كشف رئيس شركة أرامكو السعودية كبير إدارييها التنفيذيين المهندس خالد الفالح أن الشركة سترفع إمدادات الغاز الطبيعي بأكثر من 30 في المئة خلال السنوات الخمس المقبلة إلى ثمانية بلايين قدم مكعبة قياسية في اليوم وإمدادات الإيثان وسائل الغاز الطبيعي، وهو ما سيعزز فرص إنشاء العديد من الصناعات البتروكيماوية وغيرها، وسيخدم التنمية في المملكة. وأوضح الفالح في مقابلة مع «الحياة» لمناسبة تدشين شركة رابغ للتكرير والبتروكيماويات (بترورابغ) اليوم، أن «أرامكو» ستطرق باب صناعة البتروكيماويات حين تجد فرصاً تعزز ربحية أعمالها الأساسية (بترورابغ). وشدد على أن التنمية الاقتصادية في السعودية المبنية على مشاريع إنتاجية ذات اقتصادات متينة هي احد الأهداف الرئيسية لأرامكو، إضافة إلى تنويع مصادر الدخل الذي يشكل تحدياً «بالنظر إلى اعتمادنا على عوائد النفط مورداً رئيساً للدخل، وهو ما يحتم علينا تطوير صناعات وطنية ذات قيمة مضافة للمملكة، ولدينا ميزة تنافسية فيها، مثل البتروكيماويات والتعدين والصناعات التحويلية المعتمدة عليها».وأشار إلى أن أرامكو تسعى إلى البناء على هذه القاعدة الصلبة من خلال المساهمة في توسعة القاعدة الصناعية بإنشاء محور ثالث في رابغ، وتشجيع امتداد الصناعة البتروكيماوية إلى الصناعات التحويلية ذات القيمة المضافة. وأضاف أن النظر لمشروع بترورابغ يتم من خلال الفهم الدقيق لطبيعة العلاقة التكاملية بين طرفيه، الممثلَين بشركة سوميتومو كيميكال اليابانية وأرامكو السعودية. ووصف شركة سوميتومو كيميكال، بأنها إحدى الشركات العالمية الرائدة في مجال صناعة البتروكيماويات، وهي تشاطرنا اهتمامنا بنوعية مستقبل هذا القطاع. وتطرق إلى عدد من جوانب الحاضر والمستقبل في أرامكو السعودية. وهنا نص الحوار: النظر إلى مشروع شركة رابغ للتكرير والبتروكيماويات (بترورابغ) يبعدنا عن مفهومنا لأعمال أرامكو السعودية في المملكة، إذ نعرفها شركة متخصصة في التنقيب عن الزيت وإدارة شؤون النفط في البلاد، فما الذي يعنيه دخولها الآن على خط الصناعات البتروكيماوية؟ - نحن في أرامكو السعودية نعمل بشكل مستمر لتعزيز القيمة المضافة من صناعتنا في مجال الزيت والغاز. ومن أجل ذلك نطرق باب صناعة البتروكيماويات حين نجد فرصاً من شأنها تعزيز ربحية أعمالنا الأساسية. ومجال الصناعة البتروكيماوية يتكامل ويستفيد من تشغيل مرافقنا التكريرية، وهذا بدوره يعزز أداء تلك المرافق، بما يعود بالأثر الكبير على مجمل المشهد الاقتصادي للمملكة، سواء من ناحية توفير الفرص الوظيفية للشباب، أو من ناحية توفير فرص استثمارية مكملة لهذه المشاريع وبالتالي زيادة الدخل الوطني للمملكة، من خلال تحقيق القيمة المضافة لمنتجاتنا من النفط. ما قراءتكم الشخصية لأبعاد إطلاق مشروع بترورابغ، وارتباط هذا المشروع بعلاقة التعاون التي تجمع المملكة واليابان؟ - تعلمون أن هناك، بطبيعة الحال، علاقة اقتصادية عريضة ومتينة تجمع بين المملكة واليابان، وتمتد هذه العلاقة لأكثر من نصف قرن. ومن الأهمية بمكان أن ندشن نصف القرن الثاني من التعاون الثنائي بمشروع على هذا القدر من الحجم والتطور والأهمية، بل إنه يمكن النظر إلى مشروع بترورابغ على أنه صورة مصغرة للعلاقات بين الدولتين من حيث التكامل والتعاون والجمع بين نقاط القوة في الجانبين، ومن حيث الفهم الدقيق لطبيعة العلاقة التكاملية بين الطرفين ممثلين في سوميتومو كيميكال من جانب اليابان، وأرامكو السعودية من جانب المملكة. لماذا اختارت أرامكو السعوديّة شركة سوميتومو كيميكال اليابانية بالذات لتنفيذ وتشغيل هذا المشروع؟ - شركة سوميتومو كيميكال هي إحدى الشركات العالمية الرائدة في مجال صناعة البتروكيماويات، وهي كذلك تشاطرنا اهتمامنا بالاستثمار في هذا القطاع الواعد. وعلى هذا الأساس يمكن النظر إلى مشروع بترورابغ على أنه تزاوج بين نقاط القوة لكلتا الشركتين في مجال الإنتاج والتكرير ومعالجة البتروكيماويات وبيع وتسويق المنتجات. غير أنه وبالقدر نفسه من الأهمية، تنظر كل من سوميتومو كيميكال وأرامكو السعودية إلى مشروع بترورابغ على أنه حلقة أخرى ضمن سلسة المشاريع الضخمة التي يجري إنشاؤها للاستفادة من البترول في المملكة، وتحقيق القيمة المضافة القصوى. ومن المتوقع أن يتمخض عن هذا المشروع مزيد من الصناعات التي تحول المنتجات البتروكيماوية إلى منتجات نهائية، وهو ما يحقق مزيداً من القيمة المضافة من ثروات المملكة البترولية. هل لديكم النية في أرامكو لتأسيس مشاريع بتروكيماوية أخرى؟ - التنمية الاقتصادية في المملكة المبنية على مشاريع إنتاجية ذات اقتصادات متينة هي أحد الأهداف الرئيسية لأرامكو السعودية كشركة البترول الوطنية للمملكة، إضافة إلى تنويع مصادر الدخل الذي يشكل تحدياً بالنظر إلى اعتمادنا على عوائد النفط كمورد رئيس للدخل، وهو ما يحتم علينا تطوير صناعات وطنية ذات قيمة مضافة للمملكة، ولدينا ميزة تنافسية فيها، مثل البتروكيماويات والتعدين والصناعات التحويلية المعتمدة عليها. وكان تأسيس البنية التحتية لصناعة الغاز هو المنطلق لتحقيق هدف التنويع الاقتصادي، وتمثل جزء منه في بناء المدن الصناعية في الجبيل وينبع، إذ تمكنت المملكة من تأسيس صناعات كبرى في عدد من المجالات. ونسعى في أرامكو السعودية إلى البناء على هذه القاعدة الصلبة، من خلال المساهمة في توسعة القاعدة الصناعية بإنشاء محور ثالث هنا في رابغ، وكذلك بتشجيع امتداد الصناعة البتروكيماوية إلى الصناعات التحويلية ذات القيمة المضافة. وخلال السنوات الخمس المقبلة، ستقوم الشركة بزيادة إمدادات الغاز الطبيعي بأكثر من 30 في المئة، ليصل إلى ثمانية بلايين قدم مكعبة قياسية في اليوم، وكذلك زيادة إمدادات الإيثان وسائل الغاز الطبيعي، لتصل إلى بليون قدم مكعبة قياسية، و850 ألف برميل في اليوم على التوالي. وستعزز مثل هذه الزيادات من فرص إنشاء العديد من الصناعات البتروكيماوية وغيرها، كما ستخدم عدداً من وجوه التنمية في المملكة. هذه أستاذ خالد بشائر ممتازة للمستقبل، لكن سؤالي عن مشاريعكم الأخرى ضمن هذا التوجه على أرض الواقع هل يمكن أن تحدثونا عن بعض هذه المشاريع؟ - الحقيقة لدينا عدد من المشاريع، وأستطيع أن أذكر لك، على سبيل المثال، مبادرة أرامكو السعودية بتوقيع مذكرة تفاهم مع سوميتومو كيميكال لإنشاء مجمع بترورابغ - المرحلة الثانية، وهناك المشروع الضخم المقبل مع شركة داو كيميكال الأميركية لإنشاء مجمع صناعات بتروكيماوية في رأس تنورة، والذي يستهدف استثمارات تقارب عشرات البلايين من الريالات عند اكتماله، ولا تنتهي الاستثمارات عند سياج هذه المعامل الجديدة، بل تشمل كما ذكرت سابقاً الصناعات المكملة لها في رابغ ورأس تنورة، إذ سيشمل هذان المشروعان بناء مدن صناعية متكاملة لاستثمار القطاع الخاص في الصناعات التحويلية والمساندة. ننتقل الآن إلى الحديث عن دائرة تطوير الأعمال الجديدة التي أسستها الشركة في السنوات الأخيرة، هل وجود مثل هذه الإدارة يعني أننا سنرى طرح الشركة لمشاريع استثمارية ينفذها القطاع الخاص في المملكة؟ - إنشاء دائرة تطوير الأعمال الجديدة قبل سنوات قليلة، كما ذكرت في سؤالك، يأتي ضمن توجه الشركة الاستراتيجي، الذي يبنى عادة على ما يحدث من مستجدات ومتغيرات ترصدها الشركة وتستجيب لمعطياتها. أما مهام هذه الدائرة فتنحصر في النظر إلى المستقبل على أساس الابتكار، وتشجيع ودعم القطاع الخاص لإنشاء وتطوير الصناعات المتطورة ذات المردود المستقر، والتي لا تستهدف السوق المحلية فحسب، بل تهدف إلى تحويل المملكة إلى مصدر رئيس للمنتجات الاستهلاكية ذات القيمة المضافة. وقد تمكنا من بلورة عدد من المشاريع العملاقة واجتذاب استثمارات للمملكة ضمن شراكات عالمية تربو قيمتها على 200 بليون ريال، من بينها مشروع بترورابغ والشروع في إنشاء مصفاة للتصدير مع شركة توتال في الجبيل. كما تجري من خلال هذه الدائرة، دراسة مشروع مصفاة أخرى مع شركة كونوكو فيلبس في ينبع. ومن جهة ثانية، فقد قامت دائرة تطوير الأعمال الجديدة خلال السنوات الأخيرة بدور محوري في دعم القطاع الخاص في المملكة، من خلال إنشاء 70 مصنعاً باستثمارات تزيد على عشرة بلايين ريال، توفر 13000 فرصة وظيفية جديدة. وفي السياق نفسه، أطلقت الشركة أخيراً مبادرة جديدة لتطوير مجمع صناعي متكامل يحتضن العديد من مصانع المعدات والمواد المتعلقة بصناعة الزيت والغاز، إضافة إلى تأسيس شركات خدمات تتبع نموذج التجمعات الصناعية، إذ سيكون هناك فرصة لإنشاء 30 مصنعاً توفر خمسة آلاف وظيفة، بينما تقدر كلفة إنشاء هذه المصانع ب 20 بليون ريال. وما نسعى إليه هو أن تمهد مثل هذه الخطوات المهمة لبناء قاعدة صناعية صلبة في المملكة. دعني أسأل الآن عن موعد بدء تشغيل مصفاة التصدير في الجبيل؟ - أرست شركة أرامكو السعودية توتال للتكرير والبتركيماويات (ساتورب)، في نهاية الربع الثاني من هذا العام في الجبيل كل عقود الإنشاء لإنجاز مشروع المصفاة، الذي يمثل مرحلة مهمة من مراحل هذا المشروع بطاقة 400 ألف برميل في اليوم. وسيتم تشغيل المصفاة ذات القدرة التحويلية الكاملة بحلول النصف الثاني من عام 2013، لتبدأ بمعالجة الزيت الخام العربي الثقيل الذي تنتجه أرامكو السعودية، وإنتاج منتجات بترولية ذات مواصفات بيئية عالمية عالية الجودة ذات نسب منخفضة جداً من الكبريت. ماذا عن مشروع مصفاة التصدير في ينبع؟ - مشروع مصفاة التصدير في ينبع بطاقته الإنتاجية التي تقدر أيضاً، ب 400 ألف برميل في اليوم، سيمكننا من توفير إمدادات جديدة من المنتجات المكررة بأسعار تنافسية للمساعدة في تلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة. ويجري كذلك تصميم هذه المصفاة ذات القدرة التحويلية الكاملة لمعالجة الزيت الخام العربي الثقيل الذي تنتجه أرامكو السعودية، كما ستنتج المصفاة منتجات بترولية عالية الجودة تحتوي على نسب فائقة الانخفاض من الكبريت من شأنها أن تفي بالمواصفات الحالية والمستقبلية لهذه المنتجات. ومن المقرر أن يبدأ تشغيل المصفاة في الربع الثالث من عام 2014. هل هناك توجّه لفتح معاهد علمية متخصصة في صناعة البتروكيماويات لتغطية حاجة هذه الصناعات الدقيقة بكوادر فنية مؤهلة؟ - الحديث عن مبدأ الاستثمار في الطاقات البشرية المميزة فنياً لتغطية حاجات الصناعة النفطية وتطورها، يعود بنا إلى 76 عاماً مضت، فقد استثمرت الشركة بالفعل منذ تأسيسها في الأيدي العاملة الوطنية، وذلك عبر برنامجي التدريب والابتعاث الجامعي، فأنشأت منذ ذلك الوقت المبكر من تاريخها مراكز عدة للتدريب الصناعي في كل من المنطقة الشرقية والغربية. وخرجت تلك المراكز، بالتوازي مع برنامج الابتعاث الجامعي، الآلاف من الكوادر الوطنية القادرة على التعامل المميز مع صناعة الزيت والغاز في جميع مراحلها، بدءاً من التنقيب والاستكشاف، ومروراً بالتكرير والمعالجة، وانتهاءً بالشحن والتوزيع. كما رفدت أعمالها تلك عبر مخرجات تلك المراكز التدريبية بالآلاف من الطواقم المهنية في الخدمات المساندة بجميع أنواعها. ومع تطور حاجات الشركة وتنوع الأعمال والتخصصات، إضافة إلى تطور الصناعة النفطية ذاتها؛ أسست الشركة مراكز تدريب وأبحاث متخصصة في مستجدات التقنية، كما دخلت أرامكو السعودية في برامج شراكات تطويرية لكوادرها الوطنية الحالية والمستقبلية. بالمناسبة، هل تتعاونون في الوقت الحاضر في جانب التدريب مع مؤسسات محلية؟ - أرامكو السعودية عقدت شراكات مع الجامعات السعودية، ودعمت برامج تعليمية متخصصة، ومن ذلك على سبيل المثال، توقيعها اتفاقات دعم كراسي بحث علمية في جامعتي الملك فهد والملك سعود، والدخول في شراكة استراتيجية مع المؤسسة العامة للتدريب الفني والتقني. كما أعدت الشركة برنامجاً متخصصاً لبناء قاعدة متينة من الكوادر الوطنية المؤهلة قبل بدء تنفيذ مشروع بترورابغ وغيرها من المشاريع العملاقة المقبلة في الطريق، لتكون قادرة على تولي أعمال التشغيل والصيانة لهذه المشاريع.