دخلت الازمة الدستورية المتفاقمة في الاراضي الفلسطينية امس الى طريق مسدود بعد ان قاطع نواب حركة "حماس" جلسة للمجلس التشريعي دعا اليها الرئيس محمود عباس لفتح الدورة الجديدة للمجلس ما حال دون توفر نصاب قانوني. وخشيت"حماس"ان تنجح حركة"فتح"في توفير غالبية تمكنها من تغيير هيئة المجلس، اي رئيس المجلس ونائبيه وامين سر المجلس، بعد ان باتت"فتح"تتمتع بغالبية برلمانية جراء وجود 41 نائبا من"حماس"في السجون الاسرائيلية بعد اعتقالهم. وكانت"حماس"تحظى بغالبية كبيرة في المجلس 74 نائبا ما يؤهلها لتوفير النصاب القانوني اللازم لعقد اي جلسة للمجلس واتخاذ القرارات وسن القوانين التي تريد، لكنها فقدت هذه الغالبية بعد حملة اعتقالات طالت الغالبية العظمى من نوابها في الضفة الغربية الخاضعة للاحتلال الاسرائيلي. وان تركت الاعتقالات كتلة"حماس"اقلية كبيرة في المجلس التشريعي، الا ان الكتلة المنافسة فتح بقيت غالبية صغيرة 41 نائبا غير قادرة على توفير النصاب القانوني لعقد اي جلسة. وامام عجز اي من هاتين الكتلتين عن عقد جلسة للمجلس التشريعي، بات الرئيس محمود عباس يتمتع بقوة أكبر لادارة السلطة الفلسطينية بعيدا عن رقابة المجلس التشريعي وسيطرته. وقال النائب السابق المستقل الدكتور عزمي الشعيبي، الذي يعد من ابرز الخبراء في الشؤون القانونية للمجلس التشريعي:"تنص المادة 43 من القانون الاساسي للسلطة الفلسطينية على منح الرئيس صلاحية اصدار قرارات لها قوة القانون في حال تعطل المجلس التشريعي". ويرجح الشعيبي ان يلجأ الرئيس عباس الى تكليف رئيس الوزراء الحالي سلام فياض تشكيل حكومة عادية على ان تظل حكومته الحالية حكومة تسيير اعمال لحين تمكنه من تشكيل الحكومة الجديدة. واضاف:"في هذه الحال فان المجلس التشريعي لن ينعقد لأن كتلة حماس غير قادرة على توفير نصاب قانوني، وبالتالي ستظل حكومة تسيير الاعمال في موقعها لفترة طويلة قادمة". وفي مكتب الرئيس عباس يرجح العديد من مساعديه لجوءه الى هذا الخيار. وقال احدهم ان الرئيس يلتقي خبراء في القانون الدولي، ويتباحث معهم في افضل الطرق لتجديد او ابقاء حكومة سلام فياض. ويمنح القانون الاساسي للسلطة الرئيس صلاحية تشكيل حكومة لادارة حالة الطوارئ لفترة محدودة 30 يوما، تنتهي في حال الحكومة الحالية في السابع عشر من الشهر الجاري. وتتباين تفسيرات القانون الاساسي للسلطة تبعاً لتباين التوجهات السياسية. ففيما يرى انصار"حماس"في جميع الاجراءات التي قام بها الرئيس عباس مخالفة صريحة للقانون، يراها انصار"فتح"من منظار آخر. وقالت النائبة المستقلة البارزة حنان عشراوي ل"الحياة":"القانون يمنح الرئيس حق اعلان حالة الطوارئ لفترة محدودة 30 يوما لكنه لا يحدد له كم مرة يعلنها". واضافت:"واضح ان القانون مرن في هذه الحالة، ويمكن للرئيس عباس ان يعلن حالة الطوارئ ثانية وثالثة ورابعة". لكن الدكتور عزمي الشعيبي يرى ان اعلان حالة الطوارئ مرات عدة يتطلب وجود فاصل زمني بين مرة وأخرى. وكشف تغيب نواب"حماس"عن جلسة المجلس التشريعي امس عمق الازمة التي تعصف بالنظام السياسي الفلسطيني. ذلك ان نواب الحركتين المتصارعتين"فتح"و"حماس"كرّسوا حال الانقسام في المؤسسة التشريعية. وقال الدكتور عزمي الشعيبي:"واضح ان حال اقتسام السلطة تستقر، جغرافيا تسيطر حماس على غزة، وفتح على الضفة، ومؤسساتياً تمسك حماس بمفاتيح المجلس التشريعي، وتمسك فتح بمفاتيح الرئاسة والحكومة". وتوقع الشعيبي ان تتحول حكومة"حماس"في غزة الى هيئة محلية، وان تتكرس سيطرة"فتح"على الضفة. ويخشى بعض النواب المستقلين ان يؤدي الصراع بين نواب"فتح"و"حماس"الى انهيار السلطة كليا. وقالت عشراوي:"النظام السياسي الفلسطيني يمر في ازمة خطيرة، وعملياً يجري تقويض جوهر الديموقراطية الفلسطينية".