يخوض المسؤولون والزعماء العراقيون مفاوضات صعبة لتوسيع مشاركة الكتل والشخصيات السنية في القرار الحكومي وتعديل الدستور للايفاء بتعهدات رئيس الوزراء نوري المالكي في مؤتمري شرم الشيخ. وعقد المالكي سلسلة لقاءات أبرزها مع نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي الذي هدد بالانسحاب من الحكومة والبرلمان خلال اسبوع واحد، فيما تداولت كتلة"الائتلاف"الشيعية في الصلاحيات التي يمكن ان يتم التنازل عنها، وبينها اقتراح أميركي يقضي بسحب بعض الصلاحيات الأمنية من رئاسة الوزراء لتصبح في عهدة هيئة الرئاسة ويكلف الهاشمي الإشراف عليها. أمنياً تجددت الهجمات الانتحارية على محافظة النجف، فسقط أمس نحو 16 شخصاً وأصيب حوالي 70 آخرين بانفجار سيارة وسط الكوفة 150 كلم جنوببغداد بعد اسبوعين من هجوم دامٍ تعرضت له كربلاء القريبة. واستدعت وزارة الدفاع الأميركية 35 ألف جندي اضافي لإرسالهم الى العراق. وكان المرجع الشيعي علي السيستاني طالب، أول من أمس، بالعمل"على جمع السنة والشيعة وتجنب التصعيد الطائفي"، وتزامنت هذه الدعوة مع تحرك سياسي لافت في بغداد لايجاد آليات تضمن تنفيذ التزامات قطعتها الحكومة على نفسها في شرم الشيخ. وجاء في بيان صادر عن مكتب الهاشمي أنه اجتمع مساء الاثنين مع المالكي"بعد قطيعة دامت أسابيع"وانهما ناقشا سبل استمرار العملية السياسية. وعلى رغم ان الهاشمي اكد انه أجرى معه حواراً"صريحاً"واتفقا على آليات لمتابعتها لاحقاً، الا انه هدد، خلال لقاء مع شبكة"سي ان ان"الاميركية، بالانسحاب من العملية السياسية"خلال اسبوع اذا لم تتم المصادقة على التعديلات الدستورية التي تضمن عدم تقسيم العراق، وحل الميليشيات الشيعية"، معتبراً انه سيشعر"بارتكاب اسوأ خطأ في حياته، حين قرر الانضمام الى العملية السياسية، اذا لم تجاب تلك المطالب". وتعتقد أطراف سياسية بأن جبهة"التوافق"التي يتزعمها الهاشمي تدرك انها الطرف السني الوحيد الذي يمكن أن يكون شريكاً في الحكومة، وهي تجسد مطالب المصالحة الوطنية حالياً وتطمح الى استمرار هذا التمثيل على المدى البعيد حتى وإن تم استقطاب جماعات المعارضة المسلحة. وتدرك الجبهة أن انسحابها من الحكومة في هذه المرحلة سيغير الخريطة السياسية لغير مصلحة مكوناتها. وكشف رئيس اقليم كردستان في خطبة أمس أمام البرلمان الاوروبي"جهوداً لحل الأزمة العراقية من خلال فصل الدين عن الدولة"، فيما أكد مقربون من رئيس الوزراء السابق اياد علاوي اجراء اتصالات موسعة مع قيادات شيعية وسنية لتأسيس كتلة عابرة للطوائف داخل البرلمان وخارجه وتم تأجيل اعلانها بعد اتصالات مع زعماء أكراد. ونفى بارزاني ان يكون قد هدد أنقرة بالتدخل في قضية الاقلية الكردية التركية الشائكة، لكنه حذرها من انه لن يسكت عن اي تهديد. وشدد على رفض تأجيل الاستفتاء حول مستقبل كركوك، معتبراً ان هناك"مؤامرة ما ضد الأكراد لتأخير"هذا الاستفتاء المقرر اجراؤه في نهاية 2007. وقال ان"التأخير سيكون مصدر نزاعات ومشاكل في المستقبل". من جهته عقد زعيم"الائتلاف"الشيعي عبدالعزيز الحكيم اجتماعا تشاورياً مع اقطاب كتلته بمشاركة رئيس الوزراء الذي تقدمه في ترتيب الجلوس قرب الحكيم رئيس الوزراء السابق ابراهيم الجعفري. وقالت مصادر ان القادة الشيعة"تباحثوا في منح دور أكبر ل"التوافق"وتلبية بعض مطالبها لجهة تعديل الدستور، خصوصاً ما يتعلق بقوانين الاجتثاث وتحقيق التوازن في القوى الامنية". والتقى الحكيم ايضا الرئيس جلال طالباني للبحث في القضية ذاتها، فيما رأس طالباني اجتماعاً لهيئة الرئاسة التي تضم نائبين، سنياً وشيعياً، للاتفاق على تفعيل الصلاحيات الممنوحة للمجلس وفي الملف الأمني. ويؤكد سياسيون مقربون من أجواء الحوارات ان جميع الاطراف تبحث في تحقيق مشاركة أوسع للسنة من دون اجراء تعديلات دستورية، وان خيارات عدة طرحت بهذا الشأن من بينها اقتراح اميركي يقضي بسحب بعض الصلاحيات الأمنية من رئاسة الوزراء لتصبح في عهدة هيئة الرئاسة، ويكلف الهاشمي الاشراف عليها.