انتقلت روسيا أمس إلى مرحلة جديدة لا صوت فيها للمعارضة، ما يذكّر بمرحلة نظام الحزب الواحد، كما كانت الحال في العهد السوفياتي. واحتل نواب حزب"روسيا الموحدة"بزعامة الرئيس فلاديمير بوتين وحلفاؤهم نحو 80 في المئة من مقاعد مجلس الدوما البرلمان، في مقابل هزيمة مدوية للمعارضة بشقيها اليساري واليميني، وانحصار تمثيلها بالحزب الشيوعي الذي لم يشغل سوى 11 في المئة من مقاعد المجلس. راجع ص 10. وطالب البيت الأبيض السلطات الروسية بفتح تحقيق شامل في"كل الانتهاكات التي رافقت العملية الانتخابية"، فيما أعربت الخارجية البريطانية عن"قلقها"إزاء معلومات عن مخالفات في الانتخابات الروسية، بعدما أكد مسؤول بعثة المفوضية البرلمانية الأوروبية يوران لينماركير إنه"لا يمكن وصف هذه الانتخابات بأنها ديموقراطية". كما اعتبر المفوض الأوروبي للاتصالات الخارجية بينيتو فيريري فالدنير، أن"حقوق الناخبين الروس انتهكت بقوة"، فيما أعرب الأمين العام للحلف الأطلسي ياب دي هوب شيفر عن"قلقه"من مسار الانتخابات الروسية، لا سيما على صعيد"حريتي التعبير والتجمع". وأعلنت لجنة الانتخابات المركزية الروسية صباح أمس النتائج شبه النهائية للاقتراع، بعد فرز 98 في المئة من البطاقات. وحصد حزب"روسيا الموحدة"أصوات 64 في المئة من الناخبين، ليتجاوز عدد مقاعده النيابية 310 من أصل 450 مقعداً، ما يعني سيطرة دستورية مطلقة تضمن له تبني القوانين والتعديلات الدستورية، من دون الاستعانة حتى بحلفائه داخل المجلس. وحل الحزب الشيوعي ثانياً بفارق كبير، بحصوله على أقل من 12 في المئة من الأصوات، وهي أسوأ نتيجة يحققها، إذ حاز على 56 مقعدا نيابياً حوّلته إلى أقلية بسيطة معارضة داخل البرلمان، فيما يعدّ الحزبان الآخران الفائزان، الليبرالي الديموقراطي 40 مقعداً و"روسيا العدالة"38مقعداً، حليفين للكرملين ولبوتين. واعتبر أحد أبرز زعماء المعارضة اليمينية أناتولي تشوبايس، أن الديموقراطيين خسروا بسبب عدم قدرتهم على توحيد صفوفهم، مشيراً إلى أن الشيوعيين سيشكلون المعارضة الوحيدة الحقيقية في مجلس الدوما الجديد. وأشاد بوتين بالفوز الذي حققه حزبه، مشدداً على ان الانتخابات عززت"شرعية"البرلمان الروسي. وسعى حزب"روسيا الموحدة"إلى الإفادة سريعاً من الوضع الجديد، إذ أعلن أمس أنه سينظم مؤتمرا عاماً في 17 الشهر الجاري، يعلن خلاله اسم مرشحه للرئاسة في الانتخابات المقررة في آذار مارس المقبل. وأشارت مصادر إلى فرضيات حول التطورات المقبلة، بينها إعلان بوتين استقالة مبكّرة تمكنه من خوض الانتخابات الرئاسية، على رغم أن لجنة الانتخابات كانت أعلنت أن الدستور لا يسمح له بخوض الانتخابات ولو استقال مبكراً. ومع تصاعد الجدل حول ذلك، أعتبر رئيس مجلس الشيوخ سيرغي ميرونوف الذي يتزعم"روسيا العادلة"، أن من حق الرئيس الحالي المشاركة في الانتخابات الرئاسية إذا استقال قبل انتهاء ولايته الثانية. ومن السيناريوات الأخرى تولي بوتين رئاسة الوزراء، مع توسيع صلاحياته، وترشيح أحد الموالين له لمنصب الرئاسة.