وجّهت طهران ضربة أمس إلى موجة من التفاؤل سادت بعد الحديث الأميركي عن احتمال اجراء مفاوضات معها في مؤتمر شرم الشيخ. فقبيل وصول وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس أمس الى شرم الشيخ، عازمة على بدء حوار ولو متأخر مع ايران وسورية، بعد توصية الرئيس جورج بوش بالحزم حيالهما، أعلن الناطق باسم الحكومة الايرانية غلام حسين الهام"ان مسألة المفاوضات مع الولاياتالمتحدة ليست جدية"، فيما قال نائب وزير الخارجية مهدي مصطفوي إن طهران تستبعد"في هذه المرحلة"إمكان حصول حوار بين وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي ونظيرته الاميركية خلال مؤتمر شرم الشيخ، مشيراً الى ان طهران مستعدة"للمحادثات"وليس"للتفاوض"مع الولاياتالمتحدة. وقال مصطفوي:"ليس بإمكان الولاياتالمتحدة ان تظهر في مظهر العدو من جهة وان تقول انها تؤيد اجراء مفاوضات من جهة اخرى". واضاف:"ولكن في وسعنا اجراء محادثات تماماً كما أعلن الرئيس محمود احمدي نجاد عن استعداده لاجراء مناظرة تلفزيونية مع الرئيس الأميركي جورج بوش". وكان الهام حذر سابقاً من انه"طالما لم تعلن الولاياتالمتحدة التخلي عن توجهاتها ورؤيتها الشيطانية الاضطهادية، فإن المشاكل لن تحل". ويعقد المؤتمر الدولي حول العراق، الذي يشارك فيه رايس ومتقي، في الثالث والرابع من ايار مايو الحالي في شرم الشيخ بمصر بمشاركة دول جوار العراق ودول مجموعة الثماني والاتحاد الاوروبي والاممالمتحدة، يخصص رسمياً لبحث امن العراق وإعادة إعماره. غير ان احتمال حصول مناقشات بين رايس ونظيرها الايراني منوشهر متقي هو الذي يستقطب الاهتمام، حيث ستكون هذه اول محادثات سياسية على هذا المستوى بين البلدين منذ 27 عاماً. وأوصى بوش وزيرة خارجيته الاثنين باعتماد الحزم حيال متقي في حال اجراء محادثات معه. وقال خلال مؤتمر صحافي عقده اثر قمة مع القادة الاوروبيين:"لن تكون كوندي رايس فظة اذا التقت بوزير الخارجية الايراني ... انني واثق من انها ستكون مهذبة، ولكن حازمة في تذكير ممثل الحكومة الايرانية بأن ثمة طريقة افضل للشعب الايراني من أجل تحقيق تقدم". ولم تستبعد ادارة بوش ان تلتقي رايس ومتقي. لكنها أشارت الى ان المحادثات ستتمحور حول العراق. وقال بوش:"اذا حصل اللقاء فعلاً، فإن ذلك سيؤكد أنه اذا أرادت ايران اجراء مناقشات جدية مع الولاياتالمتحدة او غيرها، من واجبها التخلي عن برامجها لتخصيب اليورانيوم بطريقة يمكن التحقق منها. إذ ذاك نجلس الى الطاولة ذاتها مع شركائنا الأوروبيين وروسيا". وأوضح بوش، الذي صنف ايران في"محور الشر"، أن طهران مع السلاح النووي تشكل"تهديداً كبيراً للسلام في العالم". ووصف هذا الاحتمال بأنه"غير مقبول". وتابع انه تحدث عن الأزمة النووية الايرانية مع ضيوفه الاوروبيين، المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ورئيس المفوضية الاوروبية خوسيه مانويل باروسو. وفيما انتظرت ايران اللحظة الاخيرة لإعلان مشاركتها في المؤتمر، اكتفى المسؤولون الاميركيون حتى الآن ب"عدم استبعاد"حصول لقاء. ودعا الممثل الأعلى لسياسة الاتحاد الاوروبي الخارجية خافيير سولانا الولاياتالمتحدة الجمعة الى"فتح قناة تواصل"مع ايران حول جميع المواضيع بما فيها الملف النووي. وتم التطرق الى المسألة الاثنين في واشنطن خلال قمة أميركية - أوروبية، وأبدت رايس رغبة حقيقية في التحاور مع ايران، على ما افاد مصدر اوروبي شارك في القمة. وقال المصدر مبدياً ارتياحه"لن يكون هذا لقاء رسمياً بل اتصال اولي"، من دون أن يحدد ما اذا كانت رايس تعتزم طرح المسألة النووية مع متقي. ونفى مستشار رايس للشؤون العراقية ديفيد ساترفيلد ذلك، وقال للصحافيين انه اذا تم التطرق الى البرنامج النووي الايراني في شرم الشيخ فان رايس"ستحيل المسألة الى خافيير سولانا المؤهل"لمناقشتها. وأضاف"اننا مستعدون لما قد يحدث ويشكل حواراً مع ايران مفيداً عن العراق". وتابع:"نأمل قطعاً ان نرى من ايران عموماً خطوات ايجابية تضاهي أقوالها عن العراق. فايران تعلن انها تريد ان ترى عراقا مستقرا مسالما وذا سيادة داخل حدوده". الى ذلك، اعتبر السفير الاميركي في الاممالمتحدة والسفير السابق في بغداد زلماي خليل زاد ان لايران"دوراً مهماً للاضطلاع به من خلال تقديم دعم للحكومة"العراقية. واضاف ان واشنطن تأمل في الحصول على"تعاون طهران في دعم الحكومة ووقف دعم معارضي العراق الجديد". وسئل خليل زاد عن دور الاممالمتحدة في العراق، فاعتبر ان المنظمة الدولية"تستطيع القيام بمزيد من الامور". وقال انه سيناقش هذا الموضوع قريبا مع الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون. ولا يزال الجيش الاميركي يعتقل خمسة مسؤولين ايرانيين منذ توقيفهم في كانون الاول ديسمبر في اربيل بكرستان العرق شمال. وتؤكد ايران انهم ديبلوماسيون، فيما تتهمهم الولاياتالمتحدة بالانتماء الى قوة القدس في حرس الثورة. ومن المحتمل ان تتوجه الانظار ايضا في شرم الشيخ الى دولة اخرى تعتبرها الولاياتالمتحدة عدوة في الشرق الاوسط هي سورية، اذ لم تستبعد واشنطن ان تلتقي رايس نظيرها السوري وليد المعلم. وكانت جهات عدة داخل الولاياتالمتحدة تطالب منذ اشهر بفتح حوار مع النظامين اللذين يتهمهما بوش بمساندة المجموعات الارهابية في المنطقة وبزعزعة الاستقرار في العراق، وهو ما دعا اليه ايضا حلفاء واشنطن ولا سيما الاوروبيون.