دعا العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت إلى قبول مبادرة السلام العربية وتحديد جدول زمني لبدء مفاوضات شاملة، محذراً من أن "عامل الوقت ليس في صالح الفلسطينيين والإسرائيليين"، فيما دعا أولمرت الزعماء العرب إلى لقائه في مؤتمر للسلام تستضيفه عمان، كما نفى اعتزام حكومته بناء مستوطنات جديدة في الأراضي الفلسطينية. وقالت مصادر أردنية رسمية ل"الحياة"إن"الملك أسمع أولمرت كلاماً قاسياً"خلال اجتماعهما الذي استمر ساعة في العقبة أمس، وطالبه"بإجراءت لبناء الثقة مع العرب وليس الاستمرار في بناء المستوطنات". وأضافت أن رئيس الوزراء الإسرائيلي"وعد بحل قضية الأسرى والسجناء الاردنيين في أقرب وقت ممكن". وأعلن الديوان الملكي في بيان أمس إن الملك عبدالله الثاني طالب أولمرت"بضرورة اتخاذ خطوات عملية للتمهيد لإعادة إطلاق عملية السلام واستئناف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني". ودعاه إلى"وقف أي إجراءات تصعيدية في الأراضي الفلسطينية، خصوصاً الحفريات في مدينة القدس التي تستفز مشاعر المسلمين في أرجاء العالم كافة". وشدد على ضرورة التوصل إلى"اتفاق على وضع إطار زمني محدد لتطبيق المبادرة العربية خلال فترة قريبة، والدخول في مفاوضات تعالج كل القضايا العالقة وصولاً إلى تسوية سياسية شاملة تنتقل بالمنطقة إلى مرحلة جديدة من التعايش المشترك والأمن والاستقرار". وطلب من أولمرت"التحرك في شكل عاجل وجاد لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني المستمرة منذ ستين عاماً جراء تواصل الاحتلال". وأكد"ضرورة استئناف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني"، داعياً إلى"رفع الحصار عن الفلسطينيين ووقف الإجراءات الأحادية ضدهم وإزالة نقاط التفتيش التي تشكل انتهاكاً صارخاً لحقوقهم". وأشار إلى"ضرورة أن تفرج إسرائيل عن الأموال الفلسطينية المحتجزة لديها حتى تبرهن على رغبتها الحقيقية في السلام ودعم السلطة الوطنية الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس". ونقل البيان عن أولمرت تعهده"أنه سيتعامل بكل مرونة مع الرئيس الفلسطيني لبحث القضايا العالقة بين الجانبين، خصوصاً ما يتصل بالأموال الفلسطينية المحتجزة لدى إسرائيل والتخفيف من إجراءات التضييق عليهم". وأضاف البيان أن رئيس الحكومة الإسرائيلية"أكد أن لا صحة إطلاقاً للتقارير التي تتحدث عن عملية بناء مستوطنات جديدة أو توسعة للمستوطنات القائمة حالياً، موضحا أنه لا توجد لديهم أي خطط لبناء مستوطنات جديدة". وفي غضون ذلك، وجه أولمرت أمس دعوة إلى الزعماء العرب للاجتماع إليه في مؤتمر سلام اقترح عقده في العاصمة الأردنية للتحاور في شأن عملية السلام. وقال خلال جلسة حوارية في"مؤتمر البتراء الثالث للحائزين على جائزة نوبل"الذي بدأ أمس تحت رعاية العاهل الاردني:"أدعو 22 زعيماً عربياً إلى الجلوس معي إذا كانوا مستعدين للسلام ... ليست لدينا شروطاً مسبقة للجلوس معهم، ونريد منهم أن لا تكون لديهم شروط مسبقة". ووصف المبادرة العربية بأنها"جهد متميز، وأنا جاهز للقاء القادة العرب في مؤتمر دولي يعقد في عمان". وأضاف:"إذا كان لدى القادة العرب مشكلة في الحضور إلى مكان ما، فليدعونني وسأحضر إليهم في أي مكان يريدون لسماع أفكارهم والتحاور معهم من دون شروط مسبقة. نحن نقبل بحل الدولتين, إسرائيلية تعيش بسلام إلى جانب دولة فلسطينية". إلا أنه استدرك قائلاً:"غير أننا ما زلنا نعاني الإرهاب في حياتنا، ولا يزال الفلسطينيون يطلقون الصواريخ من غزة"، مجددا استعداده التعامل مع حركة"حماس"شرط"تخليها عن ممارسة الإرهاب". وحمل أولمرت"حزب الله"مسؤولية الحرب الأخيرة على لبنان. وقال"إنهم خطفوا جنودنا ولم يستجيبوا للدعوات الانسانية لإطلاق سراحهم". وأضاف أن إسرائيل تعلمت من هذه الحرب"أن تبقي عيونها مفتوحة ولا تتجنب النظر إلى الحقائق". ويشارك عدد من الشباب الأردني والفلسطيني والإسرائيلي في المؤتمر الذي شارك فيه 44 مفكراً من الحائزين على جائزة نوبل، إضافة إلى قيادات سياسية عالمية. وطالب الملك عبدالله الثاني في كلمة أمام المؤتمر أطراف النزاع العربي - الاسرائيلي"بتجاوز عوامل الفرقة بالتشارك في التنمية وبناء الاقتصاد". وتساءل:"ماذا لو تمكّنا، فرداً لفرد، من إيجاد منطقة يعمّها السلام لتجسيد موروث منطقتنا في التعايش المشترك والمسؤولية الاجتماعية؟". وشدد على أهمية التركيز على مستقبل الأجيال الشابّة في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن"بمقدور هذه الاجيال تغيير الوقائع إذا تجاوزت عوامل الفُرقة، واتفقت على أسس العدالة، وشاركت بعضها بعضاً في التقدم". وأضاف:"بهذه الصورة يمكن للنزاع أن يصبح فصلاً في كتب التاريخ... والإسرائيليون والفلسطينيون والأردنيون والآخرون يمكنهم العمل معاً على إنهاء الفقر والحفاظ على الموارد وحماية الأطفال".