حققت مؤشرات معظم الأسواق الخليجية مكاسب استثنائية ومتميزة خلال أيار مايو الماضي الذي يمكن اعتباره أفضل شهر لناحية أداء هذه البورصات خلال سنتين. واللون الأخضر، الذي يعبر عن ارتفاع الأسعار، طغى على شاشات التداول لأسابيع متتالية، بعد طغيان اللون الأحمر، الذي يعبر عن تراجع الأسعار، لأشهر طويلة، تعرض خلالها معظم المستثمرين في هذه البورصات لخسائر جسيمة بسبب موجات التصحيح. وتتشارك بورصات عدة العوامل التي ساهمت في تحسن أداء مؤشراتها. واحتل مؤشر سوق الدوحة للأوراق المالية المرتبة الأولى بين مؤشرات البورصات الخليجية لناحية نسبة الارتفاع في أيار، إذ ارتفع 18.94 في المئة على رغم خسارته 5.72 في المئة من قيمته خلال الأسبوع الأخير من الشهر. وأدى الارتفاع الكبير في مؤشر السوق إلى تغطية الخسائر التي تعرض لها المؤشر خلال الثلث الأول من السنة، والتي بلغت نسبتها 8.65 في المئة، وتحقيق مكاسب نسبتها 8.65 في المئة مقارنة ببداية السنة. ويخشى محللون من عمليات جني أرباح يقوم بها المضاربون خلال حزيران يونيو الحالي بسبب الارتفاع القوي لمؤشرات هذه الأسواق خلال أيار، معتبرين أن من الأنسب ان يكون التحسن في مؤشرات الأداء تدريجياً ومنطقياً، خصوصاً في ظل استمرار انخفاض الوعي الاستثماري لدى شريحة كبيرة من المضاربين. واحتل مؤشر سوق الأسهم الإماراتي المرتبة الثانية في نسبة الارتفاع خلال أيار 15.87 في المئة، وهو أعلى ارتفاع شهري للمؤشر منذ بداية الربع الثالث من عام 2005، ليعوض الخسائر التراكمية لهذه السنة والتي بلغت نسبتها 3.8 في المئة نهاية نيسان أبريل الماضي، ويحقق مكاسب نسبتها 12.28 في المئة في نهاية أيار، مقارنة ببداية السنة. وبلغت مكاسب الأسواق الإماراتية خلال أيار نحو 82 بليون درهم. ويشار هنا إلى ان سيولة المضاربين تشكل نسبة مهمة من حجم السيولة المتدفقة على سوق الأسهم الإماراتية والسعودية والقطرية، بينما لا تشكل سيولة الاستثمار المؤسسي والاستثمار الطويل الأجل، وهو الاستثمار الأكثر عقلانية والذي يعتمد على مؤشرات أداء الشركات ونمو ربحيتها ومؤشرات تقويم أسعارها، سوى نسبة بسيطة من هذه السيولة. ولوحظ ان حجم التداول في سوق الإمارات على أسهم 10 شركات، معظمها شركات تُستهدف أسهمها بالمضاربات، استحوذ على أكثر من 60 في المئة من إجمالي حجم التداول، ما رفع قيمة هذه الأسهم في السوق بنسبة كبيرة. ويعكس هذا بالطبع اختلالات هيكلية في توزيع السيولة على الفرص الاستثمارية المتوافرة داخل الأسواق. وأدت جاذبية الأسعار نهاية نيسان، مع توقعات بتحسن أداء الشركات خلال السنة وتدفق استثمارات أجنبية، إضافة إلى تحسن مستوى ثقة المستثمرين بعد استقرار الأسعار وتوقفها عن التراجع لأربعة أسابيع متتالية، إلى ارتفاع حجم الطلب بنسبة كبيرة في أسواق الإمارات، ما شجع عدداً كبيراً من المستثمرين والمضاربين على العودة إلى الأسواق لاستغلال فرصة انتعاشها. وساهم ذلك بدوره في توسع قاعدة المضاربين وبالتالي تعزيز السيولة المتدفقة، إذ قفز حجم التداول في سوق الأسهم الإماراتية في أيار إلى نحو 59 بليون درهم، متجاوزاً حجم التداول خلال الربع الأول من السنة، كما ان ارتفاع عدد الصفقات المنفذة بنسبة كبيرة خلال الشهر مؤشر مهم على اتساع قاعدة المضاربين والمستثمرين. واللافت ان نشاط معظم هذه الأسواق تزامن مع الانتهاء من فترة إفصاح الشركات عن نتائج الربع الأول، بينما اعتادت الأسواق على التفاعل المسبق مع هذه النتائج وليس بعد الانتهاء من الإفصاح. وارتفع مؤشر سوق البحرين بنسبة 9.96 في المئة ليحتل المرتبة الثالثة في نسبة الارتفاع، إذ بلغت مكاسبه نهاية أيار 4.2 في المئة، بعد تغطيته خسائره التي بلغت خمسة في المئة نهاية نيسان. كذلك ارتفع مؤشر سوق مسقط 7.2 في المئة خلال أيار لترتفع مكاسبه إلى 11.12 في المئة، مقارنة بمكاسب بلغت 3.83 في المئة نهاية نيسان. وارتفع مؤشر سوق الكويت للأوراق المالية بنسبة 6.5 في المئة خلال أيار لترتفع مكاسبه إلى 13.38 في المئة، بعد ان حقق مكاسب نسبتها 6.39 في المئة نهاية نيسان. أما مؤشر سوق الأسهم السعودية، وهي أكبر الأسواق المالية الخليجية والعربية استناداً إلى الكثير من المؤشرات، وفي مقدمها القيمة السوقية وحجم التداول وعدد الصفقات المنفذة، فكان الأقل ارتفاعاً بين الأسواق الخليجية، إذ بلغت نسبة ارتفاعه خلال أيار 0.93 في المئة، ولم يفلح هذا الارتفاع إلاّ في تغطية جزء بسيط من الخسائر، التي بلغت 6.42 في المئة نهاية نيسان. ولا تزال السوق تتعرض لمضاربات شديدة أدت إلى تذبذب مستمر في مؤشرات أدائها، ما أدى بدوره إلى تراجع ثقة المستثمرين وخفض بالتالي السيولة المتدفقة على السوق. وأسواق الكويتومسقطوالبحرين هي أكثر الأسواق الخليجية نضجاً نظراً الى مرور فترة زمنية طويلة على تأسيسها، إضافة إلى ارتفاع مستوى الوعي الاستثماري لدى شريحة مهمة من المستثمرين، مقابل ضعف الاستثمار الفردي ونشاط ملحوظ للاستثمار المؤسسي، وارتفاع مستوى الإفصاح والشفافية والالتزام بحوكمة الشركات. * مستشار"بنك أبو ظبي الوطني"للأوراق المالية