برزت الأزمة المكتومة بين الخرطوموطرابلس إلى السطح بعد إبعاد السودان القنصل الليبي عبد الرازق علي الدروخي رداً على خطوة ليبية مماثلة، الأمر الذي يرشح علاقات البلدين إلى مزيد من التوتر. وجاء ذلك في وقت قال النائب الأول للرئيس رئيس حكومة إقليم جنوب السودان سلفاكير ميارديت إن أمام مواطني الجنوب خيارين"إما البقاء في سودان موحد ونصبح مواطنين"أو"أن يصبح الجنوب دولتنا المستقلة". وكشف انه شغل منصب رئيس السودان"فعلياً"لمدة ثلاثة أسابيع عندما كان الرئيس عمر البشير خارج البلاد، واعتبر انه للمرة الأولى في تاريخ البلاد يُترك جنوبي ليحكمها. وقال السفير الليبي في الخرطوم عمر الحامدي في تصريح أمس إنه لا يعلم دوافع السلطات السودانية لإبعاد القنصل الليبي عبد الرازق علي الدروخي من البلاد، وطلب من الصحافيين التوجه بأسئلتهم إلى الخارجية السودانية، ونفى أن تكون سلطات بلاده طردت القنصل الليبي في طرابلس قبل أسابيع. لكن الناطق باسم الخارجية السودانية السفير علي الصادق نفى علمه بإبعاد الدروخي من الخرطوم. وكانت العلاقات السودانية - الليبية تشهد منذ شهور أزمة صامتة، إذ تتهم الخرطوم جارتها بدعم متمردي دارفور وتدريب متمردين من إقليم كردفان المجاور لدارفور، كما انتقدت ليبيا الاتفاق بين الرئيسين السوداني عمر البشير ونظيره التشادي إدريس ديبي الذي رعته القيادة السعودية في أيار مايو الماضي. وسيزور ديبي الخرطوم اليوم لإجراء محادثات مع البشير ستركز على استكمال تطبيع علاقات البلدين، وتسريع تسوية أزمة دارفور عبر تشجيع المتمردين الذين تستضيفهم نجامينا، وفي المقابل دفع الخرطوم المتمردين التشاديين الذين تستضيفهم إلى مصالحة حكومة بلادهم. إلى ذلك، حض النائب الأول للرئيس السوداني رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت مواطني الجنوب على تأكيد تسجيل أسمائهم في التعداد السكاني المخطط له أواخر هذا العام. واتهم سلفاكير، في خطاب أمام المصلين في جوبا، عاصمة اقليم الجنوب، الجيش السوداني بعدم الانسحاب من مواقع في الجنوب"ظل يحتلها من قبل اتفاق السلام في العام 2005"، معتبراً أن ولايتي أعالي النيل والوحدة الغنيتين بالنفط"لا تزالان تحت الاحتلال". وحدد اتفاق السلام 9 تموز يوليو المقبل آخر موعد لانسحاب الجيش الحكومي من الجنوب. وكشف سلفاكير أن الميليشيات المسلحة ما زالت ناشطة في ولايات أعالى النيل والوحدة وبعض المناطق في شرق الاستوائية، وقال ان"الحركة الشعبية"التي يقودها"تقاتل حزب المؤتمر الوطني الحاكم من اجل حسم مشكلة الميليشيات"، إما بنزع سلاحها أو دمجها في الجيش الحكومي. وأشار إلى استمرار مشكلة منطقة أبيي الغنية بالنفط المتنازع عليها بين شمال البلاد وجنوبها، موضحاً أن"الحركة الشعبية"لا تزال تقاتل من أجل إنشاء"ادارة محلية"يحكم فيها أبناء ابيي منطقتهم بأنفسهم. ودعا مواطني الجنوب الى تسجيل اسمائهم في الإحصاء السكاني في تشرين الثاني نوفمبر المقبل"حتى لا يتم تقدير عدد الجنوبيين جزافاً"ومنعهم من حقهم في اقتسام الثروة والسلطة"كما حدث عندما قُدّر عددهم بثلث سكان السودان". وطالب بالاستعداد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر اجراؤها في العام 2009 وحض على المشاركة فيها وفي الاستفتاء على تقرير مصير جنوب البلاد لأن"ذلك هو الهدف الذي سعينا اليه قبل استقلال السودان"، قائلاً إن على الجنوبيين"أن لا يسمحوا لأحد بأن يملي عليهم ما يريد"، وإن أمام الجنوبيين خيارين"إما البقاء في سودان موحد ونصبح مواطنين"، أو"أن يصبح الجنوب دولتنا المستقلة". ودعا إلى احترام الرأي الآخر وترك موضوع الانفصال الى"يومه"، في اشارة الى يوم الاستفتاء"عندما تذهبون الى صناديق الاختراع وتصوتون للانفصال"، مشيراً إلى قناعته بأن غالبية الجنوبيين يفضلون الانفصال عن الشمال. وكشف انه شغل منصب رئيس الجمهورية"فعلياً"لمدة ثلاثة أسابيع عندما كان الرئيس عمر البشير خارج البلاد. وتابع:"ولأول مرة في تاريخ السودان يُترك جنوبي ليحكم السودان". في غضون ذلك، تحفظت الحكومة السودانية عن رغبة فرنسا بالمشاركة في القوة المختلطة من الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي التي سيجري نشرها في دارفور لاحقاً، واعتبرت ذلك سابقاً لأوانه. وقال الناطق باسم الخارجية السودانية السفير علي الصادق للصحافيين امس ان اتفاق أديس أبابا قضى بأن تكون عملية حفظ السلام في دارفور عملية أفريقية مدعومة أممياً. وذكر أن المساهمة الدولية في"العملية الهجين"في دارفور تأتي في مرحلة الدعم الثقيل التي سيجري التشاور حولها بين الخرطوموالأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي من حيث عدد القوات أو الدول المساهمة. وزاد:"إذا شاءت فرنسا المساهمة بقوات فعليها أن تفعل ذلك في حينه عبر حزم الدعم الثقيل". وكان وزير الدفاع الفرنسي إيرفيه مورين أعرب عن أمله فى إمكان نشر قوة مختلطة تحت قيادة كل من الأممالمتحدة والاتحاد الافريقي في دارفور في اوائل عام 2008 على الأكثر. وقال إن فرنسا"يحتمل"أن تسهم بجنود في هذه القوة المختلطة. وفي باريس أ ف ب، اعلنت وزارة الخارجية الفرنسية الثلثاء ان الاجتماع حول دارفور أول من أمس اتاح الخروج بتفاهم على"أولوية الحل السياسي"، لافتة الى تنامي"وحدة"المجتمع الدولي حول هذا الملف. وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية جان باتيست ماتيي"تم الخروج بتفاهم على اعطاء الأولوية للحل السياسي تحت رعاية الوساطة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأممالمتحدة". وأضاف:"ينبغي الآن تطبيق خريطة الطريق حول العملية السياسية التي بلورها الاتحاد الافريقي والامم المتحدة، الأمر الذي يستدعي جهود الجميع". وسمى الناطق"السلطات السودانية والفصائل المتمردة والوسطاء واللاعبين الاقليميين"، إضافة الى"المجتمع الدولي برمته والذي يعود اليه، في اطار مجلس الأمن الدولي، أن يتخذ التدابير المناسبة بحق من يرفضون التفاوض ضمن شروط خريطة الطريق". وتابع أن"هذا الاجتماع أتاح تأكيد وحدة المجتمع الدولي في جهوده لمعالجة أزمة دارفور"، لافتاً الى اجتياز"مرحلة مهمة"على هذا الصعيد.