أثار اعتقال اسرائيل ثلث اعضاء حكومة"حماس"و24 نائبا من نوابها في الضفة في ليلة واحدة، وتهديد اعضاء الحكومة والنواب الباقين بالاعتقال وبغيره، الكثير من الاسئلة في شأن سبل التعامل مع الفراغ الناجم عن غياب عدد كبير من اعضاء الحكومة والبرلمان في سلطة تتألف من رأسين، الرئاسة"الفتحاوية"، والحكومة"الحماسية". ففي"حماس"، سارع رئيس الحكومة اسماعيل هنية الى الاجابة على هذا السؤال بتكليف الوزراء المقيمين في قطاع غزة تولي حقائب زملائهم المقيمين في الضفة الخاضعة للاحتلال. وان كان هذا الاجراء يوفر حلا قانونيا سريعا للمشكلة الراهنة، فان رئيس الوزراء لم يوضح طبيعة الاجراء الذي قد يلجأ اليه في حال اجتياح اسرائيل قطاع غزة والوصول الى باقي اعضاء الحكومة والبرلمان، وهو امر غير مستبعد. اما في"فتح"، فألمح بعض المتحدثين الى امكان لجوء الرئيس محمود عباس لملء ما اسموه"الفراغ القانوني"الناجم عن غياب هذا العدد الكبير من الوزراء، وهو ما أثار حفيظة"حماس"التي اعتبر بعض قادتها مثل هذه التصريحات"استقواء بالاحتلال". وفي ما بدا انه رد سريع من"حماس"على تصريحات رئيس كتلة"فتح"في المجلس عزام الاحمد التي تحدث فيها عن صلاحيات الرئيس في ملء"الفراغ القانوني"، شدد هنية في خطبة الجمعة امس على ان اي غياب لرئيس الحكومة واعضائها لن يغير من التركيبة الجديدة للنظام السياسي الفلسطيني الناشئة عن فوز حركته بغالبية اعضاء المجلس التشريعي. وقال بلغة بدت حاسمة:"اي تغيير في الحكومة في السنوات الاربع المقبلة، سيبنى على نتائج الانتخابات التشريعية". وكانت اسرائيل اعتقلت الى جانب الوزراء الثمانية، نصف اعضاء كتلة"حماس"في المجلس التشريعي في الضفة المؤلفة من 48 عضوا. ومن غير المستبعد ان تعمد في اي تطور قادم الى اعتقال باقي اعضاء الكتلة، الامر الذي يتسبب في اختلال كبير في تركيبة المجلس التشريعي لصالح"فتح"التي ستصبح والحال هذه كتلة الغالبية في المجلس 42 عضوا، علماً ان كتلة"حماس"البرلمانية في غزة تتألف من 28 عضوا فقط، في حين تتألف كتل اليسار والوسط والمستقلين في المجلس من 11 نائبا فقط. وتشير خيوط واشكالات العلاقة بين رأسي النظام السياسي الفلسطيني فتح وحماس الى ان الفراغ الذي قد ينشأ عن اعتقال وزراء ونواب من"حماس"او غيابهم، سيكون فراغا سياسيا اكثر منه قانونيا. فمن دون توافق سياسي بين الحركتين، فان اي خطوة تخطوها حركة من الحركتين في هذا النظام، ستعتبرها الحركة الخصم موجهة ضدها، الامر الذي قد يجدد الازمة السياسية التي تدهورت اخيرا الى اشتباكات مسلحة هي الاسوأ والاكثر خطورة في تاريخ الحركة الفلسطينية. وقال النائب السابق عزمي الشعبي الذي يعد من ابرز الخبراء في النظام السياسي الفلسطيني:"المشكلة هنا سياسية وعلاجها سياسي، والحركتان، فتح وحماس، في حاجة الى اتفاق سياسي حتى يتم تجاوز اي فراغ او مشكلة قد تظهر في النظام السياسي". وتوصلت الحركتان عقب اندلاع ازمة خطف الجندي الاسرائيلي غلعاد شاليت وضرب اسرائيل حصارا على القطاع والتهديد باجتياحه، الى اتفاق وطني على"وثيقة الاسرى"، وهو ما يُرجح ان يشكل اساساً لملء اي فراغ قد ينجم عن غياب اي عضو في الحكومة. ويقول عضو المجلس الثوري لحركة"فتح"جبريل رجوب:"حركة فتح ليست من يمتطي حصان الاحتلال للوصول الى الحكومة، على العكس نحن سنقف الى جانب حماس في مواجهة الاحتلال الذي اعتقل اعضاء الحكومة والمجلس التشريعي". ويرجح قادة"حماس"و"فتح"تشكيل حكومة وحدة وطنية في الاسابيع القليلة المقبلة بعد الانتهاء من ازمة الجندي المختطف وتوقف الاجتياح، وهو ما اتفق عليه في الحوار الوطني الذي افضى الى القبول بالوثيقة.