لم تمنع اجراءات الأمن الصارمة خلال حكم النظام السابق مدينة العمارة 450 كلم جنوببغداد من أن تغدو ممرا رئيسيا لدخول المخدرات الى العراق عبر الاراضي الايرانية، في تصديرها الى خارج الحدود. وبعد الاحتلال تحولت الى معبر للمخدرات عبر ممر افغانستان - ايران الشهير وتوزيعها داخل المدن العراقية. وتؤكد مصادر أمنية في محافظة ميسان مركزها العمارة أن تهريب المخدرات مثل الافيون والحشيشة والهروين عبر المنافذ الحدودية مع إيران ما زال مستمراً، ويصعب السيطرة عليه وسط تنامي عصابات التهريب ونفوذها. وتشير تلك المصادر إلى أن شحنات كبيرة من المخدرات ربما تدخل الى العراق عبر إيران، ويتجه بعضها الى محافظة السماوة، غربا، لتنقل من هناك الى دول الخليج، فيما يستهلك تجار التجزئة في محافظاتجنوبالعراق والفرات الاوسط حصة متنامية من تلك التجارة. ويتهم بعض الاهالي القريبين من المنافذ الحدودية عناصر حرس الحدود الذين ينتمي معظمهم إلى أحزاب سياسية متنفذة بالتواطؤ مع تجار المخدرات الايرانيينوالعراقيين والعرب المعروفين باسمائهم لدى الاهالي والسلطات المحلية. وتؤكد تلك المصادر رافضة الإفصاح عن هويتها، خوفاً من الانتقام"ان هناك في كل يوم شحنات من المواد المخدرة تدخل عن طريق العمارة، ومعظمها يتم تهريبه إلى الكويت والسعودية، وهناك شخصيات حزبية كبيرة متورطة في تلك العمليات، كما أن هناك ضباطاً ورجال أمن يسهلون عبور تلك المخدرات بحجة أنها تذهب إلى دول أخرى، مقابل عمولات كبيرة". ولم تشهد العمارة اضطرابات سياسية او امنية كبيرة كما حدث في جارتها البصرة وكانت ثاني المدن التي سلم البريطانيون ملفها الأمني الى القوات العراقية، ويساعد انتشار المسطحات المائية الشاسعة الاهوار الممتدة عبر الاراضي العراقيةوالايرانية عصابات التهريب على توسيع نشاطها. وكانت منطقة الاهوار طوال سنوات حكم النظام العراقي السابق مركزاً لعمليات الاحزاب المعارضة، وأبرزها"فيلق بدر"الذي شكل وقتذاك قيادات ميدانية وفرض سيطرته على مساحة عشرات الاميال بين ايرانوالعراق. وتعد كربلاء شمال العمارة المحطة الثانية بعد السماوة في استقبال شحنات المخدرات. ويقول مصدر في شرطة المدينة إن"المحافظة شهدت بعد 9 نيسان ابريل 2003 إقبالاً واسعاً من الزوار العرب والأجانب، والقي القبض على أكثر من خمس عصابات متخصصة ببيع المخدرات، معظمها من إيران يساعدها عراقيون". وفي الأسبوع الأخير من آذار مارس الماضي تمكنت قوات الشرطة العراقية في كربلاء والديوانية والبصرة وديالى من ضبط مادة الحشيش والترياق مع زوار إيرانيين، فيما ألقت مديرية الشرطة في البصرة القبض على عصابة متخصصة ببيع المخدرات. ويعتقد عبد الحسين شارد، من الديوانية، وهو أحد المدمنين على المخدرات"بأن المخدرات خلصته من حال الإحباط التي عاناها عقب تخرجه في الجامعة حاصلاً على شهادة بكالوريوس في العلوم". وقد فشل في الحصول على عمل"ولم أجد سوى المخدرات ملجأ".