما يتوقع القيادي الكردي محمود عثمان. وسيتعين على المالكي تعويض وزراء جبهة التوافق، ما يعتبره بعض المقربين منه فرصة تاريخية، لتشكيل حكومة اكثر انسجاماً طائفياً وسياسياً لكن عجز رئيس الحكومة منذ نحو شهرين عن تعويض وزراء التيار الصدري الستة المنسحبين يلقي ظلال الشك حول قدرات المالكي. وتضم حكومة المالكي نحو 34 وزيراً وهو يطمح الى خفضهم الى 20 فقط في حكومة مصغرة يدعم تشكيلها وتمنحه المزيد من الصلاحيات. وعلى رغم ان رئيس الجمهورية الكردي جلال طالباني يعتقد حسب تصريحاته الاخيرة ان بعض مطالب التوافق يمكن التعامل معها وان من المستبعد انسحابها من الحكومة ويقود، مع رئيس كتلة الائتلاف الشيعي عبدالعزيز الحكيم وزعيم اقليم كردستان مسعود بارزاني، جهودا لثني الجبهة عن موقفها لا يخفي الزعماء الشيعة والاكراد رغبتهم في التعامل مع الحزب الاسلامي كممثل وحيد للسنة في جبهة للمعتدلين تقود الحكومة ويتهمون الجهات السنية الاخرى بالارتباط مع المسلحين. لكن استشعار جبهة التوافق لخطورة موقفها بدأ فعليا مع محاولة المالكي استقطاب زعماء عشائر سنية من الانبار وحضهم على تحويل تنظيم"مجلس انقاذ الانبار"الى حزب سياسي يكون بديلاً لجبهة التوافق يبدي مرونة اكثر تجاه قضايا مثل الفيديرالية وتوزيع الثروة واجتثاث البعث ومن ثم مع تصاعد وتيرة الاستقطابات لجماعات مسلحة اميركياً وحكومياً. وتبادل المالكي مع زعماء جبهة التوافق الاتهامات الجارحة خلال الايام الماضية واصدر مكتب رئيس الوزراء بيانا شديد اللهجة اتهم التوافق بمحاولة عرقلة العملية السياسية واعادة العراق الى"الحكم الديكتاتوري"فيما يعتقد زعيم كتلة التوافق في البرلمان ان المالكي نفسه يسعى الى عرقلة سير العملية السياسية لدعم الجبهة التي تطالب بسحب القوات الاميركية داخل الكونغرس. ونتائج انسحاب التوافق قد تتجاوز اطارها السياسي الى ازمة امنية فقد توقع خلف العليان احد زعماء الكتلة اقدام حكومة المالكي والميليشيات المرتبطة بها على ملاحقة رموز الجبهة ودفعهم الى مغادرة العراق لكنه قال ان"حمل السلاح خيار مطروح للدفاع عن النفس". وحمل السلاح ليس خيارا سنيا فقط بل ان جميع الاطراف تلوح به. وابدى زعيم اقليم كردستان مسعود بارزاني امتعاضه من الحكومة في شأن تلكؤها بتطبيق قانون كركوك ورأى ان"الحرب الاهلية الحقيقية ستندلع اذا لم تنفذ الحكومة التزاماتها في شأن المدينة المختلف عليها". الاميركيون بدورهم يقرأون التطورات الاخيرة بطريقة تعكس اختلافات اميركية داخلية ترتبط بتقويم نتائج غزو العراق لكنهم سيعتبرون ان كلفة انسحاب السنة ستكون باهظة لجهة استعجالها انهيار العملية السياسية في العراق في ظرف اميركي غير موات عسكرياً وسياسياً. وابعد من ذلك تعصف الخلافات بين السفارة الاميركية والقيادات العسكرية من جهة وبين حكومة المالكي وقياداتها الامنية حول اسلوب تنفيذ خطط الامن وامتعاض الحكومة من المطاردة الاميركية لميليشيا جيش المهدي قد لا تستثني زعيمهم مقتدى الصدر. من جهة ثانية رويترز قال اعضاء في البرلمان العراقي ان المجلس بدأ عطلته الصيفية امس الاثنين على رغم عدم اقرار قوانين عدة تطالب واشنطن باعتمادها. وقال حسين الفلوجي عضو جبهة الوفاق السنية في البرلمان لرويترز ان البرلمان"قرر ان تمتد العطلة حتى اوائل ايلول سبتمبر المقبل.