تهافت مرشحو الحزب الديموقراطي للانتخابات الرئاسية الأميركية على معارضة الحرب في العراق خلال مناظرتهم التي اتسمت بالمزايدات وتبادل الاتهامات بين المرشحين هيلاري كلينتون وجون إدواردز وباراك أوباما، لتبرير مواقفهم المؤيدة للحرب لدى بدئها، وتسويق خطتهم للانسحاب. لكنهم أجمعوا على اعتماد الديبلوماسية مع ايران والإصرار على ردع طموحاتها النووية. ومع اتساع رقعة القاعدة الحزبية المناهضة للحرب، واستياء غالبية الرأي العام الأميركي من أداء إدارة الرئيس جورج بوش في العراق، تحولت المناظرة الثانية للديموقراطيين في جامعة سانت أنسلم ولاية نيو هامبشير ليل الأحد - الاثنين مناسبة لرفع نبرة المرشحين الثمانية ضد"حرب بوش"كما سمتها كلينتون، والتعهد كل بدوره بإنهائها في حال وصوله الى البيت الأبيض عام 2008. وحاول ادواردز الذي يتراجع في الاستطلاعات 11 في المئة أمام كلينتون 42 في المئة وأوباما 27 في المئة استعادة موقع المعارض الأشرس للحرب واتهم منافسيه"باللحاق بالتيار المناهض للحرب بدل قيادته"، منتقداً تصويتهما"الخجول"ضد مرسوم موازنة الحرب الذي وافق عليه الكونغرس. وجاء رد أوباما لاذعا عندما اشار الى معارضته الحرب منذ بدئها عام 2003 ، فيما"تأخر ادواردز أربع سنوات ونصف السنة ليتخذ الموقف ذاته". وطغى موضوع العراق على طروحات المرشحين وأسئلة الحاضرين في المناظرة التي استضافتها محطة"سي إن إن"، وبدأ التحول في سياسة الديموقراطيين منذ الانتخابات الرئاسية الأخيرة وخسارة جون كيري أمام الرئيس جورج بوش عام 2004، وبعد ارتفاع نسبة الخسائر في صفوف الجيش والمقاربات المتزايدة في الوسط الأميركي للواقع في بغداد مع حرب فييتنام. وفيما تعهد حاكم ولاية نيو مكسيكو بيل ريتشاردسون سحب الجنود من العراق الى الكويت وأفغانستان لإعادة التركيز على الحرب ضد الارهاب، حددت كلينتون ثلاث خطوات لإنهاء المأزق العراقي: الضغط على الحكومة العراقية وتحميلها مسؤولياتها، والثانية بالانخراط بديبلوماسية"فذة"اقليمياً ودولياً تمهيداً للانسحاب. وبدوره حمل أوباما الحرب وأخطاء الادارة مسؤولية تنامي نفوذ تنظيم"القاعدة"وظهور أعضائه في لبنان والأردن ومناطق أخرى. وحاولت كلينتون، التي تتقدم الاستطلاعات داخل حزبها وضد الجمهوريين، الحفاظ على صورة متشددة في الأمن القومي شبيهة بصورة رئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارغريت تاتشر، وأكدت تأييدها لمفهوم"الحرب ضد الارهاب"الذي يعترض عليه ادواردز، وتعهدت بالمزيد من الاجراءات الأمنية لحماية الولاياتالمتحدة، ومتابعة أقوى للوضع على الحدود الأفغانية - الباكستانية، وضخ المزيد من الديبلوماسية في الشرق الأوسط لوقف تدخل ايران في العراق و"تصديرها أسلحة تستعمل ضد جنودنا هناك"، ووقف"طموحاتها النووية بأي ثمن". وانتقدت تجاهل ادارة بوش للأدوات الديبلوماسية في الكثير من الملفات الخارجية الشائكة، وهزئت من ارسال نائب الرئيس ديك تشيني في"مهمات ديبلوماسية"، باعتباره من أبرز المعترضين على هذا الأسلوب داخل الادارة.