حققت مؤشرات أداء أسواق الأسهم الإماراتية منذ بداية الأسبوع الأخير من أيلول سبتمبر الماضي حتى اليوم، مكاسب استثنائية أسهمت في احتلال مؤشر سوق أبو ظبي للأوراق المالية المرتبة الثانية بين الأسواق الخليجية في نسبة الارتفاع هذه السنة، بعد أن كان يحتل المرتبة الخامسة بداية أيلول الماضي، ومؤشر سوق الأسهم العماني المرتبة الأولى في نسبة الارتفاع التي بلغت 40.40 في المئة لإغلاق يوم الثلاثاء 21 من الشهر الجاري، بينما بلغت نسبة ارتفاع مؤشر سوق أبو ظبي 38.13 في المئة ومؤشر سوق الكويت 30.65 في المئة ومؤشر سوق الدوحة 24.98 في المئة ومؤشر سوق دبي المالي 19.10 في المئة والبحرين 18.5 في المئة. بينما بلغت نسبة ارتفاع مؤشر سوق الأسهم السعودية، وهي أكبر الأسواق الخليجية والعربية 3.15 في المئة فقط. والفارق الواضح بين ارتفاع مؤشر سوق أبوظبي ومؤشر سوق دبي يعود بصفة أساسية الى تراجع سعر أسهم شركة"اعمار"العقارية هذه السنة وهي أكبر شركة مدرجة في سوق دبي. ومعلوم أن أسواق الأسهم الإماراتية تعرضت لموجات تصحيح متتالية استمرت من الربع الأخير من عام 2005 حتى منتصف شهر أيلول الماضي، بحيث بلغت خسائر مؤشر أسواق الإمارات 42 في المئة خلال عام 2006 وخسائر مؤشر السوق خلال الثلث الأول من هذه السنة 12في المئة ويأتي في مقدم العوامل التي أسهمت في تحقيق مكاسب الأسواق الاماراتية، جاذبية أسعار أسهم معظم الشركات المدرجة فيها استناداً إلى مؤشر مضاعف الأسعار وهو أكثر المؤشرات شعبية في الحكم على واقعية الأسعار وجاذبيتها. وهو انخفض إلى مستوى 12 مرة في نهاية شهر آب أغسطس الماضي بعد أن وصل إلى 30 مرة في نهاية أيلول من عام 2005. فجاذبية الأسعار وتوقعات تحقيق نمو جيد في أرباح الشركات المدرجة في الأسواق المالية هذه السنة بعد افصاح الشركات عن نتائج النصف الأول، الذي يعكس النمو الكبير المتوقع تحقيقه في الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات، ومساهمة هذا النمو في الطفرة الكبيرة التي تشهدها معظم القطاعات الاقتصادية في الدولة، ساهمت في تدفق استثمارات أجنبية كبيرة. وتركزت نسبة كبيرة من هذه الاستثمارات وهي استثمارات مؤسسة على أسهم شركات منتقاة سواء في قطاع العقار أو قطاع البنوك أو قطاع الخدمات والاستثمار الأجنبي. ما شجع الاستثمار المحلي الفردي أو المؤسسي وساهم في ارتفاع مستوى الثقة، بعد انخفاضها إلى مستويات متدنية بسبب موجات التراجع الطويلة التي تعرضت لها الأسواق، وأدت إلى تعرض عدد كبير من المستثمرين لخسائر جسيمة متفاوتة. وشجعت الارتفاعات القياسية في سعر النفط خلال هذه السنة وتوقعات انعكاس هذا الارتفاع على الإنفاق الحكومي سواء الاستهلاكي أو الاستثماري، الاستثمار المحلي والأجنبي أيضاً على دخول الأسواق. وكان لانخفاض سعر الفائدة على الودائع، سواء بالدولار أو الدرهم الاماراتي، وتوقعات انخفاض آخر في الأسعار خلال هذه السنة، فضل في تدفق الاستثمارات الأجنبية و المحلية مع توقعات بتحقيق عائد استثماري جيد من الاستثمار في أسواق الأسهم، مقارنة بسعر الفائدة على الودائع مع الأخذ في الاعتبار أن ارتفاع مستوى التضخم في الإمارات والذي يقدر بحوالى 10 في المئة ويتفوق على سعر الفائدة على الودائع، شجع المستثمرين على شراء أسهم شركات العقارات في دولة الامارات التي تشهد نمواً كبيراً في حجم الطلب. وشجع انخفاض سعر صرف الدولار والدرهم الاماراتي في مقابل العملات الرئيسة بخاصة اليورو والجنيه الإسترليني، المستثمرين الأوروبيين على الاستثمار في سوق الإمارات. وازدحمت سوق الأسهم الاماراتية بتوصيات لشراء الكثير من الشركات المدرجة من بنوك استثمارية عالمية، وأشارت الى وجود فجوة واسعة بين الأسعار السوقية لأسهم هذه الشركات وأسعارها العادلة وساهمت بالتالي في تحسن حجم الطلب في الأسواق. والملفت في هذا المجال اتساع قاعدة المضاربين في أسواق الإمارات بعد تحسن مؤشرات أداء الأسواق لأربعة أسابيع متتالية، بحيث وصلت قيمة تداولاتها خلال أربعة أيام متتالية من 15 إلى 18 تشرين الأول أكتوبر الماضي أي نحو 20 بليون درهم، وهو أعلى تداول أسبوعي في الأسواق المالية الإماراتية منذ تأسيسها عام 2000 وارتفع مؤشر السوقين نحو 7 في المئة خلال الأسبوع بحيث أصبحت سيولة المضاربين الأفراد تشكل 75 في المئة من تداولات الأسواق. وكانت للتسهيلات التي قدمها عدد كبير من الوسطاء الشراء على المكشوف للمضاربين، دور واضح في تعزيز سيولة الأسواق وارتفاع مؤشراتها. يشار إلى أن ارتفاع حجم السيولة ومستوى الثقة في الأسواق صاحبها انتشار الإشاعات المختلفة التي يروج لها بعض كبار المضاربين، بهدف ايجاد طلب مصطنع على أسهم الكثير من شركات المضاربة، أصبحت تؤثر في شكل كبير في هذه الأسهم، وبالتالي تساهم في ارتفاع قياسي لأسعارها، وأصبح محللون كثر يتطلعون الى تصحيحات سعرية محدودة لهذه الأسواق للمساهمة في عقلنة قرارات المضاربين وترشيدها. * مستشار "بنك أبو ظبي الوطني" للأوراق المالية