شهدت العلاقات الروسية الأستونية النكسة الأسوأ منذ انفصال جمهوريات دول البلطيق عن الاتحاد السوفياتي في التسعينات من القرن العشرين، ونتجت من إزالة السلطات الأستونية ليل الخميس - الجمعة تمثالاً في ساحة وسط العاصمة تالين حيث يرقد 13 جندياً سوفياتياً ساهموا في تحرير أستونيا من القوات النازية عام 1945 ويرمز إلى النصر على الفاشية، في وقت تستعد روسيا لإحياء الذكرى ال62 لهذا الانتصار في التاسع من أيار مايو المقبل، علماً أنها أعلنت سابقاً أن رئيس الوزراء الأستوني تعهد أن التمثال لن يُزال قبل يوم النصر. وقمعت السلطات الأستونية مئات المتظاهرين الروس الذين تجمعوا في ساحة تالين للاعتراض على قرار إزالة التمثال وتعطيلها، ما أسفر عن مقتل شخص وجرح عشرات واعتقال مئات. وتواصلت التظاهرات أمس عبر تجمع مئات من تلاميذ المدارس الروسية في تالين. وحاولت الشرطة منعهم واعتقلت بعضهم لفترة. وفيما اتسمت علاقات لاتفيا وليتوانيا وأستونيا مع روسيا دائماً بالفتور بسبب مشاكل كثيرة أهمها الخلاف على ترسيم الحدود مع محافظة كاليننغراد، وحرمان السكان الناطقين بالروسية في هذه الدول من الحقوق المدنية والثقافية، هدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن بلاده ستتخذ خطوات جادة في حال أزالت التمثال"لكن من دون انفعال عبر درس عدد من الخيارات الجادة". وتصاعدت الأصوات في موسكو للمطالبة برد قوي على خطوة أستو نيا. وتبنى المجلس الفيديرالي بالإجماع قراراً ناشد الرئيس فلاديمير بوتين بقطع العلاقات الديبلوماسية مع أستونيا. واستنكر رئيس المجلس سيرغي ميرونوف التصرف واعتبره استهزاءً بالموتى واستخفافاً بانتصارات الحرب العالمية الثانية، داعياً الرئيس بوتين إلى اتخاذ العقوبات الأقسى في حق الدولة البلطيقية. بدوره، حض البرلمان الروسي الدوما الحكومة على اتخاذ إجراءات عقابية عاجلة في مجالات النقل والطاقة والمعاملات المالية بعد تصرفات تالين"المنافية للأخلاق"، واستدعاء السفير الروسي من تالين للتشاور. وتواصلت الاحتجاجات الشعبية على خطوة أستونيا. وتجمع مئات من مناصري المنظمات الشبابية أمام السفارة الأستونية في موسكو، مؤكدين أن كثيرين سيلتحقون بهم من المدن الأخرى. وأعلنوا اعتصاماً مفتوحاً فيما تشهد الأسواق الروسية حملات لمقاطعة البضائع الأستونية، علماً أن حجم الصادرات الأستونية إلى موسكو تمثل نسبة 10 في المئة من صادراتها إلى العالم. وكان نائب رئيس الوزراء الروسي سيرغي إيفانوف أطلق هذه الدعوة سابقاً للضغط على تالين، وإجبارها على التراجع عن خطوتها. وداخل السفارة الأستونية التي فرضت عليها قوات الأمن الروسية حماية مشددة، استنكرت السفيرة الأستونية رد الفعل المبالغ به في شأن قضية إزالة التمثال، وأكدت أن أستونيا دولة مستقلة وتمارس حريتها بمقتضى القانون الدولي، معتبرة أنه لا مبرر لممارسة ضغوط على بلادها"لأننا لن نرضخ للتهديدات ولن نلتفت للاستفزازات الروسية، ما دمنا نمارس حقنا السيادي على أرضنا".