انطلقت أخيراً "الجائزة العالمية للرواية العربية" في أبو ظبي بدعم من"مؤسسة الإمارات". ويمكن القول إنها النسخة العربية من جائزة"بوكر"الانغلوفونية الشهيرة التي تُمنح للرواية في بريطانيا وايرلندا ودول الكومنولت، فالجائزة العالمية - العربية هذه التي أنشئت بالشراكة مع جائزة"بوكر"تضم في لائحة أمناء السرّ جوناثان تايلور، رئيس مجلس إدارة مؤسسة"بوكر"، عطفاً على أسماء بريطانية وعربية. البادرة لافتة جداً، والجائزة الجديدة تُضاف إلى الجوائز العربية التي تتكاثر في الآونة الأخيرة، وأبرز ما يميّزها أنها تكاد تعتمد نظام ال"بوكر"التي أنشأت مثيلة لها في روسيا ومثيلة أخرى أفريقية تحمل اسم جائزة"كاين"للأدب الأفريقي، ولا ندري إن كان الأدب الأفريقي العربي معنيّاً بهذه الجائزة. هذه الشراكة البريطانية قد تضفي على الجائزة العربية - الدولية طابعاً"شرعياً"وپ"موضوعياً"كما يفترض بها، نائيةً بها عن الخلفيات السياسية والإقليمية وسواهما. هذا ما يمكن التعلّل به ولو أن بضعة أسماء في لائحة أمناء السرّ لا توحي بالكثير من الثقة تبعاً لانحيازها إلى أسماء أو"هويات"أو مصالح... لكن السؤال الذي يمكن طرحه هو: هل ستتمكن هذه الجائزة من ترويج الرواية التي تفوز بها عربياً؟ أي هل ستدفع القرّاء العرب إلى اقتنائها وقراءتها كما يحصل عادة في الجوائز العالمية أم أنها ستظل جائزة بلا قرّاء؟ ومعروف في العالم العربي أن الجوائز لا تزيد من مبيع أي رواية فائزة، خلا حالات نادرة جداً. جائزة نوبل التي حصدها نجيب محفوظ مثلاً لم تزد من مبيع رواياته عربياً إلا قليلاً. أما عالمياً فهي فتحت أمامه أسواقاً كبيرة. رواية الكاتب الجزائري واسيني الأعرج"كتاب الأمير"التي حازت جائزة الشيخ زايد لم تحظ بالرواج عربياً ولم تعمد دار الآداب إلى إعادة طبعها، علماً أن الجائزة حظيت بحملة إعلامية كبيرة ظلّت الكتب الفائزة خارجها. لكن قيمة الجائزة قد تغني عربياً عن مردود المبيع الذي لن يتجاوز حتماً المئتي ألف دولار التي تسلّمها مثلاً واسيني الأعرج وهي القيمة المادية للجائزة. إلا أن أهمية الجائزة العالمية - العربية تكمن في منحها فرصة كبيرة للرواية العربية الفائزة لتنشر عالمياً عبر ترجمتها إلى لغات عدة، كما ينص أحد بنودها. إنها فرصة سانحة حقاً تتيح للرواية العربية الجديدة أن تنتشر عالمياً في منأى عن أي اعتبار غير أدبي، وبعيداً من الهمّ التجاري الذي بات يسيء كثيراً إلى الأدب. هكذا تروج الرواية الفائزة انطلاقاً من أهميتها كنص إبداعي، وليس لأنها رواية"إكزوتيكية"مثلاً تجذب القارئ الغربي أو لأنها خفيفة ومسلّية وصالحة لأن تقرأ في القطار. وقد يطرح سؤال آخر عن اسم الجائزة الذي قد يثير حفيظة البعض، قرّاء وأدباء على السواء. فماذا يعني الاسم: الجائزة العالمية للرواية العربية؟ ماذا تقصد اللجنة بصفة"العالمية"التي أضفتها على الرواية العربية؟ هل تعني الصفة أن الجائزة عالمية لأنها أنشئت بالشراكة مع جائزة"بوكر"أم لأن الرواية الفائزة ستترجم عالمياً؟ هذا الإشكال لم توضحه لجنة الجائزة وقد يتضح لاحقاً، بدءاً من السنة المقبلة حين تمنح الجائزة الأولى. جائزة جديدة إذاً وللرواية تحديداً. هذا الأمر يدعو إلى التفاؤل. واللافت أن الجوائز تأتي في معظمها من دول الخليج وغالباً ما يفوز بها كتّاب غير خليجيين. وهذا ما يضفي عليها المزيد من الصدقية. جائزة سلطان العويس فاز بها حتى الآن كتاب عرب كبار ينتمي معظمهم إلى الطليعة التقدمية. إنها الجوائز التي تطمح إليها النخبة الأدبية والفكرية في العالم العربي. أما الجوائز"الوطنية"والإقليمية فلا تتخطى تخوم الأوطان نفسها. جوائز الدولة في مصر هي لأبناء مصر. وهكذا دواليك. لكن القاهرة استحدثت جائزة للرواية وأخرى للشعر تتخطيان"الهوية"المصرية. جائزة جديدة، خمسون ألف دولار وترجمات إلى لغات عالمية! ماذا ينتظر الروائيون العرب أكثر من هذه البادرة؟. وقد يتقدم الكثيرون منهم إلى الجائزة، وقد ينكفئ بعضهم عنها، وهمهم إبداعهم الروائي فقط. لكنّ جائزة مثل هذه وسواها، تساعد الروائي على المزيد من الكتابة ومن التفرّغ للكتابة موفرة له مبلغاً يستحيل عليه أن يجنيه بسهولة. ولكن لماذا الرواية وحدها تحظى بمثل هذه الجوائز؟ ولماذا يُحرم الشعر منها؟ الجواب طبعاً هو عند المسؤولين عن الجوائز!