كبد الجيش اللبناني تنظيم "فتح الاسلام" 6 قتلى من أفراده في اشتباكات دارت ليل أول من امس وأمس على محاور مخيم نهر البارد في شمال لبنان، بينما كرر قائد التنظيم شاكر العبسي لاءاته الثلاث أمام المساعي الجارية لإيجاد حل للمعارك التي اندلعت قبل 12 يوماً في المخيم الذي تركه نحو 25 ألفاً من سكانه. فعلى الصعيد الميداني، شهد مخيم نهر البارد الليل قبل الفائت أعنف الاشتباكات منذ بدء الهدنة، بعدما حاول عناصر"فتح الاسلام"أول من أمس التسلل الى إحدى نقاط الجيش بالتزامن مع قصف صاروخي ومدفعي خلّف جريحين وشهيداً للجيش هو المعاون الأول عبدالله جرمش الذي شيع في بلدته القنطرة في عكار أمس، ما استدعى رداً عنيفاً من الجيش حقق خلاله إصابات مباشرة في صفوف تنظيم"فتح الإسلام"، بعدما قصف في شكل مركز، بمدفعيته الثقيلة ومدفعية الدبابات كل المراكز الاساسية التي يسيطر عليها تنظيم"فتح الاسلام"على المداخل الثلاثة للمخيم، إضافة الى مواقع وتحصينات للمسلحين على الشاطئ وخصوصاً مركزي"صامد"والخان ومحيط مدارس الاونروا والاستراحة. وبينما لم يعلن"فتح الاسلام"، كعادته، عدد قتلاه وجرحاه، أكدت مصادر أمنية لبنانية ل"الحياة"سقوط 6 قتلى من"فتح الاسلام"، اضافة الى تدمير مستودع للأسلحة ظلت النيران مندلعة فيه الى ساعات النهار. وشوهدت صباحاً على الطريق العام بين العبدة والمنية، بمحاذاة مخيم نهر البارد ثلاث سيارات محطمة نتيجة حال الهلع التي أصيب بها سائقوها خلال عبورهم الطريق المذكور ليلاً في لحظة تجدد الاشتباكات، خصوصاً بعدما استهدفها عناصر"فتح الاسلام"برشقات القنص والرصاص من اسلحة خفيفة. وسحبت هذه السيارات صباحاً، ما سمح بإعادة فتح الطريق. وأعلنت قيادة الجيش"بعض العناصر المسلحين داخل مخيم نهر البارد، عمد الى استخدام الأبنية العالية لممارسة أعمال القنص، مستهدفين مراكز الجيش في محيط المخيم، والطريق العامة بين طرابلس والعبدة، ما أدى الى اصابة مواطن بجروح، فرصدت وحدات الجيش مصادر النيران بدقة، وعالجتها بالأسلحة المناسبة موقعة إصابات مؤكدة في صفوف العناصر المعتدين ومدمرة التحصينات والأعتدة". وأشارت الى"التزامها التام سلامة المدنيين داخل المخيم"، مؤكدة أن"رد الجيش سيكون قاسياً تجاه أي تماد بالاعتداء من جانب هؤلاء المسلحين". وخيم الهدوء على الطريق العام بين عكار والمنية، الذي بقي مفتوحاً امام العابرين، فيما استمرت مدارس المنطقة مقفلة لليوم الحادي عشر على التوالي، كما ان السوق التجاري لا يزال مقفلاً بدءاً من بلدة بحنين وصولاً الى مدخل بلدة ببنين في عكار، إضافة الى توقف الصيادين عن العمل في مرفأ العبدة. عرض مركب وسلبية أما في ما يتعلق بالمساعي لايجاد حل للأزمة، فإن فصائل"منظمة التحرير الفلسطينية"وتحالف القوى الفلسطينية، مدعومين بوجهاء المخيم وفعالياته ومشايخه، لم يتوصلوا الى اتفاق مع"فتح الاسلام"لانهاء التأزم ووقف الاشتباكات. وعلمت"الحياة"من مصادر فلسطينية في نهر البارد، أن آخر محاولة جرت لاقناع"فتح الاسلام"بضرورة التجاوب مع الوفد الفلسطيني الموحد على قاعدة موافقته على حل مركب عرض على قائد التنظيم شاكر العبسي، كانت مساء أول من أمس. وأكدت المصادر أن العرض المركب الذي عرض على العبسي ينطلق من موافقته على اخراج المقاتلين اللبنانيين في صفوف"فتح الاسلام"وعائلاتهم من نهر البارد، وذلك كبادرة حسن نية على أن يتزامن هذا الطلب مع عودته الى مواقعه السابقة، لكن العبسي رفض التجاوب مع هذا العرض، مؤكداً اصراره على اللاءات الثلاث: لا لتسليم المتهمين في ارتكاب الجريمة ضد الجيش. لا للانسحاب الى المواقع السابقة. لا للموافقة على تمركز قوة مشتركة من الفصائل وتحالف القوى تأخذ على عاتقها ضبط السلاح وتنظيمه داخل المخيم. ولفتت المصادر الى أن"فتح الاسلام"لا يزال يدير ظهره للمساعي الفلسطينية من دون أن يقترح أي بديل سوى التعاطي السلبي مع أي تصور لانهاء المعارك وتجنيب المخيم المزيد من الخسائر البشرية والمادية، مشيرة الى أن العبسي لا يملك أي تصور لحل، وانه يطالب الآخرين ببلورة مشروع متكامل، لكنه سرعان ما ينقلب على موقفه ويصر على اقفال الأبواب في وجه أي مسعى فلسطيني. وأضافت المصادر أن"العبسي يصر على اقحام المخيم في مواجهة لا يريدها ولا يتبناها مع الجيش اللبناني ويتصرف على الطريقة الانتحارية غير آبه بالنتائج المترتبة على استمرار الاشتباكات". ونفت ما تردد عن وجود انشقاق في داخل حركة"فتح"في نهر البارد، مؤكدة أن لا صحة لما يشيعه بعض الاطراف الفلسطينيين في هذا الشأن. لكن المصادر لاحظت أن العبسي يمضي في اقحام المخيم في اشتباكات مع الجيش اللبناني ظناً منه ان عناصر من الفصائل الأخرى سيلتحقون به عاجلاً أو آجلاً. وتابعت المصادر نفسها، أن بعض الفصائل انكفأ أخيراً عن المنطقة التي يوجد فيها العبسي وهي تحاول الآن منع مقاتلي"فتح الاسلام"من التمدد في مناطق أخرى. لكنها رأت في المقابل، أن لا مصلحة في تفريغ المخيم من سكانه نظراً إلى ان الشبان الموجودين فيه يقيمون سداً لمنع انتشار العبسي في كل ارجاء المخيم، خصوصاً انه يمعن في خطف المخيم ويتخذ منه رهينة اعتقاداً منه بأنه سيتمكن من توريطه في القتال ضد الجيش. وأوضحت المصادر أن كل فصائل المنظمة وتحالف القوى الفلسطينية يهمها الحفاظ على كرامة الجيش اللبناني وهيبته ودوره كما يهمها الحفاظ على سكان المخيم. وجددت التأكيد أن عدد الفلسطينيين في صفوف"فتح الاسلام"لا يتجاوز ال 10 في المئة مع تقديرها أن هناك مبالغة حتى في اعتماد هذه النسبة. وعلمت"الحياة"أن ممثل منظمة التحرير في لبنان عباس زكي، ترأس مساء أول من أمس، اجتماعاً لفصائل المنظمة وتحالف القوى الفلسطينية في لبنان، تركز على ضرورة الخروج بخطاب فلسطيني موحد والتوصل الى تصور مشترك. وكشف مسؤول"الجبهة الشعبية - القيادة العامة"في لبنان أبو عماد رامز أن"البحث مستمر عن حل لازمة مخيم نهر البارد". وأوضح أن"المسافة لا تزال واسعة بين طرفي المواجهة"، مؤكداً"المحاولة لإنهاء هذه الأحداث بما يضمن للجيش مكانته ويجنب الشعب الفلسطيني وقوع المزيد من الضحايا". تابع رئيس الحكومة اللبنانية السابق عمر كرامي أمس التطورات الأمنية في مخيم نهر البارد، وكان طالب أول من أمس ب"تشكيل لجنة تحقيق لجلاء كل الامور التي احاطت بأحداث المخيم المذكور خصوصاً الاتهامات التي وجهت الى السلطة بأنها ترعى"فتح الاسلام"، وانتقد الاكثرية معتبراً انها"لا تقدّر دقة الموضوع وخطورته على البلد". في غزة د ب أ كلف رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية أمس وزير الشؤون الاجتماعية صالح زيدان، التوجه إلى بيروت للقاء المسؤولين اللبنانيين والوقوف على آخر تطورات الموقف في مخيم نهرالبارد. وقال بيان رسمي صادر عن مكتب هنية، إن رئيس الوزراء اجتمع مع صالح زيدان، وهو قيادي في"الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين"، قبل توجهه إلى لبنان، حيث سيلتقي رؤساء الجمهورية اميل لحود والوزراء فؤاد السنيورة ومجلس النواب نبيه بري إضافة إلى القوى الفلسطينية والجهات المعنية، للوقوف على التطورات الجارية في مخيم نهر البارد. وبحسب البيان، تأتي الزيارة في"إطار الاطلاع على الظروف الإنسانية لأبناء شعبنا في المخيم وكذلك النازحين بعد اندلاع الاشتباكات المسلحة، وبحث تقديم مساعدة إنسانية عاجلة لأبناء شعبنا النازحين وكذلك الذين ما زالوا داخل المخيم". وفي الاطار نفسه، تفقد وفد من"حماس"النازحين الى مخيمات منطقة صور، وقدم لهم مستلزمات وحاجيات ضرورية. وقدرت"حماس"عدد النازحين من نهر البارد الى مخيم البداوي وبقية المخيمات في لبنان بنحو 25 ألف نسمة، مشيرة الى أنها شكلت 12 فرقة اغاثة. ووزعت هيئة الإغاثة والمساعدات التي تبرع بها الشيخ خلف الحبتور للنازحين في المنية، كما سلمت الأدوية اللازمة والضرورية إلى النازحين في البداوي عبر الاونروا. وشكر صيادو الأسماك في مرفأ العبدة، للحكومة والهيئة العليا للاغاثة قرار صرف المساعدات لهم تعويضاً عن الخسائر. وجددت المسؤولة الاعلامية في اللجنة الدولية للصليب الأحمر سمر القاضي، مطالبتها ب"ضرورة تحييد المدنيين من الاعمال العسكرية والطواقم الطبية والانسانية لتتمكن من الدخول الى نهر البارد".