كان من المقرر ان يعقد المجلس التشريعي الفلسطيني البرلمان امس جلسة أولى له منذ أربعة أشهر، لكن النواب تلقوا في الساعة الاخيرة رسائل من رئاسة المجلس تبلغهم فيها بتأجيل الجلسة لعدم توفر نصاب قانوني بعد سفر 15 نائبا من"كتلة الاصلاح والتغيير"التابعة لحركة"حماس"الى اندونيسيا للمشاركة في مؤتمر برلماني اسلامي. وهذه ليست المرة الاولى التي يلغي فيها المجلس او يرفع جلسة له بسبب عدم توفر النصاب القانوني، ففي الاشهر الاربعة الماضية لم يتوفر نصاب قانوني لعقد جلسة واحدة. واصيب المجلس التشريعي الجديد بشلل شبه تام منذ اليوم الاول لبدء جلساته عقب الانتخابات التي فازت فيها"حماس"بغالبية كبيرة، بسبب الصراع الذي تفجر بين كتلتي"فتح"و"حماس". إذ تحولت قاعتا المجلس في غزة ورام الله، المتصلتان معاً بنظام"فيديو كونفرنس"، الى ميدان للمناكفة والسجال بين اعضاء الكتلتين الذين لم يتركوا مسألة إلا واختلفوا عليها. وعقب قيام اسرائيل بحملة اعتقالات في صفوف نواب"حماس"في الضفة الغربية بعد اختطاف الجندي الاسرائيلي غلعاد شاليت الى قطاع غزة في حزيران يونيو العام الماضي، تعمق الشلل وبات المجلس غير قادر على القيام بأي من مهماته. فقد اتبعت كل من الكتلتين الرئيستين في المجلس تكتيكا يقوم على عدم توفير نصاب قانوني في كل مرة يناقش فيها المجلس امراً لا ينسجم مع مصالحها. فأعضاء حركة"فتح"، مثلاً، تغيبوا عن جلسة لم تشمل بنداً ينص على مساءلة رئيس الحكومة، ما أفقد المجلس نصابه القانوني وأدى الى إلغاء الجلسة. وفي الجلسة التالية التي أُدرج فيها بند مساءلة رئيس الحكومة تغيب نواب"حماس"، ما افقد الجلسة نصابها القانوني وأدى الى إلغائها. والنصاب القانوني للمجلس التشريعي هو نصف عدد الاعضاء ال132 زائد واحد. وظلت"حماس"تتمتع بغالبية مريحة في المجلس الى ان اعتقلت اسرائيل في حزيران يونيو 32 من نوابها، ليرتفع بذلك عدد النواب المعتلقين الى 40 غالبيتهم العظمى من"حماس". وقال حسام عز الدين الكاتب المتخصص في شؤون المجلس التشريعي:"اي كتلة من الكتلتين، حماس وفتح، قادرة اليوم على شل عمل المجلس التشريعي". ويرى عز الدين ان"حماس"قلقة من عقد المجلس في هذه الأيام خشية ان تستغل"فتح"غياب عدد كبير من نوابها، وتطرح للتصويت دعوة الرئيس محمود عباس لإجراء انتخابات مبكرة. وفي ذات الوقت تبدي كتلة"فتح"قلقاً من عقد المجلس بغالبية من اعضاء"حماس"واجراء تصويت ضد دعوة عباس لإجراء الانتخابات. واضاف:"ما لم تتوافق الكتلتان على القضايا المطروحة فإن المجلس سيظل مشلولا". وكان عدد كبير من اعضاء"حماس"تغيبوا أخيراً لأداء فريضة الحج. وأول من امس سافر عدد كبير آخر 15 عضوا للمشاركة في المؤتمر البرلماني في اندونيسيا. وقال النائب عن كتلة"بديل"قيس عبدالكريم:"كان يمكن لكتلة حماس ان ترسل أربعة او خمسة نواب فقط لتمثيلها في هذا المؤتمر"، ملمحا الى وجود أغراض أخرى من وراء إرسال 15 نائبا الى الخارج. وكان نائب آخر من كتلة"بديل"التي تضم"حزب الشعب"و"الجبهة الديمقراطية"وهو بسام الصالحي دعا النواب المستقلين أخيراً الى الاعتصام في داخل قاعتي المجلس احتجاجاً على عدم عقد جلساته. ويصادف الخامس والعشرون من هذا الشهر مرور عام على انتخاب المجلس التشريعي، لكن من دون حصيلة يفتخر فيها النواب. فخلال هذا العام لم ينجز المجلس اي قانون جديد ولم يجر تعديلاً على اي قانون قديم. وقال الكاتب عز الدين:"لقد انقضى العام البرلماني الاول في المناكفة والمساجلة بين كتلتي فتح وحماس". وربما شكلت المحادثات الجارية بين حركتي"فتح"و"حماس"عبر وسطاء بهدف تشكيل حكومة وحدة وطنية أملاً أخيرا بتوافق يعيد احياء عمل المجلس الذي يحدد النظام الاساسي الفلسطيني"الدستور"مهماته في صوغ القوانين والرقابة على السلطة التنفيذية، تلك المهمة التي لم يُسجل المجلس اي انجاز فيها طيلة العام الاول من عمله.