اجرى العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني محادثات في عمان امس مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت وصفت"بالجادة والمفصلية"وأجرى اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبلغه خلاله بنتائج زيارة اولمرت ووجه له الدعوة مع رئيس وزرائه اسماعيل هنية لاجراء حوارات في عمان الاسبوع المقبل بهدف انقاذ الوضع الفلسطيني المتدهور. وكان اولمرت وصل عمان امس في زيارة رتبت منذ ثلاثة ايام بناء على دعوة اردنية وكان من المفترض ان تكون الزيارة سرية الا ان الديوان الملكي أعلن عنها في بيان رسمي بعد مغادرة اولمرت. وتوقع مصدر رسمي أردني ان ترسم هذه الزيارة مستقبل القضية الفلسطينية التي يعتقد العاهل الاردني انها على مفترق طرق خلال اشهر قليلة وقال مصدر رسمي في الديوان الملكي ل"الحياة":"سمعنا توجهاً اسرائيلياً لاطلاق عملية السلام ولم يرفضوا دعوتنا". وسعى العاهل الاردني في لقائه مع اولمرت لساعتين الى تحديد الموقف الاسرائيلي من عملية السلام ومبدأ اقامة الدولة الفلسطينية بشكل واضح وتفصيلي على قاعدة اجابة اولمرت مباشرة عن اسئلة كانت عمان ارسلتها الى تل ابيب لاستطلاع الموقف الاسرائيلي النهائي. وحسب المصادر الاردنية المطلعة فإن العاهل الاردني وجه أراد أن يعرف من اولمرت المدى الذي يمكن ان تذهب اليه الحكومة الاسرائيلية في اقامة الدولة الفلسطينية وحدودها والخطوات التي تسبقها مثل الانسحاب من المدن الفلسطينية والعودة الى حدود 28 آب اغسطس 2000 وفك الحصار ووقف سياسة الاغتيالات واعادة مبلغ 550 مليون دولار من الاموال الفلسطينية التي تحتجزها اسرائيل. ولم تخف المصادر الاردنية التي تحدثت ل"الحياة"عن"تهديد اردني مباشر سمعه اولمرت في عمان بتغيير الاستراتيجية الاردنية تجاه اسرائيل اذا ما بقيت تعطل عملية السلام وترفض المبادرة العربية وحل الدولتين". وأجرى العاهل الاردني اتصالاً هاتفياً مع رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس وضعه خلاله بصورة محادثاته مع اولمرت وتناول معه التطورات التي تشهدها الساحة الفلسطينية ووجه له دعوة لزيارة عمان الاسبوع المقبل برفقة رئيس الوزراء اسماعيل هنية. وشدد بيان الديوان الملكي على ان الملك عبدالله الثاني أبلغ اولمرت بضرورة"أن يقوم الإسرائيليون بالدخول في مفاوضات مع الفلسطينيين لإيجاد أرضية مشتركة مناسبة لإطلاق عملية السلام مجدداً". وأكد العاهل الاردني أن"مفتاح الحل للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي لن يكون إلا من خلال ترسيخ القناعة لدى الطرفين بأنهما شريكان في عملية لن تؤتي ثمارها إلا عبر طاولة المفاوضات وتنفيذ الالتزامات الدولية وصولاً إلى تسوية دائمة ترتضيها الأجيال المقبلة وتدافع عنها". وحذر العاهل الاردني اولمرت من"إضاعة الوقت في إلقاء اللوم وتبادل الاتهامات بين الفترة والأخرى والتردد في اتخاذ إجراءات تعزز من فرص السلام ما سيدخل المنطقة في دوامة من العنف سيدفع ثمنها الجميع". وأضاف:"ان شعوب المنطقة قد سئمت الانتظار والانتقال من مؤتمر سلام إلى آخر تحت مختلف التسميات من دون إحراز نتائج على الأرض"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن"سياسة الحلول الأحادية الجانب وفرض الأمر الواقع على الأرض قد أثبتت فشلها". ودعا العاهل الاردني الى أن تكون"العودة للمفاوضات نابعة من يقين الطرفين بأن عليهما الوصول إلى حل يحقق تطلعات شعبيهما في العيش بأمن وسلام"، مضيفاً:"إذا توصل الفلسطينيون والإسرائيليون لهذه القناعة، فإن المجتمع الدولي سيقف إلى جانبهما لتقديم كل مساعدة ممكنة". وفي اشارة الى التصريحات الاسرائيلية المتكررة بعدم وجود شريك فلسطيني وجه العاهل الاردني كلامه الى اولمرت قائلاً:"لن يكون هناك شريك فلسطيني قوي ما لم يكن هناك دعم جدي من قبل إسرائيل ومساندة من الأسرة الدولية". وحذر العاهل الاردني:"الجميع في المنطقة سيخسر إذا لم يتم التوصل إلى حل قريب للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي"، مبيناً أن حل الدولتين يجب أن يشكل الأساس لأي تحرك مستقبلي لإحياء التفاوض باعتباره الحل المنطقي لتلبية تطلعات الفلسطينيين في إنشاء دولة مستقلة ذات سيادة وتحقيق الأمن والاستقرار للإسرائيليين. كما دعا إسرائيل إلى النظر بجدية وبإيجابية للمبادرة العربية للسلام التي وصفها بأنها تشكل أرضية مناسبة لحل الصراع العربي - الإسرائيلي على مختلف الجبهات. من جانبه، استعرض أولمرت الخطوات التي يمكن لإسرائيل القيام بها في المستقبل القريب لإطلاق عملية السلام مجددا مع الفلسطينيين. وقال ان الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بحاجة اليوم لوقوف المجتمع الدولي معهما لتحقيق السلام أكثر من أي وقت مضى. واكد مصدر أردني ل"الحياة"ان اولمرت وعد بايجاد حل لقضية الأسرى الاردنيين في السجون الاسرائيلية وخصوصاً الأربعة المحتجزين قبل توقيع اتفاق وادي عربة.