سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أكد أن جامعة الملك عبد الله ستعكس وجهة هجرة العقول المبدعة . رئيس "أرامكو" ل "الحياة" : الإرهاب لن يؤثر في نشاطنا وحزمة مشاريع سترفع انتاجنا الى 12 مليون برميل يومياً
كشف رئيس "أرامكو السعودية" كبير إدارييها التنفيذيين عبدالله صالح جمعة، أن شركته تنفذ حالياً أكثر من 50 مشروعاً لتوسعة أعمالها وتحديثها في مجال الزيت والغاز، وصناعة التكرير، والنقل. وقال:"إن الشركة وصلت إلى رقم قياسي في عدد أجهزة الحفر العاملة لدعم برنامج الزيت والغاز، إذ وصل إلى 120 جهاز حفر، 20 منها في البحر، ومئة في اليابسة"، موضحاً أن"نشاطات الحفر الهائلة تساند برنامجاً طموحاً، تقوم به"أرامكو السعودية"لزيادة الطاقة الإنتاجية للزيت الخام، بحيث تصل إلى 12 مليون برميل في اليوم بنهاية 2009". وأوضح في حديث خص به"الحياة"أن مشروع رأس تنورة التكاملي، الذي وقعت"أرامكو السعودية"مذكرة تفاهم لإقامته بالشراكة مع عملاق صناعة البتروكيماويات العالمي"داو كيميكال"أخيراً، سيتم من خلاله"تخصيص منطقة كبيرة بجوار المشروع، لإقامة منطقة صناعات تحويلية"، بهدف توسيع القاعدة الصناعية في السعودية، بحيث تلتزم الشركتان، بتوفير البنى التحتية واللقيم المناسب للمستثمرين المتخصصين المحليين والدوليين في هذا المجال، وسيوفر ذلك وعاءً ممتازاً لاستثمارات القطاع الخاص السعودي". وعلى رغم استبعاد"الشركة السعودية للصناعات الأساسية"سابك، من المشروع، أكد جمعة ان العلاقة بين شركته و"سابك""تكاملي. فدور"أرامكو السعودية"ليس بديلاً لدور"سابك"، مشيراً إلى أنها"ستكون على رأس قائمة الشركات التي ستدعى للتنافس على أي مشروع تعتزم"أرامكو السعودية"إقامته مستقبلاً". وذكر رئيس"أرامكو السعودية"ان خطة العمل الخمسية الخاصة بالشركة"تتضمن أكبر مستوى من المشاريع شهدته الشركة عبر تاريخها"، مشيراً إلى"برامج طموحة جداً في مجال الأبحاث والتطوير التقني، إذ نسعى لأن نكون البطل العالمي من دون منازع في مجالات عدة، مثل تقنيات الحقول الذكية وأنظمة الكمبيوتر العملاقة لمحاكاة المكامن"، كاشفاً عن"تجربة ناجحة أجرتها الشركة على نموذج طاقته 172 مليون خلية، ونسعى للوصول إلى بليون خلية، فيما لا تتجاوز قوة الخلايا عند شركات البترول العالمية الكبرى حدود عشر ملايين خلية". وقلل جمعة من خطورة الأعمال الإرهابية والتخريبية على المنشآت البترولية في السعودية، عازياً ذلك إلى"البنية الأمنية القوية، والتي أسست وطورت إجراءات ومعايير أمنية صارمة، للمحافظة على الأرواح والمرافق، وحمايتها بوسائل تقليدية وأخرى تقنية متطورة، وهي وسائل تخضع لتحديث مستمر"، مشيراً إلى ان"الحجم الهائل لشبكة"أرامكو السعودية"وتعدد مرافقها يوفر عنصر حماية وتوازن إضافي في غاية الأهمية". وقال:"حتى في حال وقوع حادثة صناعية أو أمنية في أحد المرافق، فإن حجم الشبكة البترولية بمرافقها المتعددة يمنحنا مرونة في التعامل مع الحوادث، بحيث تنحصر في أضيق نطاق ممكن". كما قلل من دور عمليات إنتاج البترول في زيادة انبعاث الكربون. وقال:"إن لدى"أرامكو السعودية"أنظمة وقوانين صارمة للحد من ذلك. وجميع المرافق والمعامل تخضع لدراسات التقويم البيئي قبل الإنشاء، مشيراً إلى أن"أكثر الانبعاثات من البترول تحدث في دول مستهلكة للطاقة، وليس المنتجة لها". وتوقع ان تعزز بلاده موقعها على خريطة الأبحاث العالمية، من خلال"جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية"، الذي يعمل فريق من شركته على بناء مرافقها وتطوير حرمها الجامعي وإعداد الاستثمارات المرافقة لها، وكذلك إعداد الأنظمة والإجراءات الأكاديمية، واستقطاب الكفاءات العالمية، وعكس هجرة العقول العربية المبدعة القادرة على تحقيق الحلم خلال العام 2009". يبدو أن عصر الصناعات الكيماوية في السعودية بدأ عهداً جديداً من خلال توقيع مذكرة التفاهم مع"داو كيميكال"، لمَ قررت"أرامكو السعودية"خوض هذا المجال ؟ ولمَ لا تركز الصناعات البتروكيماوية في السعودية في شركة واحدة؟ - أعتقد أن دخول"أرامكو السعودية" في مجال البتروكيماويات استكمال طبيعي لمسيرة الشركة نحو زيادة القيمة المضافة لمنشآتها، ما سيعود بالمنفعة على ربحية أعمالنا التجارية والدخل الوطني في شكل عام. وعند النظر لمصافينا في السعودية، سنلاحظ أنها تُعتبر من معامل التكرير القليلة عالمياً، التي لم يتم دمجها بعد بصناعات بتروكيماوية مكملة لها. وصناعة البتروكيماويات كبيرة جداً، يبلغ حجمها عالمياً أكثر من 3.5 تريليون دولار، وتشمل قطاعات متنوعة، لا يمكن أن تغطيها أي شركة بمفردها، أو أن تكون موجودة في جميع تخصصات صناعة البتروكيماويات. ونعتقد أن الشراكة مع"داو كيميكال"سترسخ جذور الصناعة البتروكيماوية في السعودية، وتوسع نطاقها، بما يدعم الاقتصاد الوطني. كما لن أنسى الإشارة إلى منطقة الصناعات التحويلية التي من المزمع إنشاؤها الى جانب المشروع. إذاً لمَ تم استبعاد الشركة السعودية للصناعات الأساسية"سابك"من الشراكة، على رغم كونها شركة وطنية متخصصة في البتروكيماويات؟ وهل هناك شراكة مستقبلية بينكما تلوح في الأفق؟ -"سابك"شركة لها مكانتها عالمياً، ولها إستراتيجيتها ومجالاتها التي تتخصص فيها، وحققت نجاحات مشرفة، وأعتقد أن دور"أرامكو السعودية"ليس بديلاً لدور"سابك"، وإنما مكمل له. لكن عندما قمنا بدراسة مشروع رأس تنورة، واختيار تشكيلة المنتجات المراد إنتاجها من خلال المشروع، وضعنا مواصفات ومعايير يمكن من خلالها اختيار الشريك المناسب. فمشروع رأس تنورة يعتمد اعتماداً كبيراً على قدرات وتقنيات تخصصية موجودة في شركات معينة حول العالم. ومن المهم الإشارة هنا إلى أن كل شركة لها ميزة في قطاع أعمال البتروكيماويات، ولا يوجد شركة واحدة لديها القدرة على تقديم جميع الصناعات البتروكيماوية، وهذه الصناعة متشعبة. وبالتأكيد دُعيت"سابك"على رأس الشركات العالمية الأخرى. وما قمنا به هو مقارنة كل شركة بالأخرى، بحسب حاجات المشروع، وعلى أساس معايير موضوعية، وبناءً على هذا التقويم، تم اختيار شركة"داو كيميكال". أما فيما يخص الشراكة المستقبلية مع"سابك""فلا أستطيع الخوض فيها الآن، فلدينا مشاريع ضخمة ينبغي التركيز عليها، لكن إذا كان هناك مشروع مستقبلي لاحقاً، فستكون"سابك"على رأس قائمة الشركات التي ستُدعى للتنافس على إقامته. الاتجاه نحو الصناعات التحويلية تطرقت آنفاً للصناعات التحويلية، ما مدى علاقتها بمشروع رأس تنورة التكاملي؟ ومن المستهدف بهذه الصناعات؟ - خصصت منطقة كبيرة بجوار المشروع لإقامة ما نسميه"منطقة الصناعات التحويلية"، وهي مبادرة إضافية تهدف لتوسيع القاعدة الصناعية في السعودية، بحيث تلتزم"أرامكو السعودية"و"داو"بتوفير البنى التحتية واللقيم المناسب للمستثمرين المتخصصين المحليين والدوليين في هذا المجال. وسيوفر ذلك وعاءً ممتازاً لاستثمارات القطاع الخاص السعودي. مشروع كبير كهذا بالطبع سيكون قبلة المواطنين مستقبلاً، فما الرقم التقريبي لعدد الوظائف التي سيشغلها هؤلاء؟ - لا نستطيع حصر عدد الوظائف حالياً على وجه التحديد، إلا أن الرقم المتداول في المشروع فيما يخص التوظيف المباشر هو أربعة آلاف وظيفة، أما الوظائف غير المباشرة، فأكثر من ذلك بكثير، مع الأخذ في الاعتبار خدمات البناء والتشغيل والخدمات اللوجستية وغيرها من الصناعات الثانوية التي عادةً ما تنشأ بجوار المشاريع الضخمة. پ مشاريع مضاعفة في"أرامكو" ما هي أهم المشاريع التي تقوم"أرامكو السعودية"بتنفيذها حالياً؟ - الشركة تنفذ حالياً أكثر من 50 مشروعاً لتوسيع أعمالها وتحديثها في مجال الزيت والغاز، وصناعة التكرير، والنقل، وربما لا يتسع المجال لسرد جميع تلك المشاريع، ولكن من المهم الإشارة إلى أن الشركة وصلت هذا الأسبوع إلى رقم قياسي في عدد أجهزة الحفر العاملة لدعم برنامج الزيت والغاز، إذ وصل العدد إلى 120 جهاز حفر، 20 منها في البحار، ومئة في اليابسة، وكل جهاز حفر يعتبر معملاً متنقلاً وخلية عمل مستمرة، ويتطلب لتشغيله عدداً كبيراً من الموظفين، فيما لم يكن عدد منصات الحفر قبل نحو سنتين يتجاوز 40. لماذا هذا التوسع في أعمال الحفر؟ - نشاطات الحفر الهائلة تساند برنامجاً طموحاً تقوم به"أرامكو السعودية"لزيادة الطاقة الإنتاجية للزيت الخام، بحيث تصل إلى 12 مليون برميل في اليوم بنهاية العام 2009. وهذا البرنامج - الذي يأتي في إطار سياسة السعودية البترولية في دعم استقرار الأسواق العالمية - يعتمد على سلسلة من المشاريع العملاقة التي نطورها حالياً، مثل مشروع الخرسانية، الذي تبلغ طاقته الإنتاجية 500 ألف برميل في اليوم، وسيبدأ الإنتاج بنهاية هذا العام، ومشروع زيادة الإنتاج في حقل الشيبة، للوصول إلى 750 ألف برميل في اليوم، وسينتهي خلال العام 2008، ومشروع خريص بطاقة 1.2 مليون برميل، وهو أكبر مشروع في تاريخ الصناعة البترولية من ناحية الحجم، وسينتهي خلال العام 2009. كما لدينا حالياً مشروعان عملاقان للغاز في الحوية، ومشروع لتطوير مجمع بترورابغ للتكرير والمواد البتروكيماوية، الذي أدخلنا في شراكة مع"سوميتومو"اليابانية لتنفيذه، ونتطلع لبدء التشغيل قبل نهاية العام المقبل. ماذا عن المشاريع أو الشراكات المستقبلية؟ - انتهينا أخيراً من إعداد خطة العمل الخمسية للأعوام بين 2008 و 2012، التي تتضمن أكبر مستوى من المشاريع شهدته الشركة عبر تاريخها. أما بخصوص الشراكات، فإننا في نهاية خطة العمل"نأمل أن نكون انتهينا من مشاريع التكرير المشتركة مع"توتال"في الجبيل و"كونكو فيليبس"في ينبع، ويكون مشروعنا المشترك مع"ساينوبك"و"إكسون موبيل"في الصين أمضى سنواته الأولى في أعمال التشغيل.پ ولا يفوتني أن أخبرك عن برامجنا الطموحة جداً في مجال الأبحاث والتطوير التقني، فنحن نسعى لأن نكون البطل العالمي الذي لا ينازع في مجالات عدة، مثل تقنيات الحقول الذكية وأنظمة الكمبيوتر العملاقة لمحاكاة المكامن. فالأنظمة المتوافرة عند كبرى شركات البترول العالمية تكون قوتها في حدود عشرة ملايين خلية، بينما أنظمتنا الحالية أعلى بكثير، وقمنا أخيراً بتجربة ناجحة على نموذج طاقته 172 مليون خلية، ونسعى للوصول إلى بليون خلية، وكلما زاد عدد الخلايا، تمكن مهندسو البترول والجيوفيزيائيون من رؤية المكامن في شكل أوضح. تتجه"أرامكو السعودية"لتطوير مشروع"جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية"، هل من الممكن إلقاء الضوء على هذا المشروع؟ - تفخر"أرامكو السعودية"بإسناد مهمة تنفيذ هذه الجامعة إليها، والكائنة في مدينة رابغ غرب السعودية، ومصدر اعتزازنا أن هذا المشروع ينطوي على تحديات خلاقة، وهو يعكس رؤية عظيمة لقائد يتمتع برؤية مستقبلية طموحة وحكيمة. والجامعة كما هو مقرر لها، تُعد أول جامعة بحثية في المملكة، ومن بين الجامعات القلائل في العالم المتخصصة في مجال الأبحاث والدراسات العليا، وهي بمثابة الحلم الذي نعمل بكل جد لتحويله إلى واقع جميل. والمشروع يُعيد إلى الأذهان العصر الذهبي للحضارة العربية، إذ يهدف لتعزيز موقع السعودية والعالم العربي على خريطة الأبحاث العالمية، عبر إسهامها في تطوير وإنتاج التقنيات والابتكارات المرتبطة بالتنمية الاقتصادية، ليس فقط لخدمة القضايا التقنية الملحة، التي يواجهها مستقبل السعودية، بل أيضاً لخدمة البشرية والحضارة الإنسانية في شكل عام. وهناك فريق عمل من"أرامكو السعودية"يعمل بتوجيهات من وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي، لبناء مرافق الجامعة، وتطوير الحرم الجامعي والاستثمارات المرافقة له، وإعداد الأنظمة والإجراءات الأكاديمية والبحثية، واستقطاب الكفاءات العالمية وعكس هجرة العقول العربية المبدعة القادرة على تحقيق الحلم خلال العام 2009. حماية تتخطى الحوادث الصناعية والأمنية هل المنشآت البترولية وأنابيب نقل الزيت المنتشرة بين مناطق أعمال"أرامكو السعودية"ومرافقها وعلى امتداد السعودية مؤمّنة ومحمية في شكل كافٍ ضد التخريب والعمليات الإرهابية؟ - هذا سؤال مهم، وكثيراً ما يوجه لنا من المهتمين بصناعة البترول في أنحاء العالم، وبخاصة على خلفية التوترات التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط. وأود هنا أن أقول إننا نعمل باستمرار على تقويم المخاطر، ووضع السيناريوهات ومعالجتها. واسمحي لي أن أتطرق إلى جانبين في هذا السياق"الأول هو البنية الأمنية، والثاني طبيعة شبكتنا البترولية. بالنسبة للبنية الأمنية"قامت"أرامكو السعودية"منذ أكثر من 25 سنة، بتوجيهات من الدولة، وبالتنسيق مع وزارة البترول والثروة المعدنية، والجهات الأمنية في السعودية، بتأسيس وتطوير إجراءات ومعايير أمنية صارمة، للمحافظة على الأرواح والمرافق، وحمايتها بوسائل تقليدية وأخرى تقنية متطورة، سواءً تلك التي تعتمد على البشر أو الأجهزة. وهذه الوسائل والمعايير يتم تحديثها باستمرار، عبر مشاريع واستثمارات جديدة لمواكبة المستجدات في مجال الأمن والحماية، ولمواكبة طبيعة المرحلة وطبيعة التحديات الأمنية التي تمر بها السعودية في مكافحة الإرهاب. أما الجانب الثاني، الذي يتعلق بطبيعة شبكتنا البترولية، فإن الحجم الهائل لشبكة"أرامكو السعودية"وتعدد مرافقها يوفر عنصر حماية وتوازن إضافي في غاية الأهمية. وحتى في حال وقوع حادثة صناعية أو أمنية في أحد المرافق، لا قدر الله، فإن حجم الشبكة البترولية بمرافقها المتعددة، يمنحنا مرونة في التعامل مع الحوادث، بحيث تنحصر في أضيق نطاق ممكن. الآثار البيئية وانبعاث الكربون يتخوف الناس من تتابع إنشاء المعامل في مناطق سكنية قريبة، بسبب تأثير التلوث على صحة الإنسان، هل دخلت"أرامكو السعودية"في أي شراكة مع جهات متخصصة لإجراء أبحاث حول التلوث؟ - حتماً، فبالنسبة للإنبعاثات التي تسبب التلوث، لدى"أرامكو السعودية"أنظمة وقوانين صارمة للحد من ذلك. وجميع المرافق والمعامل تخضع لدراسات التقويم البيئي قبل الإنشاء. كما توجد هناك مقاييس بيئية سنّت من جانب الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة في المملكة، وجميع معاملنا تخضع لهذه المقاييس، كما أن الشركة تستخدم التقنيات العالية والحديثة لعدم تجاوز النسب المحددة محلياً ودولياً. كما استثمرت الشركة في برنامج كبير لإنشاء معامل للتقليل من نسبة الكبريت في الديزل، وهناك تعاون بين الشركة والجامعات العالمية وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن في الأبحاث البيئية. وماذا عن ظاهرة الاحتباس الحراري وانبعاث الكربون؟ بالنسبة لظاهرة الاحتباس الحراري والتغير المناخي، فهي قضية دولية تتعدى جهود أي شركة أو دولة بمفردها، وهناك قلق عام وجدل حول الأنشطة البشرية التي يمكن أن تؤثر في هذه التغيرات المناخية. وبادرت"أرامكو السعودية"إلى تشجيع الأبحاث في مجال استخلاص الكربون وفصله. وأبرمت عدداً من الاتفاقات للدراسات البيئية مع مراكز الأبحاث العالمية مثل معهد"MIT"، وجامعة كولومبيا، وجامعة"شالمرز للتقنية"في السويد، وغيرها من مراكز الأبحاث العالمية. ولكن يجب التأكيد على أن مشكلة انبعاث الكربون في شكل عام، على افتراض أنها مؤثرة في ظاهرة الاحتباس الحراري، فهي ليست مرتبطة بإنتاج البترول فقط. والواقع أن أكثر الانبعاثات تحدث في دول مستهلكة للطاقة، وليس المنتجة لها، وغالبيتها من مواد أخرى غير البترول، كالفحم مثلاً. مراحل زمنية فاصلة هل مرت الشركة بمرحلة مفصلية خلال 12 عاماً من عمرك كرئيس لها؟ -"أرامكو السعودية"كائن حي يتنفس وينمو ويتغير عبر الزمن. كما أن التزامات الشركة، والتوقعات منها في تغير مستمر. لكن إنجازاتي الشخصية ليس لي أن أتحدث عنها، فهذه متروكة للتاريخ. وفي اعتقادي لا يوجد هناك ما يمكن تسميته"مرحلة مفصلية"خلال رئاستي للشركة، فنحن كنا وما زلنا في سباق مع الزمن، لم نتوقف يوماً واحداً، فأنا لا ألتفت للوراء مطلقاً، والوصول للقمة يعني التوقف. وقمنا بالتأكيد بمشاريع ضخمة خلال السنوات السابقة، منها حملة الابتكار، كما تضاعفت برامج التواصل مع المجتمع مرات عدة، وأصبح انتشارنا حول العالم أكبر، والاستثمارات المحلية، وجلب الاستثمارات الأجنبية للسعودية، وتطوير برامج التدريب والتطوير، وهذه جميعها محطات مهمة. وإذا نظرت إلى قوة العمل في الشركة، وقارنتها بما كانت عليه قبل خمس سنوات، أجد أنها جمعت، إلى جانب تميزها التاريخي في أعمال التشغيل، درجة واضحة من التفكير الابتكاري والحس التجاري والتركيز الإستراتيجي في أداء العمل. الحلم البديل : أستاذ جامعي أو ديبلوماسي ماذا كان عبدالله جمعة اليوم، لو لم يكن رئيساً ل"أرامكو السعودية"؟ قد يكون هذا السؤال تقليدياً، إلا أنه أجاب من دون أدنى تردد"أستاذاً في الجامعة". ويستأنف"كان أملي أن أقوم بتدريس العلوم السياسية في الجامعة، كما كنت أميل للعمل الديبلوماسي، ولكن أقرب مهنة ستكون على قلبي أن أكون أستاذاً في الجامعة"يقولها مبتسماً. ويُطل جمعة على موظفي الشركة، الذين يربو عددهم على 55 ألفاً، من خلال نافذة"الحياة"، ليهمس في آذانهم"أود بكل تأكيد أن أذكركم بأن عليكم مسؤوليات طائلة، كما يجب أن تضعوا نصب أعينكم أنكم تحت منظار مكبر، من داخل السعودية وخارجها، فلتعملوا بتميز، ولا تخيبوا ظن الناس الذين يعتمدون عليكم". وحول تميز موظفي"أرامكو السعودية"عن غيرهم يقول:"سمعت أن غالبية من يتقاعدون من مؤسسات مختلفة، يتكلمون بأسى عن مؤسساتهم، إلا موظفي"أرامكو السعودية"، إذ يذكرونها بكل مودة، إلا ما ندر، وهذا يدل على أنها مؤسسة ناجحة بكل المقاييس، فالشركة تطلب من الموظف الكثير، وتتوقع منه أيضاً الكثير، لكنها في المقابل ترعاه، وتدربه منذ دخوله الشركة، وحتى تقاعده منها، إذ تضع أمامه الفرص وتهيئ له أسباب الراحة، وينعكس ذلك على الموظف، إذ يرى أن الوقت الذي يقضيه داخل الشركة ذو معنى، وهناك رضا داخلي عما يقدمه الموظف، إذ يشعر أنه أحدث تغييراً، وإن كان بسيطاً في الشركة، و"أرامكو"بدورها تُحدث تغييراً في العالم. إذ نحن لسنا متخصصين فقط في صناعة الزيت، وإنما في صناعة السعادة للبشر، فلا يتصور الإنسان حياته من دون الزيت والغاز". وحاز جمعة أخيراً على شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة"هانكوك"الكورية، كما أحرز من قبل جائزة الشخصية القيادية في صناعة البترول العالمية لعام 2005، وغيرها الكثير، وهو يرى في مثل تلك الإنجازات الشخصية"تقديراً ل"أرامكو السعودية"وللدور الذي تقوم به السعودية للعالم، كما أنه تقدير لإنتاجية موظفي الشركة وإبداعاتهم". ويقول:"أقدم بدوري هذه الإنجازات لموظفي الشركة، الذين أتشرف بقيادتهم، لأنهم من يصنعون في شكل يومي هذه الإنجازات". وعن الركائز التي تميّز الإداري الناجح التي صنعت منه قيادياً، لا سيما أنه على رأس أكبر شركة نفط في العالم، يعتقد أنه"من المهم جداً أن يعرف الإداري كيف يستفيد من القدرات والطاقات العقلية لمن يعملون معه، وتحويل تلك الطاقات والمواهب إلى إنتاجية، وهذا يتطلب قيادات واعية، فالفرد لا يعمل بمفرده، ولكن يجب أن يستعمل كل الطاقات البشرية التي تعمل معه، ليسيرها تجاه منافع المؤسسة التي يعمل فيها". وبعيداً عن"أرامكو السعودية"، يرى جمعة أن"من الصعب فصل تجربتي العملية في الشركة، والتي بدآت العام 1968، عن تجربتي الشخصية، حتى بعد مرحلة رئاستي لها، إذ ستظل"أرامكو السعودية"ومستقبلها في عقلي وقلبي"متمنياً أن"أراها تتقدم في شكل أفضل، وأنا متأكد من أن الطاقات البشرية الحديثة الموجودة داخل الشركة ستقوم بدورها، وبالتدريب والتطوير الذي خُصص لهم، ستحقق الشركة إنجازات هائلة في المستقبل، قد لا يمكن تصورها الآن. وفي النهاية ستظل"أرامكو السعودية"الجزء الأكبر من حياتي". ويرى أن أهم محطة في حياته العملية التي دامت أربعة عقود، هي التي قضاها في تنظيم شركة"كهرباء الشرقية"بين العامين 1977 و1983، ويقول:"كانت حلقة مهمة في الحقيقة، لأنها وضعتني في تجربة جديدة، واستفدت منها كثيراً في ما أقوم به الآن". أجندة مواعيد النفط تتسع ل"كافكا" عاد إلى مكتبه متأبطاً مسودة أحد المشاريع المستقبلية، ترك نسخة منها على طاولة المكتب الكائن في مبنى الإدارة في الظهران، كبس زر الهاتف، أوصى السكرتيرة بإضافة موعد مهم في المذكرة المتخمة بالمواعيد. ذاك الموعد ليس مع رئيس شركة نفط، بل مع أحد موظفي الشركة ال"55"ألفاً، وكالريح خرج إلى حيث قاعة الغوار، للإشراف على التفاصيل الأخيرة لحفلة توقيع مذكرة التفاهم بين"أرامكو السعودية"وشركة"داو كيميكال"الأميركية، بعد أن وقع على مجموعة من القرارات المهمة. آثار خط يده منصوصة على مسودة أخرى لمشروع خريص العملاق، بينما تندس رواية يابانية مترجمة منسية أسفل أجندة اليوم، وطرف كتاب فلسفي ل"كافكا"ظاهر بين الزوايا. محتويات المكتب شاهدة على يوميات الرئيس، وإنجازات الطاقة التي تغير وجه العالم، فنجان القهوة هو الآخر كان شاهداً آخر على محادثة هاتفية بينه وبين رئيس شركة بترول عالمية، فكيف ينتهي يوم رئيس حافل بالتحديات؟ الرياضة جزء رئيس من حياة جمعة، الشاب الفتي الذي لا يزال بعد 40 عاماً يتجول بين مرافق الشركة، معتمراً قبعة تحمل شعار"أرامكو السعودية"متوجة بشعار"الطاقة للعالم"، متوجهاً نحو المعامل والحقول. الزمن لم يتحرك بعد، فما زالت الشركة هي"أرامكو السعودية"، وما زال الحديث حائراً بعيداً عن النفط. يرفض جمعة الحديث عن نفسه كثيراً، إلا بإيجاز، لكنه حتماً يجيد الحديث عن العلوم الإنسانية كما النفطية. يقول متحدثاً عن هواياته خارج إطار الطاقة:"أنا لاعب كرة سابق، والرياضة حتى هذا اليوم على رأس اهتماماتي، إلا أنني أمارسها الآن في حدود طاقاتي الجسمية، فأنا أمارس حالياً رياضة المشي"، يقولها بروح الدعابة التي تميزه كشخصية قيادية، فالدعابة جزء من سماته في المواقف العصيبة التي دأب عليها لفك الأوقات المشحونة، وتشتيت ضغوط العمل اليومي الحافل. للقراءة جزء أيضاً من يوميات رئيس"أرامكو السعودية"، فلا تشغله مصطلحات النفط والغاز عن كتاب فلسفي، أو رواية أدبية يخصص لها جزءاً من ساعات يومه المنظم بدقة، ولن تتعجب من تناوله كتب الفلسفة، والتاريخ، والأدب في إسهاب كبير، ممسكاً بيده رواية"سقف الكفاية"لمحمد حسن علوان، ويقول مركزاً ناظريه على الكتاب الذي تركه آنفا بشغف:"أميل للقراءة كثيراً، وأضع في جدولي على أقل تقدير بين ساعة إلى ساعتين قراءة خارج نطاق النفط". يقولها ضاحكاً، ويستأنف"إذ أميل لقراءة الروايات، وبخاصة تلك المتعلقة بالأدب الياباني، الذي أهتم به كثيراً، كما أنهيت منذ أيام قراءة رسالة الكاتب فرانس كافكا إلى والده، وهي على رغم قصرها بلا شك مثيرة في العلاقة بين الأب والابن، وتوضح الروح القلقة التي كان يعيشها مبدع مثل كافكا، وهي التي أدت إلى كتاباته الرائعة ك"المحاكمة"و"المسخ". ولكن كيف يوازن بين التزاماته الحياتية ومسؤولياته الكبيرة؟ يجيب"إذا استطاع الإنسان أن ينظم وقته"فهناك وقت كبير للموازنة بين المسؤوليات الشخصية والعائلية والوظيفية، فالمسألة هي تنظيم وقت، وأنا أعمل، وأنام كفاية، ولدي وقت لعائلتي، كما أن لدي وقتاً لممارسة هواياتي، على رغم من ضخامة المسؤولية". كما يحاول دائماً ربط العمل بالمسؤولية، ويذكر"كثيراً ما أفكر بأننا دائما نتولى استراتيجيات وخططاً، ولكن مصممي تلك الإستراتيجيات والخطط ليس لديهم القدرة على تنفيذها، كالذي يرتق ثوباً بإبرة من دون خيط".