اعتبر رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين انه وأمثاله من أصحاب المناصب، عليهم أن يتعايشوا مع التهديدات لحياتهم، وذلك تعليقاً على كشف مخطط لاغتياله عشية الانتخابات الرئاسية التي يبدو أوفر المرشحين حظاً للفوز بها. ورأى انه سيكون من المستحيل عليه مواصلة العمل إذا رضخ للمخاوف، قائلاً: «عليهم هم أن يخافوا منا» في إشارة إلى الذين يقفون وراء المحاولة الفاشلة لاغتياله والذين اعتقل 8 أفراد من شبكة شيشانية متورطون معهم. ويتوجه الناخبون الروس الأحد، إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس جديد لبلادهم، وسط إجماع على استعداد بوتين لإحراز «فوز أكيد» على منافسيه، في أكثر الانتخابات الرئاسية إثارة للجدل في تاريخ روسيا. وعلى الرغم من أن هذه الانتخابات ليست الأولى في تاريخ روسيا الحديث التي تكاد تكون نتائجها محسومة سلفاً، فإن التطورات التي شهدتها البلاد منذ انتخابات مجلس الدوما في الرابع من كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وموجة الاحتجاجات الواسعة التي أعقبتها، هيأت الأجواء لاستحقاق انتخابي ساخن يجري على خلفية تصاعد التوتر وانقسام الشارع في شكل واضح بين مؤيد ومعارض لرئيس الوزراء. وينافس بوتين على مقعد الرئاسة أربعة مرشحين بينهم اثنان من «المشاركين التقليديين» في كل انتخابات تجرى في البلاد هما زعيم الحزب الشيوعي الروسي غينادي زيوغانوف وزعيم الحزب الليبرالي الديموقراطي فلاديمير جيرينوفسكي. ودخل إلى حلبة السباق للمرة الأولى رئيس حزب «روسيا العادلة» سيرغي ميرونوف الذي ترأس مجلس الشيوخ الروسي لسنوات طويلة وكان مقرباً من بوتين قبل أن ينقلب عليه أخيراً. وانضم إلى لائحة المتنافسين للمرة الأولى أيضاً الثري ميخائيل بروخوروف الذي يتربع على رأس لائحة أثرياء روسيا بثروة تزيد على 18 بليون دولار جمعها من نشاطه في قطاع المعادن. وعلى رغم أن الأخير ركز في دعايته الانتخابية على أنه «مرشح مستقل» وأكد أنه ينوي «انتشال البلاد من مستنقع الفساد مستفيداً من خبرته الواسعة في إدارة الأعمال» فإن خبراء روسيين يرون أن انخراطه في السباق الرئاسي يهدف إلى دعم بوتين في حال الفشل في حسم المعركة من الجولة الأولى. وعلى رغم أن أحدث استطلاعات للرأي أظهرت قدرة «زعيم الأمة» الذي تدهورت مكانته بقوة في الفترة الأخيرة، على تحقيق «فوز أكيد» من الجولة الأولى إذ منحته نحو 55 في المئة من أصوات الناخبين، فإن سيناريو الجولة الثانية ظل مطروحاً بقوة وسط مخاوف من عزوف الناخبين عن الإقبال على صناديق الاقتراع، أو تعمد كثيرين أغرتهم شعارات المعارضة المطالبة بالإصلاح والنزاهة حجب أصواتهم عن بوتين ومنحها لأحد منافسيه. واعتبر زيوغانوف الذي لم يمنحه الاستطلاع أكثر من عشرة في المئة من الأصوات، أن سيناريو الإعادة «واقعي جداً في حال نجحت المعارضة بكل أطيافها في حشد حضور قوي في مراكز الاقتراع» وأعرب عن قناعته بأنه سيحصل على نسبة من الأصوات تجعله قادراً على منافسة بوتين في الجولة الثانية. وقال زيوغانوف إن حزبه سيجري رقابة شديدة يشارك فيها أكثر من 300 ألف ناشط على العملية الانتخابية، علماً أن المعارضة التي أسست أخيراً رابطة أسمتها «المراقبون المستقلون» أعلنت أن عدد مراقبي الانتخابات الإجمالي في البلاد سوف يزيد على مليوني مواطن متطوع. وكان بوتين حذر من «خطورة الذهاب إلى جولة انتخابية ثانية لأنها سوف تزعزع الأوضاع في البلاد». ولا تبدو فرص المرشحين الآخرين أفضل حظاً من زيوغانوف، إذ حصل جيرينوفسكي على ثمانية في المئة، يليه بروخوروف برصيد ستة في المئة وأخيراً ميرونوف بنحو خمسة في المئة من الأصوات. ومع إجماع الموالين لبوتين والمعارضين لسياساته على أنه سيكون الرئيس المقبل للبلاد بصرف النظر عن احتمالات الحسم من الجولة الأولى أو الثانية، بدأت الأوساط الروسية تتحدث عن «مرحلة طويلة لبوتين على كرسي الرئاسة». وقال جيرينوفسكي إن بوتين «سوف يبقى في الحكم 12 سنة في ولايتين رئاسيتين قبل أن يسلم السلطة إلى أحد رفاقه»، في إشارة إلى تعديل دستوري أقر قبل سنتين مدد الولاية الرئاسية من أربع إلى ست سنوات. في المقابل، أعلنت المعارضة عزمها على تكثيف نشاطها وبدأت تجري استعدادات لإطلاق حملة احتجاجات واسعة النطاق ضد بوتين، بدءاً من اليوم التالي للاستحقاق الانتخابي.