مع اقتراب موعد انطلاق الحملات الانتخابية في روسيا لاختيار الهيئة الاشتراعية ثم اختيار رئيس جديد للبلاد، زادت التكهنات في روسيا حول هوية الرئيس الجديد، بعد انتهاء الولاية الثانية لفلاديمير بوتين في آذار مارس المقبل. ووضعت مراكز دراسات سيناريوات عدة، دار غالبيتها حول فكرة استمرار بوتين في السلطة، وإن ليس كرئيس للجمهورية، فيما اظهر استطلاع للرأي أجري اخيراً ان نصف الروس يرجحون بقاء سيد الكرملين الحالي في منصبه. وأجمع المحللون على استبعاد ان يرشح بوتين نفسه لولاية ثالثة، ما يستوجب اجراء تعديل دستوري يتيح له ذلك. ومن السيناريوات المطروحة احتمال تعيين بوتين رئيساً للوزراء في حكومة ذات صلاحيات واسعة، مع الاحتفاظ باحتمال عودته للترشح للرئاسة في العام 2012 او حتى قبل ذلك، اذا أجريت انتخابات مبكرة في روسيا. وهو أمر ممكن بحسب الخبراء، اذا قدم الرئيس المنتخب استقالته لأي سبب، او حال مرض او غيره من دون مواصلة اداء مهمته. ولمح بعضٌ الى امكان ان يشغل بوتين بعد انتهاء ولايته منصباً مهماً في واحدة من كبريات شركات الطاقة، مثل"غازبروم"، ما يمنحه القدرة على"الامساك بمفاتيح القرار في روسيا". كما اشارت فرضية ثالثة الى امكان تسلمه، هو او احد اقرب انصاره، رئاسة مجلس الامن القومي، مع توسيع صلاحيات المجلس. ويجمع الخبراء على إمكان أن يتزايد وزن مجلس الأمن القومي ودوره في المؤسسة الحاكمة الروسية. وبحسب بعضپ المحللين، فإنه سيصبح مركزاً موازياً لصنع القرار،پأي بمثابة حكومة ظل يستطيع عبرها بوتين التأثير على السياسة الروسية. واستقال سكرتير مجلس الامن ايغور ايفانوف اخيراً من منصبه، وربط كثيرون ذلك بالحملة الانتخابية، حتى ان بعض الجهات رشحته لأن يكون خليفة محتملاً. لكن هذا السيناريو يبدو مستبعداً، خصوصاً بعد فتح"ملفات فساد"ضد الرجل، ربطها بعض بمواقفه المعارضة لتوسيع المواجهة مع الغرب، ووقوف مجموعات متنفذة في الكرملين ضده، وهو سبب اعتزاله السياسة وإعلانه عزمه التفرغ للعمل الاكاديمي. وتبقى من بين السيناريوات الاكثر تردداً، مسألة ظهور"وضع خطر يستوجب اعلان حال الطوارئ"في البلاد، ما يعني التمديد تلقائياً للرئيس وتأجيل الانتخابات. ويعتقد ان المواجهة المتصاعدة مع الغرب حالياً يمكن ان تشكل مقدمة"لحدث كبير"في هذا الاتجاه. غياب المعارضة واللافت ان التكهنات كلها تستبعد ظهور شخصيات من المعارضة التي تمرّ بأضعف مراحلها حالياً، ولم يتجاوز حضورها في استطلاعات الرأي نسبة 3 إلى 5 في المئة. وارتبطت اسماء غالبية زعماء المعارضة اليمينية بملفات فساد وموالاة للغرب، في مرحلة غدا الشعار الابرز في روسيا"استعادة السيادة والعزة الوطنية". اما المعارضة اليسارية، والتي يعد الحزب الشيوعي ابرز اركانها، فمنحتها الاستطلاعات 12 الى 17 في المئة من الأصوات، ما يعني انها لا تشكل منافساً جدياً لخوض جولة انتخابية اولى. وعلى رغم ذلك، تسعى الاحزاب اليمينية الى لفت الانظار الى انتهاكات ترتكبها السلطات ضد سياسيين معارضين، ومن بينهم عمدة مدينة ارخنغلسك الكسندر دونسكوي، الذي اعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية. وهو اعتقل مساء اول من امس على نحو اعتبرته منظمات انسانية واحزاب معارضة"انتهاكاً صارخاً"لحقوق الانسان، بعدما اقتيد بملابسه الداخلية امام كاميرات التلفزيون، إثر توجيه تهمة"استغلال السلطة"إليه، لاتخاذه حراساً شخصيين على حساب دافعي الضرائب. ويبقى الاوفر حظاً حتى الآن لخلافة بوتين، نائبا رئيس الوزراء سيرغي ايفانوف ودميتري ميدفيديف، وكلاهما من انصار الرئيس. وتفيد تقارير بمنافسة مستعرة بين الرجلين داخل النخب السياسية والمالية المتنفذة، مشيرة إلى أن كلاً منهما يحظى بدعم فريق يعد منافساً للآخر. ومع ذلك، لا يستبعد خبراء ان يظهر مرشح آخر وغير متوقع في المعركة الانتخابية. ويرجح كثيرون ان يبقى اسم المرشح الذي سيحظى بدعم الرئيس بوتين محاطاً بالكتمان حتى اللحظات الاخيرة، لتجنيبه خوض معارك جانبية او حملات اعلامية ودعائية تضعف مواقفه. اما اطرف السيناريوات، فكان احتمال ان يتسلم بوتين رئاسة اللجنة الاولمبية التي ستتولى التحضير لاولمبياد سوتشي للعام 2014، علماً ان موازنة تقدر بنحو 16 بليون دولار وضعت لتطوير البنية التحتية في منطقة القوقاز تحضيراً للحدث. وشدد بوتين اخيراً على انه"لن يسمح بأي تلاعب في إنفاق هذه الأموال". في غضون ذلك، اعرب اكثر من نصف الروس عن قناعتهم بان بوتين سيخوض الانتخابات المقبلة بغض النظر عن السيناريو الذي سيتم اعتماده لتسهيل ذلك. وفي استطلاع شمل نحو 1600 مواطن من مختلف انحاء روسيا واجراه مركز دراسات الرأي العام قال نصف المشاركين ان الرئيس الحالي سيخوض بلا ريب الانتخابات المقبلة، فيما اعتقد 38 في المئة منهم انه سيخلي مقعد الرئاسة لصديقه الاقرب سيرغي ايفانوف. وبيّن استطلاع أنه في هذه الحال قد يؤيد 15 في المئة من الروس ترشيح إيفانوف مقابل 13في المئة لميدفيديف. مع عدم قدرة اي مرشح على حسم الانتخابات من الجولة الأولى، في حين تمنح الاستطلاعات بوتين اكثر من 60 في المئة من الاصوات، ليبقى الشخصية السياسية الأكثر قبولاً وشعبية في روسيا. على صعيد آخر، وصل بوتين إلى موردوفيا أمس، والتقى رئيسها نيقولاي ميركوشكين، والرئيسة الفنلندية تاريا هالونين، ورئيس وزراء هنغاريا فارنس غورتشان، لمناسبة المهرجان الدولي الأول للشعوب الفنلندية - الأغورية الذي افتتح في سارانسك.