يضيف إنتاج الغاز الطبيعي من مياه غزة الإقليمية في البحر الأبيض المتوسط وتصديره، بعداً إضافياً للصراع الحاصل الآن بين حركتي فتح وحماس حول السيطرة السياسية على قطاع غزة. اكتُشف حقل غزة البحري أواخر العقد الماضي من جانب شركة"بي جي"البريطانية المتخصصة في الغاز، وتأخر تطويره بسبب التعقيدات والمشاكل المرتبطة بالأوضاع السياسية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وبالسجال الإسرائيلي حول ضمان إمدادات الغاز من مصدر عربي. حاولت إسرائيل، بعيد اكتشاف الحقل الذي يبلغ احتياطه نحو تريليون قدم مكعبة الادعاء بأنه يمتد الى مياهها الإقليمية أيضاً، أي أنها تريد حصة فيه ومشاركة الجانب الفلسطيني في تطويره وأرباحه. إلا أن إحداثيات المكامن أشارت الى أنه يقع كله داخل المياه الفلسطينية، ليسقط الادعاء الإسرائيلي. وبادرت شركة"بي جي"البريطانية بعيد الاستكشاف في دراسة تصدير الغاز الفلسطيني الى السوق الإسرائيلية القريبة من الحقل، لأن إسرائيل تحديداً تفتقر الى احتياطات الغاز وهي في صدد تحويل الوقود في محطاتها الكهربائية من الفحم الى الغاز، إذ بلغ إنتاجها عام 2006 نحو 223 مليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي فقط ومن حقل بحري في مياهها الإقليمية، بحسب نشرة"ميس"، إضافة الى تزويد محطة كهرباء غزة بالوقود. إلا ان المفاوضات الأولية بين الشركة البريطانية ووزارة البنى التحتية الإسرائيلية باءت بالفشل لأسباب سياسية بدء الانتفاضة الثانية والحصول على التأكيدات اللازمة لتأمين الإمدادات في شكل مستمر من دون انقطاع ولخلاف على السعر. إذ رفضت شركة"بي جي"العرض الإسرائيلي الأول للسعر البالغ 3.10 دولار للوحدة الحرارية البريطانية، واعتبرته غير تجاري ومتدنياً جداً بالنسبة الى الارتفاع الذي طرأ على أسعار النفط والغاز العالمية. وقررت بدلاً من ذلك التوجه نحو السوق المصرية، حيث لديها مشروع لتصدير الغاز المسيل من"أدكو"وتزويدها كميات إضافية من الغاز. وبعد مفاوضات مضنية وطويلة، وافق مجلس الوزراء الإسرائيلي برئاسة ايهود اولمرت بغالبية 21 صوتاً ضد ثلاثة في 29 نيسان إبريل عام 2007، على استيراد غاز غزة البحري وبسعر أعلى مما عرضه سابقاً، وهو 4.50 دولار للوحدة الحرارية البريطانية، بحسب ما أفادت به نشرة"ميس". لكن على رغم هذه الموافقة الرسمية، لم تنجز حتى اليوم مراسيم التوقيع التجاري بين شركة"بي جي"وشركة الكهرباء الإسرائيلية، التي تخطط لاستيراد 1.6 بليون متر مكعب سنوياً من الغاز الفلسطيني لمدة 15 سنة، والذي يفترض أن يبدأ في الوصول الى مستودعات الشركة الإسرائيلية في أشدود عبر أنبوب بحري في موعد أقصاه 2011. تبلغ القيمة الإجمالية للصفقة مع إسرائيل نحو أربعة بلايين دولار، بحسب صحيفة"التايمز"اللندنية. ويتوقع ان تدر، في حال توقيعها وتنفيذها، نحو 100 مليون دولار سنوياً للسلطة الوطنية الفلسطينية، من خلال حصتها في المشروع والريع الذي ستحصل عليه والضرائب. ويشار الى أن قيمة إجمالي الصادرات من غزة الى إسرائيل الآن تبلغ نحو 360 مليون دولار سنوياً، والصادرات من إسرائيل الى غزة نحو 750 مليون دولار سنوياً، كما ورد في"نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية""مختارات من الصحف العبرية"، نقلاً عن صحيفة"يديعوت احرونوت". لكن هناك أسئلة عدة تطرح حول جدية توقيع العقد التجاري، تحديداً في ظل الانقلاب العسكري الذي نفذته"حماس"في قطاع غزة. فهل ستقبل الحكومة الإسرائيلية التعامل معها نيابة عن السلطة الوطنية الفلسطينية، أم ستستمر في التعامل مع السلطة الوطنية في رام الله؟ وماذا سيكون رد فعل"حماس"في غزة على هذه السياسة؟ وهل ستقبل"حماس"بالتفاهمات التي توصل اليها حتى الآن الأطراف الفلسطينيون والإسرائيليون والبريطانيون؟ ويشار الى أن خلال عهد حكومة الوحدة الوطنية برئاسة هنية وبعد اتفاق مكة، لم يبد رئيس الوزراء أو الحركة أي اعتراضات علنية على المشروع أو المفاوضات التي كانت جارية لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق التجاري.