أكثر من ألف وأربعمائة وخمسين كيلومترا طول الشريط الحدودي الذي يربط بين العراقوإيران، وهي مسافة أعطت لإيران الحرية الكبيرة في التحكم بسياستها، خصوصا تلك التي تسعى من خلالها طهران إلى زعزعة السلم الاجتماعي للبلد، وكلما كثرت الممرات البرية باتجاه الأراضي العربية، كان طريق المشاريع الإيرانية باتجاه هذه الأراضي أكثر سهولة وخطورة. العراق البلد الأكثر تضررا من هذه المشاريع التي يراد من خلالها العودة بواقع البلد الفكري والاقتصادي، وأبرزها آفة إغراقه بأطنان من المخدرات عن طريق المنافذ البرية الرسمية منها وغير الرسمية. تحول العراق عبر ثلاثة منافذ جنوبية مع إيران الشلامجة بمحافظة البصرة، وزرباطية في واسط، والمنذرية في محافظة ديالى، تحول من بلد أبيض خال من المخدرات إلى ممر للتهريب والتعاطي، فبعد أن كان العراق بلدا للفكر والحضارات والثقافة أصبح دارا للعاطلين والفاسدين، والأمر الذي أسهم في انتعاش هذه السوق وغياب الرادع لها هو تشكيل القوى الحليفة لطهران في الداخل العراقي، والتي باتت بمثابة العكاز الذي تتعكز عليه إيران في نشر مشروعها المدمر، إذ تستهدف شباب الطائفة الشيعية في مناطق جنوبالعراق مستغلة حالة البؤس والبطالة وانعدام فرص العمل بما يتعارض مع شعارات الجمهورية الإسلامية، والتي تطلق على نفسها شعارات حامي حقوق الطائفة الشيعية والمدافع عنها في العالم، إذ تم إلقاء القبض خلال فترة زمنية قصيرة على ألف وأربعمائة وخمسين تاجر مخدرات، وسجل العام ألفين وسبع عشرة حالة إدمان على المخدرات احتلت فيها البصرة المرتبة الأولى، تليها العاصمة بغداد. طول الشريط الحدودي بين العراقوإيران وتنوع تضاريسه بالإضافة إلى ضعف الإمكانات العراقية في مراقبة الحدود المشتركة نقاط أحسنت إيران استغلالها لتصدير أبرز مشاكلها الداخلية، ولكون انشغال قوات الحدود العراقية عن الجانب الإيراني من أجل تأمين حدودها الأخرى خصوصا السورية لمنع تسلل تنظيم داعش وانشغالها مع الحرب ضد التنظيم أعطى لإيران السيادة على أكثر من خمسين بالمئة لانتشارها وسيطرتها على أغلب المناطق العراقية الحدودية. الأمر الذي مكنها من زعزعة الأمن في الداخل العراقي ومن قنوات عدة عدم ضبط الحدود العراقية مع إيران، خصوصا في محافظة البصرة، ما حوّل المدن الجنوبية إلى مخزن تصدير تستخدمه المافيات العالمية لتهريب وتصدير المخدرات، الأمر الذي أثر على المحافظة وجعلها تعيش تحت وطأة الاقتتال والمشاكل العشائرية، ولَم تكن المخدرات لوحدها التي تقوم بتهريبها إيران بل تسمح أيضا بتسلل المطلوبين أمنيا وقضائيا، إضافة إلى المتشددين من أكراد إيران بحسب تصريحات قادة أمنيين من إقليم كردستان. ملف آخر يضاف إلى ملف انفلات الحدود وهو تهريب البضائع الإيرانية التي لا تخضع للتقييس والسيطرة النوعية إلى السوق العراقية وإغراقها بالبضائع الردئية والتي لطالما يكون طريقها أخيراً إلى المحرقة. * كاتبة عراقية